بعد ظهور فيروس كورونا في عدد من دول العالم سجل العلماء والخبراء البيئيون عدة ملاحظات من قبيل أن البيئة باتت هي الرابح الأكبر من الجائحة، وتوالت الكتابات من طرف خبراء في مجال البيئة. ومن بين هؤلاء المهتمين حمزة ودغيري، خبير بيئي مغربي، ورئيس شبكة العمل المناخي في العالم العربي، الذي طرح سؤالا هل سترفع أزمة كورونا سقف التأهب لأثار التغير المناخي؟ قائلا"أكدت لنا الأزمة التي نمر بها الآن- "تفشي فيروس الكورونا"- أن الأنظمة المختلفة الحالية هشة، وغير قادرة على مواجهة حالات الطوارئ، فسرعان ما فرض انتشار المرض نفسه سواء على البشرية،أو على كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بل أن مكاسب التنمية كذلك تأثر بشكل غير مباشر، حيث أنه لم يفرق بين الدول المتقدمة ولا الفقيرة كذلك". وأفاد ودغيري، "رغم أن جميع التكهنات تقول إن أزمة كورونا "مؤقتة"، ومن المتوقع أن تكون تداعياتها ذات تأثير مؤقت كذلك ولو بشكل متفاوت، فالدول المتقدمة ستستطيع تفادي النتائج الاقتصادية المستقبلية للوباء، بالمقابل لن يكون هناك متسع للبلدان الفقيرة التي تتصف اقتصاداتها بالهشاشة أن تتجنب تبعاته"، وهذا، يقول "يجعلنا نطرح سؤال حول "ما مدى قدرة العالم الذي دق مؤخرا ناقوس الطوارئ المناخية في مواجهة تبعات ظاهرة الاحتباس الحراري، الموجودة منذ سنوات، والتي تزداد حدتها بوثيرة متسارعة؟ وأضاف رئيس شبكة العمل المناخي، أنه على العالم اليوم أن يستفيد من هذه اللحظات الحرجة، ويعيد حساباته في بناء قدرته على التصدي والصمود في مواجهة السناريوهات الكارثية، التي قد تنتج عن المشاكل القائمة منذ سنوات جراء "تغير المناخ"، و"تدهور البيئة الطبيعية"، فالتمادي في "اللامبالاة،" وعدم توقف"انبعاثات غازات الدفيئة" على الصعيد العالمي ثم الإسراع بتخفيضها، والحد من الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية،ستجعل عملية التكيف مع تغير المناخ تحديا لا نهاية له، وربما ضربا من المحال. ويقول المتحدث نفسه، إن سيناريوهات تداعيات الأزمة المناخية، قد تقضي على المكاسب التي جرى تحقيقها بشق الأنفس، على مدى العقود الماضية لتلبية احتياجات التنمية المستدامة في العالم، فلا أحد اليوم يمكنه التنبؤ بالظواهر المناخية القصوى، وانتكاساتها، وسبل تأقلم المجتمعات معها، فالأبحاث والدراسات العلمية المنجزة في هذا المجال، والتقارير الدولية، جلها تتحدث عن توقعات بتهديدات حقيقية للإنسان، والمنظومات البيئية،وكذلك بازدياد معدلات الجفاف، وندرة المياه، واتساع رقعة التصحر، واشتداد حدة العواصف، وتكرار مشهد الفيضانات، وذوبانالجليد، فضلا عن تمدد مياه البحار والمحيطات وارتفاع مستواها، وغرق الجزر، والشواطئ، والأراضي المنخفضة ذات الكثافة السكانية العالية، والدول الجزرية الصغيرة. كل هذا يقول ودغيري لا محال سينعكس بشكل مباشر على جودة المياه ونقص الأغدية، وظهور أزمات صحية، وتفاقم الفقر والهجرة، وإثقال كاهل المجتمعات المهمشة والضعيفة بمصاعب إضافية، وتقويض سبل معيشتهم، وستعرض حياة البشرية للخطر، وتعرضهم للموت أو للإصابة بالأمراض المختلفة الناتجةعن الارتفاع الشديد في الحرارة، أو حالات البرودة الحادة، وسوء التغذية. وختم الخبير البيئي متسائلا "هل المجتمع الدولي سيتعلم من الدرس القاسي لتفشي جائحة كورونا، ويسارع الزمن باتخاذ إجراءات مستعجلة، والرفع من سقف التأهب لأثار التغير المناخي لمواجهة هذا الواقع الملموس؟