في مثل هذا اليوم (15 يونيو) من سنة 2019، غادر ما مجموعه 8.544 مسافرا و1.934 مركبة، سبعة موانئ إسبانية في اتجاه المغرب، في إطار عملية "مرحبا" التي يجري تنظيمها منذ 1987 بتنسيق وتعاون بين المغرب وإسبانيا لفائدة الجالية المغربية المقيمة بأوروبا. هذه الأعداد من المسافرين لن نراها اليوم، ولن نرى أيضا تلك الطوابير من السيارات المرقمة بالخارج وهي تغادر ميناء طنجة المتوسطي نحو باقي مدن المملكة التي يتحدر منها المهاجرون المغاربة من أجل قضاء عطلة الصيف. كما لن نرى في الأيام القليلة المقبلة أبنائهم يملؤون بمرحهم وشغبهم الطفولي باحات الاستراحة على طول الطريق السيار، فرحا بمعانقتهم لأرض الوطن. فهل سيوقف فيروس كورونا عملية "عبور" لهذا الصيف، بعدما ظلت سارية لأزيد من 32 عاما؟ لا شيء يلوح في الأفق بخصوص تنظيم هذه العملية في الأيام المقبلة، على الأقل قبل أن تقرر الحكومة المغربية تاريخ فتح حدودها البحرية مع إسبانيا، التي تم إغلاقها في وجه المسافرين منذ نحو 3 أشهر، كإجراء احترازي للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد. فبينما أعلنت إسبانيا أنها سترفع بشكل عام القيود المفروضة على مراقبة الحدود في الفاتح من يوليوز المقبل، التي وضعتها منذ 23 مارس الماضي، لم يحدد المغرب حتى الآن أي موعد لإعادة فتح حدوده. ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أكد منذ أسبوع تقريبا أمام مجلس المستشارين، أن تاريخ فتح الحدود المغربية لا يزال غير محدد، وبالتالي فإن عملية عودة المغاربة المقيمين في الخارج، بالشكل المتعارف عليه سنويا، غير موجودة، خصوصا أنها لم تبدأ في الموعد السنوي المحدد لها في 4 يونيو. يذكر أن النقاش حول عملية مرحبا، بدأ في الحكومة الإسبانية، الأسبوع الجاري، حيث طالب حاكم إقليم الأندلس بإلغائها، بسبب مخاوف صحية، إلا أن الحكومة الإسبانية أجلت اتخاذ القرار النهائي إلى وقت آخر. من جهته، قال خوسيه إغناسيو لاندالوس، عضو مجلس الشيوخ وعمدة الجزيرة الخضراء، لجريدة "إل إنديبينديانتي" (المستقل): "إذا كنا لا نعرف متى سيفتح المغرب حدوده، فلا يمكننا اتخاذ القرارات النهائية بخصوص عملية عبور". وكان عمدة مدينة الجزيرة الخضراء حضر اجتماعا أوليا لمناقشة عملية عبور المضيق لسنة 2020، على أمل أن المغرب سوف يحدد تاريخا معينا لفتح الحدود، إلا أنه قال بعد ذلك للصحيفة المذكورة، إن الأمر ما جال يلفه الغموض، موضحا أن عودة المهاجرين المغاربة إلى ديارهم كانت دائما تمر في ظروف متميزة، لكن هذا العام تواجهنا صعوبات في ما يخص الاحتياطات التي يجب اتخاذها لتجنب احتمال انتقال عدوى "كوفيد 19" في أوساط المسافرين والعاملين بالبواخر والموانئ. كما تساءل ما إذا كانت الحكومة الاسبانية ستهيأ مستشفى بالجزيرة الخضراء لاستقبال الأشخاص المحتمل إصابتهم بفيروس كورونا، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه يجهل أيضا أي نوع من التدابير سيتم اتخاذها للكشف عن المصابين المحتملين. وكانت عملية مرحبا لسنة 2019 عرفت خلال الفترة الممتدة ما بين 5 يونيو وفاتح شتنبر 2019، عبور 2.5 مليون مسافر و600 ألف عربة في الاتجاهين، عبر الموانئ الأربعة (طنجة المتوسط، وطنجةالمدينة، والناظور، والحسيمة)، بحسب معطيات أعلنتها في حينها وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، وهي عملية ضخمة كانت ستشكل هذه السنة لو تمت في وقتها، فرصة ذهبية للمغرب لإنعاش عدد من القطاعات التجارية والخدماتية المتضررة من تبعات جائحة فيروس كورونا المستجد.