عادت جائزة ابن رشد الدولية في نسختها الثانية، التي تسلمها جامعة القاضي عياض، بشراكة مع جامعة قرطبة الإسبانية، إلى كل من عبدو ضيوف، الرئيس السابق للسينيغال، والرئيس السابق للمنظمة العالمية للفرنكفونية، وفليبي غونثاليس، الرئيس السابق للحكومة الإسبانية، اعترافا بأعمالهما في "المساهمة النوعية والراهنة، في سبيل بلورة أنسنة حديثة للقرن 21 في منطقة حوض المتوسط". وتطمح هذه الجائزة، التي أطلقت سنة 2012 بمدينة مراكش، بمبادرة من جامعة القاضي عياض وجامعة قرطبة، والمركز المتوسطي بإيطاليا، باسم المفكر والفيلسوف العربي الكبير ابن رشد، إلى تعزيز أنسنة جديدة في الفضاء المتوسطي، تنهل من القيم التي نقلتها هذه الشخصية البارزة في الفكر العربي الإسلامي الأندلسي في القرن الثاني عشر. ويبقى ابن رشد بالنسبة للفضاء المتوسطي، ذلك الفيلسوف الكبير الذي صالح الإيمان بالعقل من خلال أعماله التاريخية، كما يمثل رمزا أساسيا لروح التسامح والانفتاح. وتسعى الجائزة إلى استعادة هذا النفس الإيديولوجي والإنساني، وتحتفي في كل دورة بذاكرة هذا المفكر الكوني، من خلال تتويج شخصيتين معاصرتين، من الضفتين الشمالية والجنوبية للمتوسط، ممن تندرج أعمالهما ضمن الخط الفكري للفيلسوف الأندلسي الكبير. وتمثل هذه المبادرة بالنسبة للجامعتين دعوة للمحافظة على ما يمثل هذا العالم البارز عبر خلق فضاء التذكير والتأمل، وتقاسم وتعزيز هذه الأنسنة المستنيرة لهذا المفكر، الذي عرف كيف يجمع بين العقل والاعتقاد وبين الهوية والآخر. وتهدف هذه المبادرة، حسب عبد اللطيف الميراوي، رئيس جامعة القاضي عياض، إلى مكافأة الوجوه الأكاديمية لضفتي البحر الأبيض المتوسط، التي تعمل على تشجيع قيم المفكر البارز في تاريخ الفكر الإسلامي، وإلى أن تكون مناسبة متميزة لتخليد واستلهام ثقافة منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. وأضاف الميراوي، في تصريح ل"المغربية"، أن التواصل الحضاري شكل مسعى آخر للجائزة لاستعادة النفس الإنساني، وتعزيز أنسنة جديدة للفضاء المتوسطي، موضحا أن هذه التظاهرة تسعى إلى جعل مراكش قطبا ثقافيا، إلى جانب حضورها السياحي. وعبر عبدو ضيوف عن سعادته بهذه المبادرة، معتبرا أنها ستسمح بمزيد من الانتصار لقيم العقل في الثقافة العربية الإسلامية، والانفتاح على الثقافات الأخرى، ضدا على التعصب والرفض للآخر، وبالتالي دحض كل أشكال التطرف. من جانبه، عبر فليبي غونثاليس عن امتنانه للمنظمين للجائزة، وسعادته بجائزة ابن رشد، الذي استطاع أن يربط الشرق بالغرب. وكانت جائزة ابن رشد الدولية كرمت في نسختها الأولى الأمير الحسن بن طلال من الأردن، عن الضفة الجنوبية لحوض المتوسط، وجان دانيال، الكاتب ومؤسس مجلة "لونوفل أوبسرفاتور" الفرنسية عن الضفة الشمالية.