عبر علي بنساعود عن سعادته بهذا التتويج، الذي اعتبره مفاجأة سارة ونوعا من التكريم والاعتراف بمجهوده الأدبي خصته به الرابطة العربية للقصة القصيرة جدا، وجمعية جسور للبحث الثقافي والفنون بالناظور، المنظمتين لهذه الجائزة على مدى أربع سنوات من عمر المهرجان. وقال بنساعود، في تصريح ل "المغربية" بالمناسبة، "أعتبر تتويجي بالجائزة الكبرى للمهرجان ليس تشريفا فحسب، بل تكليفا أيضا بمضاعفة الجهد والمساهمة، إلى جانب زملائي المغاربة، في ترسيخ التجربة المغربية المتميزة في هذا الفن الأدبي الجميل والمدهش، والدفع به، إلى جانب زملائنا العرب، لارتياد آفاق تعبيرية فنية وجمالية مختلفة". وفاز في مجال النقد محمد رمصيص عن كتابه "قضايا القص الوامض بالمغرب: البدايات والامتداد". وتعتبر "رايات بلا عبير" المجموعة القصصية ق.ج الثالثة، بعد مجموعتيه "ظلال ذابلة"، و"انحناءات ملتوية"، وهي قصص كلها تنبض بحس المجتمع. تقول عنها الكاتبة حليمة زين العابدين إنها "قصص تنفذ إلى عمق الإنسان تكشف صراعاته النفسية، وقلقه الوجودي بأدوات جمالية، وقدرة فنية على الإبهار وخلق الدهشة. وهي قصص، كما العنوان، ذكية تتقن لعبة الخفاء والتجلي، مراوغة متشابكة الأبعاد الفكرية والإيديولوجية، كرايات الدول، تفصح عن رموز وألوان وتخفي رائحة ما يحبل به الداخل من أسرار...". ويرى الناقد محمد المهدي السقال المجموعة القصصية "امتدادا للرؤية والموقف في بنية تفكير الأديب علي بنساعود، انطلاقا مما سعى إلى تصويره فنيا عبر نصوصه القصصية القصيرة جدا، في مؤلفيه السرديين السالفين" ظلال ذابلة و"انحناءات ملتوية "، في رفض متواصل لزيف الواقع من قبل للكاتب". كما يعيش القارئ مع "رايات بلا عبير" لحظات متعة، إذ يمكنه الكاتب من المشاركة في الكتابة، ولو بصورة غير مباشرة، حيث يترك له فرصة الإبداع وملء الفراغات بالصورة التي يصنعها في مخيلته. وتضم المجموعة الفائزة تضم 90 قصة متنوعة المضامين والأشكال التعبيرية، حيث تبدو كل قصة منها مستقلة بذاتها، وفي الآن نفسه هي جزء من وحدة مجموعة تتكامل، فتعطي صورة عن واقع كتبت ضمنه، بتناقضاته الثقافية، وتمظهراتها على مستوى القيم والسلوكيات الفردية والجماعية، وتجلياتها في بنيات العلاقات الإنسانية والاجتماعية وفي الممارسات السياسية، ولا تغفل أثر هذا الواقع على الإنسان ذاته. بل تنفذ إلى عمقه، وتكشف صراعاته وقلقه الوجودي، دون أن تتخلى عن بعدها الجمالي والفني، ولا تضحي به مقابل قضية جعلت منها رهان الحكاية أو رهان الخطاب، سواء كانت قضية السارد أتى بها ضمنيا أو مشيرا إليها، أو كانت مجرد إسقاطات تأويلات القارئ. بينما يبقى العنوان مفتوح على مختلف الأبعاد الفكرية والأيديولوجية، إذ يأخذ من أعلام الدول خصائصها الرمزية وحمولتها التاريخية، التي سرعان ما تختفي، لتبقى دلالة العنوان مراوغة عصية على القبض، فتبقى معه مجموعة القصص حبلى، حد الانفجار، بحمولتها من الدلالات. يذكر أن الدورة الرابعة من المهرجان العربي للقصة القصيرة جدا بالناظور، التي نظمت تحت شعار "القصة القصيرة جدا بين المحلي والكوني"، عرفت مشاركة مبدعين ونقاد من دول عربية عديدة في الندوات النقدية والقراءات الإبداعية منها "ندوة جماليات القصة القصيرة جدا" بمساهمة محمد يوب، ومحمد يحيى قاسمي، ومصطفي سلوي، وعبد الله شريق، ومحمد رمصيص، وسعيد باكور، ومحمد فهري، ونور الدين عامري، وميمون مسلك، وندوة "قراءات في قصص آمنة برواضي"، بمشاركة نور الدين الفيلالي، ومحمد أمحور، وجمعة العوني، وإلهام الصنابي، وعيسى الدودي. كما تميز المهرجان العربي بتكريم المبدعة حليمة زين العابدين، تقديرا لإبداعاتها وعطائها في مجال الوسائط المتعددة، ودعم النشر الإلكتروني للقصة القصيرة جدا.