أبدت فرق الأغلبية الحكومية بمجلس النواب حسن النية في التعامل مع فرق المعارضة لإنجاح العمل التشريعي، ولتنزيل القوانين التنظيمية الواردة في الدستور. البرلمان المغربي أعلنت فرق أحزاب العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والتقدم الديمقراطي، في بيان صدر أول أمس الأحد، عن استعدادها للتعاون مع فرق المعارضة، وفق "منهجية تشاركية، تقوم على الاحترام المتبادل والقبول بالتعددية". وأعلنت عزمها على العمل الجماعي، في جو يطبعه "التوافق الإيجابي"، للتوصل إلى الحد الأدنى مما يمكن التوافق حوله مع فرق المعارضة، مع إمكانية الاحتكام إلى الوسائل الديمقراطية، في ما يقع الاختلاف بشأنه، من أجل إنجاح الأوراش الديمقراطية المفتوحة، وتوطيد وتقوية مؤسسات الدولة الحديثة. كما أكدت فرق الأغلبية البرلمانية على أن مصلحة البلاد تتجلى في استحضار التحديات الكبرى، وفي تثمين كافة المكتسبات المحققة، وفي مقومات الاستثناء الإيجابية، التي تميز وضع المغرب الراهن، والتي "ينبغي الحفاظ عليها، بتفادي كل ما يمكن أن يزج بالبلاد في متاهات غير محسوبة النتائج، قد تعود سلبا على ما جرى تحقيقه بإلحاق الضرر بدعائم البناء الديمقراطي، الذي تطلب سنوات عديدة من التضحيات الجسام لإرسائه، واعتباره ثابتا من ثوابت الأمة، وخيارا وطنيا ودستوريا لا رجعة فيه، يجسد ما تنعم به بلادنا من مكتسبات ديمقراطية، تشكل محط تقدير واهتمام متزايد على المستويات الدولية والإقليمية". واعترفت فرق الأغلبية بأن الفوضى، التي حدثت الأسبوع الماضي بمجلس النواب، أثناء تساؤل فرق المعارضة عن سبب عدم قبول الحكومة الاستجابة لطلب الإحاطة المتعلق باعتداء جنود الجزائر على مواطن مغربي بالحدود الشرقية، بالإضافة إلى انسحاب نواب من فريقي حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي من أشغال اجتماع لجنة الداخلية الأسبوع الماضي، كلها وقائع تسببت في إحداث صعوبات في العمل التشريعي. وأكدت فرق الأغلبية حرصها على تغليب روح التوافق والتعاون، وإشراك الجميع في الأوراش الكبرى والمصيرية، مجددة التذكير بأن فرق الأغلبية "لن تتنصل من تحمل مسؤوليتها كاملة في الحفاظ على الإيقاع الطبيعي للعملية التشريعية، وتسريع وتيرتها حين تتطلب مصلحة البلاد ذلك، دون أن يؤثر ذلك على كسب رهان الجودة وضمان النجاعة". وأعلن البلاغ أن فرق الأغلبية "لن تدخر أي جهد لإنجاح كل المحطات السياسية المقبلة، وما تقتضيه من مصادقة على مقترحات ومشاريع قوانين مرتبطة بها، في إطار الحوار الهادئ والبناء، مراعاة لما تقتضيه الظرفية الوطنية من ترفع عن كل الصراعات السياسوية غير المجدية في تطوير الممارسة الديمقراطية". ورغم النوايا الحسنة، التي عبرت عنها فرق الأغلبية، حسب ما جاء في البلاغ، فإن التشنج بين الأغلبية والمعارضة مازال يطبع العمل التشريعي داخل قبة البرلمان، إذ عمت الفوضى، من جديد، أشغال لجنة المالية، المنعقدة أمس الاثنين بمجلس النواب، بعدما وصف نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، التدابير المالية في مشروع قانون المالية بأنها تدابير "احتيالية"، وهو الوصف الذي تمسك نواب من الأغلبية بسحبه، إلا أن تدخل إدريس لشكر، رئيس الفريق الاشتراكي، للدفاع عن مضيان، أربك أشغال الجلسة وأدى إلى توقفها لبعض الوقت. وكان تبرير لشكر لعدم سحب مضيان للكلمة هو أن الحكومة وصفت المعارضة، في العديد من المناسبات، ب"الكذب"، دون أن تبادر إلى سحب كلامها.