عادت العلاقة بين النقابة الوطنية للتعليم العالي ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لتتوتر من جديد على مشارف الدخول الجامعي الجديد، بعد إعلان النقابة خوضها إضرابا وطنيا، لمدة 72 ساعة أيام 23 و24 و25 شتنبر الجاري بعد استنفاد ما أسمته كل آليات الحوار مع الوزارة الوصية. واتخذ قرار الإضراب في اجتماع للمكتب الوطني للنقابة، خلال الأسبوع المنصرم، اعتبر فيه المكتب أن "هدف الوزارة الحقيقي من مشروع تعديل القانون الإطار 01.00 الذي أنتجته على انفراد وبشكل متسرع وارتجالي، إضفاء الشرعية القانونية على قطاع الريع العابث منذ مدة في التعليم العالي، من خلال إقحام بدعة ما تسميه الوزارة بالشراكة، التي لا تعدو كونها أداة لخوصصة مقنعة للتعليم العالي وقتل الجامعة العمومية". وقال عبد الكريم مدون، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي،إن النقابة فوجئت في اجتماع مع الوزارة، يوم 11 يوليوز الماضي، بعدم احترام كل ما اتفق عليه، رغم عقد 14 اجتماعا بينهما، مشيرا إلى أنه من بين الأمور التي لم يجر الاتفاق حولهاوجاءت في مرسوم، 6 سنوات الأقدمية للمرور من أستاذ مؤهل إلى أستاذ التعليم العالي. وأضاف مدون، في تصريح ل"المغربية"،"لم نتحدث قط عن هذا الشرط المحدد في 6 سنوات، ولم تناقشه الوزارة معنا، حتى فوجئنا بمجلس الحكومة يمرر مرسوما لم نتفق حوله، وهذا نوع من عدم المسؤولية". وذكر مدون أن عدد الطلبة تزايد، مقارنة مع وجود تأطير قليل، إضافة إلى كونالبنيات التحتية في كل الجامعات غير مواتية لكي تكون الأمور التحصيلية في المستوى، مبرزا "من المنتظر أن يصل عدد الطلبة في أكادير إلى 100 ألف طالب، وبالتالي فظروف الاشتغال ستكون أصعب من السنوات الماضية، في حين أن الوزارة الوصية لم تقم بأي شيء لحل هذه المشاكل". وشدد مدون على أن الوزارة الوصية مدعوة لحل الملف المطلبي في شموليته، معلنا أن النقابة لم ترد الوصول إلى هذا التصعيد بإضراب 72 ساعة، بعد إضراب 24 ساعة، و48 ساعة.وأعلن أنه في حالة ما إذا لم تكن استجابة، فاللجنة الإدارية ستجتمع يوم 12 أكتوبر المقبل، لاتخاذ القرارات المناسبة على ضوء المستجدات، دفاعا عن الجامعة وكرامة الأستاذ. وتحدث الكاتب العام للنقابة عن مشكل آخر تعيشه الكليات ذات الاستقطاب المفتوح في وجدة، إذ ستدخلابتداء من يوم 15 شتنبر الجاري، في امتحانات استدراكية للسنة الماضية، متسائلا "كيف يعقل أن نتحدث عن دخول جامعي، والموسم الجامعي السابق لم يكتمل بعد، هذا الأمر الذي يحصل للمرة الثانية في هذه المنطقة، راجع إلى الاكتظاظ، علما أن الأساتذة قضوا عطلتهم في تصحيح الأوراق، إذ يقوم الأستاذ بتصحيح ما بين ألف وألفي ورقة امتحان، وهذا أمر لا يمكن لنا بتاتا كنقابة وطنية للتعليم العالي أن نسمح به". وأعلن مدون أن التصعيد غير مرتبط فقط بالملف المطلبي، بل أيضا،بالوضعية العامة للتعليم العالي والبحث العلمي في الجامعة العمومية. وقال في هذا الصدد "أظن أن الوزارة لم تعد تهمها الجامعة العمومية، وما يهمها اليوم الجامعة في إطار شراكة، إذ فتحت كليات طب خاصة، وما على الطالب إلا أن يدفع 130 ألف درهم للسنة، دون أن يحصل على نقطة مميزة في البكالوريا. هناك كلية طب خاصة في الرباط، تقبل الطلبة بمعدل 13 و12 وحتى 10 على 20، بعد دراسة الملف، في حين أن طلبة حصلوا على معدل 17 و18 على 20، لم يجدوا مكانا لهم في كليات الطب العمومية، علما أن الطلبة الذين سيدرسون في كليات الطب الخاصة، سيزاحمون طلبة كليات الطب العمومية في التداريب بالمستشفيات الجامعية، وبالتالي نجد أنفسنا أمام نوع من الطبقية في التعليم بالمغرب". وتحدث الكاتب العام عن المشكل الذي ستخلقه هذه الكليات، من خلال استقطاب الأساتذة من القطاع العمومي عن طريق الإغراءات، مسجلا تقديم 11 أستاذا استقالتهم من كلية الطب العمومية في فاس شهر يوليوز، الأمر الذي سيفضي في حالة ما إذا بقينا في هذا المستوى، يضيف مدون،إلى موت الجامعة العمومية. من جهته، ندد المكتب الوطني ب"الوضعية المزرية التي تعيشها الجامعة العمومية والظروف الصعبة البعيدة كل البعد عن النمط العالمي للعمل الجامعي، التي يشتغل فيها الأستاذ الباحث جراء ظاهرة الاكتظاظ التي ستزداد تفاقما خلال الدخول الجامعي الحالي، في غياب أي تصور استراتيجي واستباقي للوزارة الوصية لتلبية الطلب الاجتماعي لولوج التعليم العالي، وهو ما يؤثر سلبا على جودة التكوين والبحث العلمي". كما عبر في بلاغ له، توصلت "المغربية" بنسخة منه، عن "رفضه البات والمطلق لمشروع القانون الإطار 01.00 حيث لم يشارك في بلورته، وكذا خوصصة التكوينات الطبية وخلق مؤسسات مؤدى عنها"، مشددا على "تشبثه بالملف المطلبي في شموليته، ورفضه لأي تغيير في سن التقاعد الخاص بالأساتذة الباحثين".