حصد الفيلم الجائزة الكبرى (جائزة عثمان صامبين) للتظاهرة، التي اختتمت السبت الماضي، ضمن قائمة ضمت 14 فيلما متباريا يمثلون 13 دولة وهي المغرب والسنغال والكاميرون والكوت ديفوار وتونس والجزائر وغينيا-كوناكري وبوركينافاسو وإثيوبيا ومالي والنيجر وموريتانيا ومصر. ويحكي الفيلم (110 دقائق) سيرة عائلة متواضعة من رجال موسيقيين ونساء راقصات شعبيات (شيخات)، يشكلون جوقا شعبيا يحيي الأعراس والحفلات. وهي قصة الحسين، قائد الجوق، الذي يعيش مع زوجته حليمة في منزل عائلة هذه الأخيرة، منزل يتخلله صخب كثير مصدره ألوان وإيقاعات الفرقة الموسيقية. يستمد "جوق العميين" تسميته من اضطرار أعضاء الفرقة، من الذكور، إلى تقمص دور العمي حتى يمكنهم العمل في الأوساط العائلية المحافظة. ويتوزع مسرح الأحداث بين الحسين (يونس ميكري ) العازف الذي عاش اليتم مبكرا، ويريد أن يصنع من ابنه رجلا ناضجا وناجحا، و(حليمة) منى فتو، زوجته المحبة التي تعاني أحيانا من قساوته المرتبطة بتنشئته القاسية، الأخ (عبد الله ) فهد بنشمسي، الشاب المتعلم ذو الانتماء اليساري الماركسي الناقم على الأوضاع، والذي يشكل النموذج المثالي الذي يغري الطفل ميمو، مصطفى، رفيق الحسين في الفرقة (محمد بسطاوي) الذي يمارس الموسيقى سرا بالنظر إلى إطاره الوظيفي. ويعد الفيلم المغربي "جوق العميين" لمخرجه محمد مفتكر، حسب العديد من النقاد العرب، من أهم الأفلام المغربية والعربية، التي أنتجت أخيرا، حيث استطاع أن ينتزع جوائز مهمة وبالمغرب والخارج. وفي هذا السياق، أشادت الناقدة السينمائية المصرية نعمة الله حسين ب "جوق العميين" وقالت، في مقال نشرته مجلة "آخر ساعة" المصرية، "إن فيلم مفتكر فيلم شديد الروعة .. يفوق الرؤية البصرية جمالا .. وبين سطور الحوار الكثير من الرمزية .. إنه فيلم استطاع مخرجه أن يضع كل العناصر الفنية في موضعها فجاء عملا متكاملا ...". وأضافت أن مفتكر هو واحد من ألمع المخرجين المغاربة، درس السينما في ألمانيا ليبدأ بعد ذلك العمل مساعد مخرج ثم أخرج عددا من الأفلام القصيرة الجيدة، قبل أن يقدم فيلمه الروائي الأول الطويل "البراق" عام 2010 ثم جاء فيلمه "جوق العميين" "عملا سينمائيا متميزا للغاية". وأشارت إلى أن الفيلم سيرة شبه ذاتية لمخرجه محمد مفتكر وعلاقته بأبيه، الذي كان عازفا ماهرا للكمان، وكان يرأس فرقة موسيقية شعبية. كما منحت لجنة التحكيم تنويها خاصا للممثل الطفل إلياس الجيهاني عن دوره في فيلم "جوق العميين"، وتنويها آخر لفيلم "موربايسا/ سيرمون دو كومبا" للمخرج الشيخ فانتمادي كامارا من غينيا كوناكري، وفيلم " ثمن الحب " للمخرجة الإثيوبية هيرمون هيلاي. ومنحت هذه الجوائز لجنة تحكيم ترأسها السينمائي الفرنسي جاك دورفمان والمتكونة من السينمائي عيسى سيرج كويلو (التشاد) والسينمائية سلمى بركاش (المغرب) والسينمائي سليمان رمضان (جنوب إفريقيا) والناقدة السينمائية صالي شافتو كاتولي (أمريكا) والناقد السينمائي علي أبو شادي (مصر). وبالموازاة مع المسابقة الرسمية، عادت جائزة السينيفيليا (دون كيشوط) التي منحتها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب إلى فيلم "ثمن الحب" للمخرجة هيرمون هيلاي من إثيوبيا. ومنحت هذه الجائزة لجنة تحكيم تتكون من أمينة الصيباري وعزيز الحنبالي ومحمد المدني الأعضاء بالمكتب الوطني للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب . يذكر أن التظاهرة (12- 19شتنبر)، التي كرمت السينما السنغالية والمخرج المغربي كمال كمال والسينمائي البوركينابي ميشال ويدراغو المندوب العام لمهرجان واغادوغو البوركينابي ، نظمت من طرف مؤسسة المهرجان السينما الإفريقية وبدعم من المجمع الشريف للفوسفاط والمركز السينمائي المغربي. يشار إلى أن برنامج هذه الدورة تضمن تنظيم العديد من الأنشطة ومنها الندوة الرئيسية التي تحمل موضوع "أي جدوى لمهرجانات السينما الإفريقية؟" بمشاركة ممثلي مهرجانات تهتم بالسينما الإفريقية من تونس (أيام قرطاج السينمائية) وبوركينافاسو (الفيسباكو) وكندا (نظرات حول السينما الإفريقية) ومصر (مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية)، وتكريم سينمائيين مغاربة وأجانب. كما تضمن البرنامج تقديم، ضمن فقرة منتصف الليل، كتابين حول السينما "من أجل سينما متعددة" للباحث بوشتى فرقزيد، و"أجمل مهنة في العالم .. ناقد سينمائي" لمحمد باكريم، وشريط حول "مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة .. أنفاس وعشق وكبرياء".