سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عزيمان: إحداث المجلس يأتي في سياق تجسيد الأولوية القصوى لإصلاح المدرسة المغربية بمختلف مكوناتها الدورة الافتتاحية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي
قال عمر عزيمان، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إن "إحداث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يأتي في سياق تجسيد الأولوية القصوى لإصلاح المدرسة المغربية بمختلف مكوناتها (كرتوش) وأيضا تمكينها من الاضطلاع الناجع بوظائفها في التربية والتكوين والتأطير والبحث والتأهيل، بتعليم جيد ونافع وبفرص متكافئة. ودعا عزيمان في كلمة في الدورة الافتتاحية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، أمس الخميس بالرباط، أعضاء المجلس إلى تعزيز الإرث المهم الذي راكمه المجلس الأعلى للتعليم منذ إعادة تنظيمه سنة 2006، والذي يشكل اليوم مكسبا ينبغي توطيده وتطويره، مشيرا إلى أن هذا المجلس شهد فترة شغور اضطراري في الرئاسة المنتدبة بين سنتي 2010 و 2013، مما حال دون تمكن الهيئات التداولية للمجلس من متابعة اشتغالها، رغم تواصل عمل أجهزته التقنية عبر إنجاز الدراسات والتقارير والأنشطة التي كانت مدرجة في برنامج عمله. وأبرز عزيمان أن تنصيب المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يشكل طفرة نوعية، بالنظر لاختصاصاته الدستورية الجديدة، التي تخوله إبداء الرأي في كل السياسات العمومية والقضايا الوطنية، التي تهم التربية والتكوين والبحث العلمي، والإسهام في تقييم السياسات والبرامج العمومية ذات الصلة بهذه الميادين. وأضاف أنه بفضل هذه الاختصاصات الوازنة والموسعة، وبحكم الاستقلالية الدستورية للمجلس، وبغنى تركيبته التعددية، التي تزاوج في عضويته بين مسؤولين حكوميين، وصفوة من الخبراء والكفاءات، وبين عدد من الفاعلين الممثلين للمؤسسات والهيئات والفئات المعنية بالشأن التربوي، ستتمكن هذه المؤسسة، من إذكاء النقاش البناء، وحفز الذكاء الجماعي، وحشد التعبئة المجتمعية حول إصلاح المنظومة التربوية والرفع من جودتها. وشدد الرئيس على أن المجلس مدعو للتعاطي مع فضاء تربوي متعدد المكونات، يتميز بالتعقد والتشعب والتداخل، كما يتسم بتنوع المتدخلين، الأمر الذي يتطلب توضيح تموقع المجلس ضمن هذا الفضاء، ويستوجب تحديد العلاقات بين مختلف المتدخلين وتنظيم التكامل المؤسساتي والتعاون البناء. لذا، يضيف عزيمان، من الضروري التذكير بأن الاشتغال في الشأن التربوي يتم من زوايا مختلفة، لكل زاوية أهميتها الخاصة في أداء المهمة التربوية النبيلة. وأشار في هذا الصدد، إلى أن الزاوية الأولى تحيل إلى التعاطي مع المشاكل اليومية، التي تواجهها المنظومة التربوية، وهو ما يندرج ضمن مهام المدرسين والمؤطرين والإدارات والأجهزة المسؤولة عن المؤسسات التعليمية والتكوينية والجامعية محليا وإقليميا وجهويا، أما الزاوية الثانية، فتتمثل في حكامة المنظومة التربوية على المستوى الوطني، وإعداد وتدبير وتنفيذ السياسات العمومية؛ وهو ما يشكل الدور الأساس للقطاعات الحكومية المعنية، فيما تهم الزاوية الثالثة، حسب عزيمان، إرساء الترسانة القانونية والتنظيمية لمختلف قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي، وهي المهمة التي يتقاسم فيها عمل الجهاز الحكومي والجهاز التشريعي. أما الزاوية الرابعة، فتحيل إلى التحليل والتفكير الشمولي الاستراتيجي بمنهجية تقييمية وببُعد استشرافي، في المكانة الاجتماعية للمدرسة ووظائفها، ودور الجامعة ومهامها، ووظيفة البحث العلمي ومكانته، وفي مساءلة المنظومة التربوية عن أدائها وقيمة مردوديتها وجودتها، مبرزا أنه من هذا المنطلق، يكمن دور المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، ويبرز الطابع النوعي لمهامه وإسهامه في تحقيق التكامل والتناسق مع مهام المؤسسات الأخرى المعنية. الأولويات وفي ما يتعلق بالأولويات، قال رئيس المجلس، " إذا أردنا تحديد الأولويات، التي تُمليها المرحلة الحالية، علينا أن نستحضر التوجيهات الملكية السامية، ولاسيما التوجيهات المتضمنة في خطاب 20 غشت سنة 2012، الذي دعا فيه جلالة الملك، إلى تقوية إصلاح المنظومة التربوية عبر ضمان تعليم موفور الجدوى والجاذبية٬ وملائم للحياة التي تنتظر الأطفال والشباب، وتحقيق تغيير في نسق التكوين وأهدافه، وإضفاء دلالات جديدة على عمل المدرس٬ وتحويل المدرسة من فضاء يعتمد منطق شحن الذاكرة ومراكمة المعارف٬ إلى منطق تفعيل الذكاء وصقل الحس النقدي، علاوة على التركيز على النهوض بالمدرسة العمومية، إلى جانب تأهيل التعليم الخاص في إطار من التفاعل والتكامل، إلى جانب التوجيهات الواردة في خطاب 20 غشت 2013، الذي أثار فيه جلالته بقوة انتباه الأمة إلى الاختلالات العميقة التي تعانيها المدرسة، داعيا إلى إجراء وقفة موضوعية مع الذات، لتقييم المنجزات، وتحديد مكامن الضعف والاختلالات، ومذكرا بأهمية الميثاق الوطني للتربية والتكوين، بوصفه الإطار المرجعي للإصلاح التربوي، ومنبها في الوقت نفسه، إلى التراجع الذي همَّ على الخصوص، تجديد المناهج التربوية، والانسجام في لغات التدريس، وبرنامج التعليم الأولي، وثانويات الامتياز، وإلى سلبيات اعتماد منطق القطيعة بدل منطق توطيد التراكم وتطوير المكتسبات. محطات اشتغال المجلس في المرحلة المقبلة ومن هذا المنظور، أشار عزيمان إلى أن المجلس مقبل على مجموعة من الأعمال المترابطة والمتكاملة، منها ما يهم إرساء هياكل المجلس ومباشرة اشتغاله وسيره العادي، ومنها ما يتصل بالإعداد لبداية تقديم أجوبة عن انتظارات المجتمع المغربي في ميدان التربية والتكوين والبحث العلمي. وأضاف أن هذه الأعمال تنتظم في ثلاث محطات أساسية، حيث تبتدئ المحطة الأولى من هذا الاجتماع إلى أواخر يوليوز 2014، تستهدف إرساء النصوص والهياكل التنظيمية للمجلس وتقديم التقرير التقييمي، ويتعلق الأمر بدراسة مشروع النظام الداخلي للمجلس والمصادقة عليه؛ انتخاب أعضاء مكتب المجلس، وأعضاء اللجان الدائمة ورؤسائها ومقرريها، مباشرة مكتب المجلس لمهامه، تقديم التقرير التقييمي حول " تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000 – 2013..المكتسبات، التعثرات، التحديات"، فيما ستنطلق المحطة الثانية، ابتداء من الأسبوع الأول من شتنبر 2014، وتهم أساسا، حسب عزيمان، التداول في مشروع التقرير التقييمي المشار إليه سابقا، والمصادقة عليه، وتدارس العروض التي تتضمن الرؤية المستقبلية لمشاريع الإصلاحات التربوية المرتقبة على المدَى القريب والمدى البعيد، يقدمها الوزراء المشرفون على قطاعات التربية والتكوين والبحث العلمي وتكوين الأطر والتعليم العتيق أمام الجمعية العامة للمجلس من أجل التداول في شأنها، كما سيتم تنظيم لقاءات جهوية لتقاسم التشخيصات التي انتهى إليها المجلس، واستخلاص آراء وتوصيات مختلف الفاعلين، وتمكينهم من المشاركة في بلورة المداخل الاستشرافية الكفيلة بإصلاح المنظومة التربوية، والتداول في كل من مشروع برنامج عمل المجلس، ومشروع تنظيمه المالي والمحاسبي، ومشروع ميزانيته السنوية، وأيضا مشروع النظام الأساسي للموظفين العاملين به. أما المحطة الثالثة، يضيف رئيس المجلس، ستخصص بالأساس لإعداد مشروع التقرير الاستراتيجي للمجلس، مؤكدا أن الجميع مدعو إلى تعبئة الاجتهاد الجماعي من أجل بلورة هذا التقرير واعتماده، على نحو يجعله متضمنا للمداخل الكبرى لخارطة طريق الإصلاح الشامل للمنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، مع الحرص على التنسيق، في هذا الشأن، مع القطاعات الوزارية المعنية، ونهج مقاربة تشاركية لضمان التملُّك الجماعي لمضامين وأهداف هذا الإصلاح، وتعبئة الطاقات البشرية والوسائل المادية والتنظيمية اللازمة لإنجاحه. وأشار إلى أن أول خطوة للمجلس تتمثل في تنظيم عمله، وضبط منهجية اشتغال هيآته التداولية وأجهزته الداعمة، موضحا، في هذا الإطار، أن التداول في مشروع النظام الداخلي للمجلس والمصادقة عليه سيشكل لبنة أساسية لتأليف مكتبه ولجانه الدائمة، وكذا هيكلة الهيئة الوطنية للتقييم، وإرساء الأجهزة الإدارية للمجلس، وكيفيات سيره. سمات اشتغال المجلس. ودعا عزيمان أعضاء المجلس إلى تنظيم العمل وفق عدد من القواعد المنهجية، وعلى رأسها الاقتناع المتقاسم بأن الإصلاح ممكن، رغم كونه سيرورة معقدة ومتشعبة، ويندرج في مدى زمني ممتد، يتطلب نفسا طويلا، مع عدم استعجال النتائج قبل أوانها، واعتماد منهجية قوامها الحزم والتدرج وترصيد المكتسبات، من أجل إحداث التغيير المتوخى، ولاسيما باستهداف الفصل والقسم والمتعلم والمدرس، ونهج مقاربة تشاركية، ببعد استشرافي، تكون غايتها تعزيز الإصلاح التربوي، وإذكاء التعبئة المجتمعية حول سبل إنجاحه، وترسيخ فضيلة النقاش المفتوح على تعدد الرؤى واختلافها حول قضايا صعبة ومعقدة، حرص كل واحد منا على التجرد من موقعه الشخصي واعتباراته الفئوية، ومن الأحكام الجاهزة في مناقشة القضايا المطروحة على المجلس، وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وعدم حصر التفكير في قضايا المدرسة المغربية في نطاق محلي منغلق، بل فتحه على أفق أرحب، قوامه الاستئناس بمقارنة نجاحات وإخفاقات المنظومات التربوية لبلدان العالم، قصد استخلاص العِبَر من تجاربها، في منأى عن أي تقليد لأية أنماط جاهزة.