تواصل لجنة تفتيش مكلفة بالتعمير تابعة للمصالح المركزية لوزارة الداخلية، التي حلت بداية شهر يناير الجاري بولاية جهة مراكشآسفي، مهمتها الرقابية التي جاءت من أجلها للوقوف على الاختلالات المفترضة في قطاع التعمير بالمدينة والجماعات الترابية المحيطة بها التابعة لعمالة مراكش. وحسب مصادر مطلعة، فإن اللجنة المركزية التي كانت مرفوقة بمدير قسم التعمير بولاية الجهة، ومجموعة من المسؤولين، انتقلت يوم الأربعاء الماضي، إلى ساحة جامع الفناء التاريخية القلب النابض لمدينة مراكش، لرصد الاختلالات التي تشوب فضاءات وأسطح العديد من المقاهي والمطاعم، واستفحال الاستغلاليات العشوائية بالمدينة العتيقة، وتجاوز العديد من البنايات المرخص لها للعلو المسموح به. وكان كريم قسي لحلو والي جهة مراكشآسفي، أصدر قبل يوم من انتقال اللجنة المركزية التابعة للمفتشية العامة لوزارة الداخلية لساحة جامع الفناء، أصدر قرارا يقضي بسحب رخصة بناء مركب تجاري بالساحة التاريخية، بسبب خرقه لميثاق الهندسة المعمارية للمدينة العتيقة لمراكش، تزامنا مع إطلاق مشروع تهيئة ساحة جامع الفنا بتكلفة مالية تصل إلى حوالي 4 مليار سنتيم، والذي يهم أشغال الإنارة و التبليط وتهيئة الواجهات والأسطح،وهو المشروع الذي يدخل في إطار المشروع الملكي لتأهيل المدينة العتيقة بمراكش. وأثار قرار والي جهة مراكش، جدلا في أوساط متتبعي الشأن المحلي والمهتمين بالآثار والمباني التاريخية، خاصة أن العديد من البنايات العمومية والخاصة تم تشييدها بالمدينة العتيقة، في خرق واضح لميثاق الهندسة المعمارية للمدينة العتيقة، سواء من حيث تجاوزها للعلو المسموح به و المحدد في سبعة أمتار ونصف المتر،واستعمال الإسمنت المسلح في بنائها،من قبيل مقهى ومطعم مجاور للمركب التجاري السالف ذكره، وهو المقهى الذي لا يحترم بدوره ضوابط الهندسة المعمارية للمدينة العتيقة،من حيث إحداثه لطابق تحت أرضي،و عدم التزامه بالمقتضيات والتدابير التقنية المحددة لأشكال الواجهة والأبواب، ومصحة خاصة ب"باب تاغزوت"،التي يصل علوها إلى حوالي 16 مترا،و مقهى "أركَانة" بساحة جامع الفنا التي تم التغاضي عن تجاوزها للعلو القانوني وإحداث طابق تحت أرضي بها. وشهدت الدورة التاسعة عشر لمجلس الوكالة الحضرية لمراكش، نهاية شهر أبريل الماضي، التوقيع على اتفاقية إعداد ميثاق الهندسة المعمارية للمدينة العتيقة لمراكش،، بين بلدية مراكش وجماعة المشور القصبة ومقاطعة مراكشالمدينة،والوكالة الحضرية للمدينة، بهدف الحفاظ على الخصوصيات المعمارية والعمرانية الأصيلة للمدينة العتيقة وتثمين العناصر الهندسية المحلية، وهو الميثاق الذي تقرر بأن يشكل دليلا مرجعيا وتوجيهيا يوضع رهن إشارة جميع المتدخلين والفاعلين، قصد أخذه بعين الاعتبار أثناء إنجاز التصاميم المعمارية للبنايات و القيام بعمليات التهيئة والترميم بالمدينة القديمة. من جهة أخرى، دشنت اللجنة المركزية السالف ذكرها، تحقيقاتها الأولية بخصوص الاختلالات والتجاوزات التي يعرفها قطاع التعمير بالجماعات الترابية التابعة لنفوذ عمالة مراكش، بجولات ميدانية للوقوف على حجم اتساع البنايات العشوائية التي استفحلت بشكل كبير بعدد من الجماعات الترابية من ضمنها الجماعة القروية سعادة والتي عرفت خلال السنوات الأخيرة طفرة في تناسل دواوير بأكملها، مع استفسار بعض الساكنة حول ظروف انتقالهم لهذه التجمعات السكنية، ومساءلة بعض ممثلي السلطات المحلية وأعوانهم، في أفق انجاز تقارير في الموضوع، قبل عرضها على وزير الداخلية، من أجل تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات. وحسب مصادر "الصحراء المغربية"، فإن عناصر اللجنة التابعة للمفتشية العامة لوزارة الداخلية، قاموا بزيارات ميدانية بعدد من الجماعات المعنية للوقوف على التفاصيل والوقائع، واستجلاء حقيقة الأمور فيما يجري ويدور في هذا الإطار، من قبيل الجماعات القروية السويهلة، ايت ايمور، أكفاي ،بالإضافة إلى جماعتي تسلطانت وحربيل، وشرعوا في استفسار ومساءلة مسؤوليها المحليين من باشوات وقياد دون أن تخطيء البوصلة جميع المقدمين والشيوخ من أعوان السلطة وعيونها، ما جعل العديد من المسؤولين الترابيين وأعوان السلطات بهذه الجماعات يضعون أيديهم على قلوبهم، في انتظار ما ستنتهي إليه عناصر اللجنة المركزية من معطيات وحقائق، قد تعصف ببعض الرؤوس وتضع بعضها الآخر في دائرة المساءلة. وأضافت المصادر نفسها، أن عناصر اللجنة انتقلت كذلك إلى دوار الكومي باعتباره المشروع الاجتماعي الذي تم تدشينه في إطار مشاريع القضاء على السكن غير اللائق، والذي أشهره المعنيون في وجه رجال وزير الداخلية، وكيف حولته لوبيات العقار إلى مشتل لتفريخ وإنجاز العديد من البنايات العشوائية والتي كانت آنذاك قائمة على قدم وساق.