أكد المتدخلون، خلال هذا البرنامج الذي تناول "آفاق الوضع في ليبيا"، أنه يجب الدفع بالليبيين نحو التوافق وزرع ثقافة الحوار، مشيرين إلى أن الباب الوحيد للأزمة الليبية ليس هو إعادة انتخابات أو اجتماع لجنة الستين بل المطلوب الآن هو حكومة وحدة وطنية. وفي هذا السياق، أكد السياسي الليبي ورئيس حزب التغيير، جمعة القماطي، أن سبب الفوضى والمخاض الذي تعيشه ليبيا هو الفراغ التام الذي وجد فيه الليبيون أنفسهم بعد سقوط حكم معمر القذافي الذي عانت ليبيا خلال عهده تصحرا سياسيا وثقافيا كبيرا، مضيفا أن ما يجري حاليا في ليبيا هو صراع على السلطة والثروة بامتياز قبل التفكير في ترتيب البيت الليبي والاتفاق على شروط اللعبة الديمقراطية. وأشار إلى أن مخاطر عدم التوافق بين الأطراف المتصارعة وعدم قيام دولة في ليبيا تتمثل بالأساس في التفكك، وبالتالي يصبح هذا البلد أرضا خصبة للذين يدخلون تحت يافطة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مضيفا أن الحل الحقيقي لمنع خطر هذا التنظيم في ليبيا هو دعم المسار السياسي والضغط على الفرقاء السياسيين للجلوس حول طاولة للنقاش والتوافق للوصول إلى حل سياسي. من جهته، اعتبر الباحث التونسي، خالد عبيد، أن منطق الإقصاء السائد بين الطرفين هو الذي أزم الوضع في ليبيا، مبرزا أنه لا يمكن أن يكون هناك حل في ليبيا إلا بالتوافق الوطني مع استبعاد المتطرفين سواء من هذا الطرف أو ذاك من مسألة الحوار الوطني وبالأخص "الإرهابيين". وقال إن الوضع في ليبيا لا يشكل خطرا على تونس فقط بل يشكل الخطر على المنطقة برمتها، مشيرا في هذا الصدد إلى قدرة (داعش) على الامتداد في ليبيا من خلال قدرته على استغلال النعرات القبلية والنزعات الانفصالية، التي تعتبر أمرا واقعا في ليبيا، إلى جانب شساعة البلد. من جانبه، أبرز الكاتب والناشط السياسي المصري، وائل عباس، أن سيطرة "الدولة الإسلامية" على مناطق في ليبيا، سيشكل خطورة كبيرة على مصر من الناحية الغربية، مشيرا إلى أن التورط العسكري في هذا البلد لن يكون في مصلحة مصر سواء اقتصاديا أو سياسيا أو عسكريا ولا حتى بالنسبة للمواطن المصري، وبالتالي فإن المطلوب هو حل داخلي بالتفاوض والتفاهم بين الفصائل المتنازعة للقضاء على وجود تنظيم (داعش) من داخل ليبيا. أما الباحث المغربي بمعهد الدراسات الإفريقية، الموساوي العجلاوي، فقد اعتبر أن ما يجري الآن في ليبيا هو فوضى مطلقة وأن الشعب الليبي هو ضحية لماض عاش فيه حوالي 40 سنة من الفراغ السياسي وغياب المؤسسات، مشيرا إلى أن المطلوب حاليا في ليبيا هو أن يكون هناك نوع من التوافق وزرع ثقافة الحوار وليس البحث عن المشروعية الانتخابية أو المشروعية الديمقراطية. وأضاف أنه عندما تغيب الدولة ووظائفها تزدهر الحركات الجهادية والجريمة العابرة للحدود، الشيء الذي جعل جزءا من أنصار الشريعة يعلن ولاءه ل (داعش)، مشيرا إلى أن الإشكال لم يعد ليبيا فقط بل أصبح الآن مطروحا على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط ودول الجوار، وأنه إذا لم تتحرك النخب والأنظمة في العالم العربي لتطوير أنظمتها نحو دمقرطة أكثر فستكون حاضنة لهذه الجماعات. بدوره، أبرز رومان كاييه الخبير الفرنسي في الجماعات الجهادية تطور "الدولة الإسلامية" في ليبيا، مشيرا في هذا الصدد إلى وجود مكونات يمكن أن تؤدي إلى انتشار تنظيم (داعش) في هذا البلد.