أفادت مصادر مطلعة "المغربية" أن قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، عمر كاسي توصل، أول أمس الخميس، بنتائج التشريح الطبي ل 23 ضحية، الذين توفوا جراء حادث انهيار ثلاثة بنايات بحي بوركون بالبيضاء،في ما بات يعرف ب"فاجعة بوركون"، فضلا عن أزيد من 55 جريحا. وأضافت المصادر نفسها أن نتائج التشريح أكدت أن حادث الانهيارالقوي للبنايات رقم 27 و31 و33، بشكل متزامن، كان وراء وفاة الضحايا، بين التأثر نتيجة الكسور الخطيرة أو الاختناق فضلا عن أسباب أخرى، حددها تقرير الطب الشرعي، الذي أمر به قاضي التحقيق، مضيفة أن الحصيلة الأكبر في الضحايا سجلت في البنايتين رقم 31 و33، عكس البناية الأولى رقم 27، التي كانت السبب الرئيسي في الانهيار. وأوضحت المصادر أن قاضي التحقيق أوكل للمختبر العمومي للتجارب والدراسات القيام بخبرة حول المباني الثلاثة لتحديد أسباب الانهيار، إذ توصل، يوم الأربعاء المنصرم، بتقرير أولي يؤكد أن تحديد الأسباب والمسؤوليات لن يكون جاهزا بشكل دقيقإلا بعد إزالة أنقاض وحطام البنايات المهدمة، التي مازالت قائمة، مشيرة إلى أن قاضي التحقيق أمر خبيرا محلفا آخر بإجراء خبرة على المباني إلى جانب مكتب الدراسات المذكور. وفي إطار البحث القضائي، الذي أمرت به النيابة العامة لدى المحكمة الزجرية عين السبع بالدارالبيضاء، فور وقوع الحادث، وكلفت قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها بالتحقيق في أسباب الفاجعة، أوردت مصادرنا أن عدد المعتقلين حاليا في الملف أربعة أشخاص، ويتعلق الأمر بعامل البناء، المتورط في إجراء إصلاحات في محل أسفل العمارة رقم 27، تبين أنها "دون ترخيص"، ما تسبب في انهيار العمارات الثلاث، إذ أكد خلال التحقيق معه أنه دخل في شجار مع اثنين من أبناء مالك العمارة، بعد أن طالبهما بالزيادة في مصاريفه لبنائه عمود خرسانة لتثبيت الأساسات بالطابق السفلي، وهو ما لم يتقبله الشقيقان، فأقدم على تحطيم الخرسانة بشكل عشوائي، ما أدى إلى انهيار العمارة، إضافة إلى اثنين من أبناء صاحب المنزل المذكور، الذي كان آخر من أخرجت جثته من تحت الأنقاض، وهما (خ.ن)، الذي كان يتكلف بإجراء أي إصلاح أو عملية بناء في المنزل، وشقيقه (م.ن)، المسجل المنزل باسمه، وعون سلطة من رتبة مقدم (م.ا)، الذي تبين من خلال التحقيق الأولي معه، أنه كان على علم بجميع الإصلاحات التي كانت تجري بالمحل، وأن الرخصة التي حصلعليها (خ.ن)، تتعلق بأشغال التبليط والصباغة فقط، وأنه لم يخبر مسؤوليه بذلك. وأمر قاضي التحقيق بإيداع المتهمين الأربعة سجن عكاشة في إطار الاعتقال الاحتياطي، في انتظار تحديد تاريخ آخر للاستماع إليهم تفصيليا وفق مجريات البحث. وأبرزت مصادرنا أن قاضي التحقيق وسع دائرة البحث القضائيلتحديد المسؤوليات الجنائية، إذ من المنتظر أن يستمع في الأيام المقبلة إلى ممثلي السلطة المحلية بمنطقة بوركون التابعة لعمالة أنفا، بينهم قائد المنطقة، على اعتبار أنه سبق وتدخل من أجل إخلاء المنزل بدعوى وجود شقوق في جدرانه، دون أن ينفذ هذا القرار، وكذا بعض المسؤولين في قطاع التعمير بمقاطعة بوركون، والوكالة الحضرية، عمالة أنفا، خاصة قسم التعمير بالعمالة، وشرطة مراقبة البناء، والمسؤول الجهوي بالوقاية المدنية التي تصادق على التراخيص المتعلقة بالبناء، حسب ملتمس النيابة العامة، مؤكدة أنه من المنتظر أن يتابع متهمون آخرون في الملف، على ضوء التحقيقات الجارية. واعتبرت المصادر أن هذا الملف متشعب، وهو ما يعيق البحث القضائي في القضية، خاصة أن البحث يجري على مستوى مبان شيدت قبل تصميم التهيئة الحضرية لسنة 1989، مضيفة أن التحقيق في هذا الملف وقع في إشكالية توزع المسؤولية وتحديدها، خاصة أن بعض الرخص منحت من طرف مسؤولين وافتهم المنية، أو جرى تنقيلهم إلى مدن أخرى للعمل، مشيرة إلى أن قاضي التحقيق، في إطار البحث القضائي المكلف به، طلب تمكينه من كل الوثائق التعميرية المتعلقة بالبنايات الثلاثة المنهارة، ومختلف التراخيص التي حصل عليها ملاكها طيلة السنوات الماضية.