حذا الفريق الاشتراكي حذوه وقرر هو الآخر التقدم بتعديلاته منفردا، بينما حافظ فريقا الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري على تحالفهما وتقدما بتعديلات مشتركة. وتسبب تفكك المعارضة في إضفاء الدفء على مناقشة تعديلات الفرق النيابية بلجنة المالية، أمس الأربعاء، على مشروع قانون المالية، إذ غابت التشنجات، التي تميزت بها مناقشة مشاريع قوانين المالية للسنوات الثلاث الماضية، مع وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد. وبدا التقارب بين نواب فريق العدالة والتنمية ونواب الفريق الاستقلالي جليا بفعل دعم بعضهما البعض، إذ تقدما بتعديلات متشابهة تقريبا، وهو ما جعلهم يصطفون في صف واحد، نتج عنه قبول الحكومة لتعديل تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية المتعلق بالمادة 4 من مشروع قانون المالية المتعلق باستيفاء الرسوم الخاصة بمادة الزبدة، وقال بوسعيد، في جوابه عن مقترح التعديل المقبول إن "الرسم على الزبدة هو صفر درهم"، موافقا على التعديل. كما قبلت الحكومة تعديلا آخر تقدم به الفريق الاستقلالي وفرق الأغلبية الحكومية، يتعلق بحذف الرسوم الجمركية على المواد النفطية، إذ طالب عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، في دفاعه عن التعديل، الحكومة باستيفاء الرسوم على المواد النفطية، وقال إن "الدولة قوية بالاحتياطي الذي تتوفر عليه من المحروقات، وهو الذي جعلها في موقع قوة مع شركة لاسامير"، مطالبا بحذف الرسم الذي جاءت به الحكومة "حتى لا تقدم الشركات المستوردة للمواد النفطية بأي زيادة على المواطنين بمبرر أن الدولة هي التي فرضت تلك الزيادة". وفي رده على التعديل قال بوسعيد إن "هناك أكثر من 90 في المائة من المواد المكررة تدخل بصفر في المائة، ولاعتبارات تقبل الحكومة التعديل درءا لأي تفسير مغلوط"، وبالتالي، حذفت المادة الخامسة نهائيا من المشروع. المرونة نفسها أبداها بوسعيد مع تعديل آخر يتعلق بالمادة السادسة من المشروع، التي تخص الرفع من الرسوم على التبغ المقطع والملفوف، الذي تقدمت به فرق الأغلبية والفريق الاستقلالي والفريق الاشتراكي، إذ برر مصطفى حنين، عضو الفريق الاستقلالي، أن التعديل قدم بمبرر الحفاظ على صحة المواطنين وخصوصا الشباب المراهقين، وقال إن "الرفع من الضرائب الداخلية على التبغ سيكون له أثر إيجابي على صحة المواطنين". وهو ما قبلته الحكومة لترفع الرسوم على استهلاك التبغ الملفوف بنسبة 63,3 في المائة. وبينما كان النقاش يتجه للتوافق حول حذف الرسوم الجمركية على التوابل المستوردة، عارض بوسعيد تعديل الفريق الاستقلالي الداعي إلى تخفيض الرسوم على تلك المواد، التي أصبحت من "المواد المفضلة للتهريب لدى المهربين بسبب ارتفاع ثمنها في السوق الداخلية"، وبرر الفريق الاستقلالي تعديله بأن تخفيض الرسوم سيساهم في الحد من تهريب تلك المواد على الشريط الحدودي لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. وكان تبرير بوسعيد بأن "التهريب أصبح أمرا واقعا، ويتطلب المواجهة بشكل يومي"، وأضاف "حين تحصى الحجوزات من طرف إدارة الجمارك دائما أسائل نفسي هل الإدارة التي أصبحت تعمل جيدا، أم أن حجم التهريب ارتفع؟ والتهريب غير مرتبط بالرسوم الجمركية". وتستمر مناقشات مشروع قانون المالية إلى اليوم الخميس، وبعدها سترفع لجنة المالية المشروع مع التعديلات إلى مكتب مجلس النواب لعقد جلسة عامة للتصويت عليه من طرف كافة الفرق. ويهم مشروع قانون المالية العمل على تنزيل التوجهات الكبرى المصادق عليها في المجلس الوزاري والمتمثلة في أربعة توجهات، تتمثل الأولى في العمل من أجل توطيد أسس نمو اقتصادي متوازن يواصل دعم الطلب ويشجع العرض، خاصة عبر تحفيز التصنيع، وتشجيع الاستثمار الخاص، ودعم المقاولة، وتسريع المخططات القطاعية، وتقوية دعائم نمو اقتصاد مدمج، يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ويوفر فرص الشغل الكريم. كما يتضمن المشروع تسريع تفعيل الجهوية والرفع من وتيرة الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وتفعيل إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، ومواصلة مجهود الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية. t:150%;direction:rtl;unicode-bidi:embed'وأبرزت المندوبية السامية الدور الرئيسي للتضامن الوطني في خدمة الاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي والاجتماعي، مسجلة أن مقارنة ما يستخلص من ضرائب وجبايات بالنسبة للناتج الإجمالي على الصعيد الوطني، وما يستخلص منها بالنسبة للناتج الإجمالي لهذه الجهات، يبين أن هذه النسبة على الصعيد الوطني وصلت سنة 2013 إلى 21,8 في المائة، فيما لم تتعد 1,1 في المائة بهذه الجهات.