توج أخيرا وفد مغربي تشكل من الفنانين والفنانات التشكيليات، إلى جانب بعض الكتاب المغاربة، في أكبر معرض فني بالبرازيل ل "أكاديمية ديفين الفرنسية للفنون والآداب والثقافة"، واختتمت فعاليات هذه التظاهرة الفنية والثقافية بتوزيع شهادات على الفنانين المغاربة المشاركين في هذا الحدث كعرفان وتشجيع لهم. وشهدت فورت كوباكابانا بريو دي جانيرو، لحظات تاريخية حين رفع المشاركون والمشاركات العلم المغربي، وهم يتوجون بهذا الاستحقاق الدولي. وضم الوفد المغربي المتوج كلا من عبد الحق نجيب، سفير الأكاديمية، وإيمان قنديلي، ونادية الشلاوي (نائبة الرئيسة)، وخديجة بناني، وخديجة الفحلي، وسعيدة الصقلي، ومنية عمور ولبنى شواد ونزهة ليتيم ومنية الحصار وعبد الصمد بويوسرامن ولطفي طه وعمر عروجور، الذين يمثلون أنماطا مختلفة من الفن التشكيلي. جماليا تباينت أساليب المشاركين الفنية، إذ حضرت جل التعبيرات التشكيلية من تشخيصية وتجريدية وواقعية. وأضاءت أعمال التشكيليات جدران فورت كوباكابانا، وهكذا أثارت أعمالهن وسائل الإعلام البرازيلية، التي حضرت بكثافة لتغطية التظاهرة الفنية. وكثيرة هي الكتابات النقدية التي لامست تجربة الفنانة التشكيلية نادية الشلاوي، نذكر تمثيلا لا حصرا، الناقد الجمالي عبد الرحمان بنحمزة الذي قال عنها: "الفنانة نادية الشلاوي تعد واحدة من الفنانات المغربيات القلائل اللواتي يوظفن الجسد الأنثوي بكل حمولاته الوجدانية والعاطفية، حيث تجعل من المرأة العصرية خصوصا الأوروبية موضوعا للوحاتها، فهي تحتفل بالمرأة في كل تجلياتها". وأضاف بنحمزة يسكن الفنانة الشلاوي هاجس دائم في أن تسمو بجمال المرأة. فعند فحص أعمالها الفنية بكل موضوعية، يفيد بنحمزة، نجدها تمنحنا مساحة تشكيلية مخصصة للبحث عن المؤثرات المادية، وما تحمله المرأة من مزايا عصرية من خلال اللباس والمظهر الخارجي الذي يحدد شخصيتها. وبالنسبة للفنانة التشكيلية خديجة الفحلي، التي قدمت تجربتها الصباغية بريودي جانيرو، فإن أعمالها تحكي قصص وزمن الصبا، وتمثل أيضا نافذة على الماضي البسيط، ماضي الطفولة بحماسته وشقاوته ولعبه. أعمالها غنية بالإشارات والرموز الفنية، كما أنها تحيل على الثقافة في روافدها المتعددة والموروث المغربي الأصيل. في حين تنهض تجربة الفنانة التشكيلية منية عمور على وحداتها المشهدية وفق ما تفترضه التجربة الانطباعية الرمزية، فنانة عصامية من مواليد الدارالبيضاء، انجذبت للفنون التشكيلية منذ الصغر، وسنة بالنسبة إليها2012 كانت مفصلية في علاقتها مع الصباغة، وتفجر شغفها الأبدي باللون والفرشاة، وتحتفي في ميثاقها التصويري بنماذج تشكيلية تقليدية، مبدعة لا تحبذ أن تصنف أعمالها ضمن أي اتجاه أو مدرسة تشكيلية، تختار تيمة مواضيعها بهدوء وروية، كما تختار الألوان والأحجام مسنودة إلى ثقافتها البصرية التي تؤمن بالتفاصيل الدقيقة، فكل أعمالها تمثل أيقونات جمالية. ولها تجربة تشكيلية تستمد قوتها من التكعيبية، ومن أجواء الفن العفوي الخام. ومن المشاركين يكفي أن نذكر الفنان التشكيلي، عبد الصمد بويوسرامن، الذي يمارس مهنة تدريس الفنون التشكيلية، ويعد من الفنانين المعاصرين الذين لهم إلمام كبير بتقنية الخط، وكان حظي بشرف تكريمه من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، بجائزة "محمد السادس للخط العربي المعاصر". وتنتمي تجربة عمر عروجور إلى البوب آرت، وطبع مسيرته الفنية بمجموعة من المعارض في المغرب وخارجه، إذ نظم معارض في كل من إنجلترا، وإسبانيا، وإيطاليا، وحاليا بريو دي جانيرو في البرازيل. وتميزت المشاركة النسائية، أيضا، بحضور أعمال الفنانة التشكيلية، لبنى شواد، التي تندرج ضمن الواقعية التجريدية، إذ جمعت بين الأزرق البارد والأسود الذي يطغى عليه الرمادي، أعمالها تستجيب لذائقتها الفنية، وقد راكمت شواد تجربة صباغية عبر مجموعة من المعارض الجماعية، وتوجت في معرض فورت كوباكابانا بريو دي جانيرو الأخير، بجائزة الاستحقاق، وتمثل بالنسبة إليها وساما يجب الاحتفاظ عليه من خلال الاستمرارية والإبداع. الأنوثة الزرقاء، هو عنوان اللوحتين اللتين شاركت بهما الفنانة التشكيلية، منية الحصار، واستعملت في هذين العملين تقنية التصوير الشعاعي الحدسي، بانتباه دقيق للشكل واللون. وترسم كل أحاسيسها وأحلامها الصغيرة والكبيرة، وكل ما يختلج في دواخلها. منية حصار فنانة فرنسية من أصول مغربية ولدت بفاس سنة 1972، ويمثل لها التشكيل مرحلة أساسية في حياتها، وهي مديرة بمقاولة للتواصل، ومن بين مهامها الأخرى أنتاج أفلام إشهارية وإعلانية. مفتونة وشغوفة بالألوان وتقاطعات الخطوط، منذ صغرها انجذبت الفنانة التشكيلية نزهة لتيم لعالم الصباغة، وانطلقت تجربتها عصامية في بداياتها الأولى، ورسختها بالممارسة والابتكار، وتعد واحدة من الفنانات الطلائعيات، بأسلوب يزاوج بين المعاصرة والتوجهات الحديثة، وتستلهم مواضيعها من الجمال والطبيعة، نظمت معارض داخل المغرب وخارجه. سعيدة الصقلي ترصد في أعمالها الحلم والجمال معا، وما يثير في تجربتها الصباغية ذلك الانسجام بين الأشكال البسيطة والألوان الحرة والباردة. في حين تستعرض الفنانة التشكيلية، خديجة بناني، في أعمالها قصة تجربة مع مرض السرطان، وتحمل لوحتها عنوان الاستيقاظ، وتدق من خلالها ناقوس الانتباه، واستطاعت ان تستعيد حياتها بطولها وعرضها. يذكر أن النسخة الأولى من فورت كوباكابانا بريو دي جانيرو، يراد منه تكريم المغرب وثقافته وفنانيه وكتابه، في إطار تعزيز الجسور الثقافية بين المغرب والبرازيل. وتهدف الأكاديمية الفرنسية للفنون والآداب والثقافة، التي تأسست في 25 أكتوبر 1995، إلى تعزيز وترويج ومكافأة عمل الأكاديميين والعلماء والكتاب والفنانين والمبدعين والمنتجين والمواهب المتميزة في المجالات الفنية والأدبية والاجتماعية والثقافية.