تأسس فرع «بيتي» بالصويرة سنة 1998. ويتوفر حاليا على طاقم تربوي يتكون من خمسة أطر لديهم اختصاصات متعددة، وهم مدعمون بمتطوعين ومتدربين من المغرب والخارج (فرنسا، ألمانيا، إسبانيا، أمريكا...)، ويبلغ عدد الأطفال المنتمين للفرع خلال السنة الجارية 104 أطفال وطفلات، تتراوح أعمارهم بين 6 و18 سنة، يستفيدون من عدة أنشطة متنوعة، من ضمنها، الدعم والتتبع المدرسي، والورشات، والتغذية والتطبيب، والمخيمات الصيفية، والحصص الرياضية، والمستلزمات الدراسية. وتهدف الجمعية من خلال فروعها إلى حماية الأطفال في وضعية الشارع من جميع أشكال الإساءة والعنف والاستغلال والإهمال والتهميش، وكذا التكفل الطبي والنفسي الاجتماعي والتربوي بالأطفال ضحايا العنف والإساءة والاستغلال والتهميش الاجتماعي، من بينهم قصة نجاح الفنان الفتوغرافي المشهور حسين بلدي. يحكي حسن القادري، مسؤول فرع جمعية «بيتي» بالصويرة، أن الطفل الحسين بلدي، الذي صار اليوم رجلا وفنانا مشهورا، استطاع مقاومة قساوة الشارع والتغلب على المعاناة، وبها انتقى لحظات بعينها رغبة في تخليدها والرمي بما سواها من أعوام وأيام وساعات خلف الذاكرة، كل تلك الصور واللحظات خزنها الحسين بلدي بخلده حتى التقى بجمعية «بيتي» بشوارع المدينة، حيث لم تكن أمه تفارقه، كانا يعيشان معا بالشارع، تلك المرأة الشرسة التي كانت تكيل كل من اقترب من الحسين وابلا من السب والشتم والضرب. لم تكن مهمة فريق جمعية «بيتي» بالمهمة السهلة في استقطاب الحسين وفصله عن أمه ليشارك أقرانه الأنشطة والورشات، التي كانت تقترحها عليهم الجمعية، لكن وفق خطة محكمة عمل فريق «بيتي» على التقرب تدريجيا من الأم وتلبية بعض حاجياتها رغبة في كسب ثقتها. وماهي إلا بضعة أسابع حتى بدأت مقاومة أم الحسين تلين وتضعف، وبدأت تسمح لابنها بالافتراق عنها والانخراط في الأنشطة المقترحة على الأطفال في وضعية الشارع، رغم النوبات التي كانت تنتابها من حين لآخر لتهاجم أعضاء فريق الجمعية من جديد بكل ما أوتيت من قوة. ورغم تنوع الأنشطة المقترحة على الأطفال في وضعية الشارع من طرف جمعية «بيتي»، لم يكن يحض منها بالاهتمام اللازم حد الإدمان عند الحسين بلدي سوى تلك المرتبطة بعالم الصورة (الفن الفوتوغرافي، المعلوميات، الفن التلصيقي...)، حيث كان يشارك بحماس شديد في هذه الورشات، متفاعلا مع أقرانه ومنتشيا بجمال اللحظة وسحرها. بفضل هذه الورشات استطاع الحسين بلدي صقل موهبته وتطوير مهاراته الفنية في مجال الصورة. انطلق مشواره الفني بعدما أحس بتقدير خاص وهو في سن الثالثة عشرة من عمره حين شارك في معرض جماعي خاص بأطفال جمعية «بيتي» بالمنزه التابع لوزارة الثقافة بالصويرة. انطلق مشوار حسين الفني، واشتد هوسه بالبحت في فن الصورة، وصاحبته الجمعية في تعزيز مشروعه وتقوية قدراته وخياراته، مساعدة إياه في الانفتاح والتعرف على تجارب فنية وطنية ودولية، ما رسخ لديه النظرة الكونية للإبداع ونبذه لكل نظرة ضيقة منغلقة تختبئ وراء وهم الخصوصيات. كما كانت مشاركته في معرض جماعي نظم في إطار رسمي إلى جانب فنانين آخرين من مختلف الروافد الفنية والثقافية والاجتماعية، ويتعلق الأمر بمهرجان الأندلسيات الأطلسية بالصويرة، الذي نظمته جمعية الصويرة موكادور سنة 2004، حيث حصل على المرتبة الأولى في فن الصورة. وكانت جائزة مهرجان الأندلسيات الأطلسية عبارة عن إقامة لمدة أسبوع بالأندلس بإسبانيا للفائزين بالمراتب الأولى في الصورة والتشكيل. لم يكن الفوز بهذه الجائزة بالأمر الهين، لأن لجنة التحكيم تكونت من فنانين ونقاد لهم باع كبير في مجال الفن والإبداع، منهم على سبيل المثال الفنان العالمي الحسين الميلودي. وكانت مشاركة الحسين بلدي في معرض مهرجان الأندلسيات مفصلية في مساره الفني، إذ حثته على الاحتراف. وتوالت الجوائز والمعارض والمشاركات للحسين بلدي على الصعيدين الوطني والدولي حتى ارتبط اسمه بالفن الفوتوغرافي مستحقا بذلك لقب "أيقونة موكادور لفن الصورة". ليس الشارع كما يعتقد الكثيرون فضاء للمعاناة فقط، بل هو كذلك مدرسة تعلمنا قيمة الحرية وتتيح لنا إمكانية ممارستها كما ترسخ لدينا قيمة التضامن والإحساس بمعاناة الآخرين ومؤازرتهم. تجربة الشارع تجعل منا أشخاصا قادرين على مواجهة قساوة الحياة وفظاعاتها، وتكسبنا مهارات لا تتأتى لغيرنا. استنادا إلى هذه القناعة، تعمل جمعية «بيتي» على مصاحبة الأطفال في الشارع وترفع شعار "لا للمأسسة"، إذ أبانت مراكز الإيواء عن ضعف نتائجها وبعض آثارها السلبية على الأطفال «المودعين» بها. من جهته، قال طارق العثماني رئيس المكتب التنفيذي لجمعية الصويرة موكادور، إن الفنان الفوتوغرافي الحسين بلدي، يعد من الفاعلين الناشطين في الحقل الفني والجمعوي بمدينة الصويرة، وهو أيضا من الفاعلين التقنيين المتميزين بجمعية الصويرة موكادور، حيث يعمل مع فريق دار الصويري على إعداد كل الشروط والوسائل اللوجيستيكية من أجل إنجاح مختلف التظاهرات الفنية والثقافية والاجتماعية، إلى جانب مساهماته في تهيئ إقامة مختلف اللقاءات والمناظرات والمهرجانات الوطنية والدولية. ويعتبر الحسين بلدي، من الفنانين الشباب في ميدان التصوير الفوتوغرافي، الذي نجح في مساره المتميز من خلال عطاءاته في مختلف المعارض المحلية والوطنية والدولية بكل من فرنسا وإسبانيا وهولاندا وبلجيكا وبلده المغرب، إضافة إلى اندماجه الاجتماعي وتكوينه المستمر، الذي يرقي به إلى المستوى الاحترافي في الحقل الفني والتقني والجمعوي من أجل النجاح في إبراز توقيع أسلوبه الخاص، وحضوره الفعال في مختلف التظاهرات الثقافية والفنية داخل وخارج المغرب. وأوضح العثماني أن إبداعات الحسين بلدي في مجال التصوير الفتوغرافي تعكس لامحالة، الوضع الحياتي والوجودي، وتحمل قصة نجاح بعد معاناة، فالمنعطف الحياتي، الذي عاشه في طفولته، ولد لديه رغبة جامحة في الاستمرارية وفتح أبواب الإبداع البصري عبر الذاكرة والروح.