رفعت الأجهزة الأمنية مستوى اليقظة والحذر بسبب وجود تهديد إرهابي جدي موجه ضد المملكة. وعاينت "المغربية" عودة نقاط التفتيش إلى مداخل عدد من المدن، في حين استنفرت مصالح الأمن قواتها في المنافذ الحدودية للمملكة. وجاء هذا الإجراء الوقائي، بعد تسجيل على المواقع الجهادية رسائل تهديد موجهة إلى المغرب من طرف مقاتلين مغاربة ينشطون ضمن المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش". ورافق هذه الإجراءات عقد الولاة والعمال لقاءات تحسيسية وتواصلية حول الموضوع، في حين مازالت الأنباء متضاربة بخصوص قيام بوشعيب ارميل، المدير العام للأمن الوطني، بلقاءات مع المسؤولين في مختلف المدن، للوقوف على الخطوات المتخذة. وفي الإطار نفسه، أعربت الحكومة، أول أمس الخميس، عن اعتزازها بالعمل الجاد والمتواصل الذي تقوم به الأجهزة الأمنية لإحباط كل المحاولات، التي تستهدف المغرب، منوهة بحالة التعبئة القوية واليقظة المستمرة للكشف المبكر والتصدي للتهديدات الإرهابية وصيانة الأمن والاستقرار، وذلك أمام وجود "تهديد إرهابي جدي موجه ضد المملكة". وقال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، في لقاء مع الصحافة عقب اجتماع مجلس الحكومة برئاسة عبد الإله بنكيران، إن الحكومة عبرت عن مساندتها التامة لكافة المصالح الأمنية التي تقوم بعمل جاد للتصدي لجميع المحاولات، التي تستهدف المملكة والتهديدات الإرهابية. وقد قدم وزير الداخلية، محمد حصاد، خلال مجلس الحكومة عرضا حول "التهديدات الإرهابية، التي تستهدف المملكة المغربية والتدابير المتخذة من أجل مواجهتها" أبرز فيه أن المعلومات الاستخباراتية المتوفرة تفيد وجود "تهديد إرهابي جدي" موجه ضد المغرب يرتبط خصوصا بتزايد عدد المغاربة المنتمين إلى صفوف التنظيمات بسورياوالعراق. وأكد حصاد، حسب قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه "حسب المعلومات المتوفرة، فإن عددا من هؤلاء المقاتلين، بعضهم يتولى مراكز قيادية بهذه التنظيمات، لا يخفون نيتهم في تنفيذ مخطط إرهابي يستهدف المملكة، وقد تساعدهم في ذلك التجربة التي راكموها في مجال إعداد المتفجرات وتقنيات الحرب واستعمال الأسلحة الثقيلة والتكوينات، التي استفادوا منها في مجالات عسكرية متعددة". وأفاد أنه "من المحتمل أن يلجأ هؤلاء إلى الاستعانة بخدمات المجموعات الإرهابية التي تنشط بدول شمال إفريقيا أو بعض المتطرفين المغاربة الذين أعلنوا ولاءهم لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام"، مشيرا إلى ورود معلومات أخرى تشير إلى "سعي مجموعات إرهابية إلى صنع متفجرات غير قابلة للكشف بواسطة أجهزة المراقبة الإلكترونية". وكشف حصاد، في عرضه، "عن مجموعة من الإجراءات التي جرى اتخاذها لمواجهة هذه التهديدات الإرهابية الجديدة ولحماية أمن المواطنين وممتلكاتهم"، مذكرا بأن وزارة الداخلية قامت برفع درجة اليقظة والتأهب على مستوى الإدارة الترابية والمصالح الأمنية، كما جرت في هذا الصدد دعوة الولاة والعمال إلى اتخاذ تدابير محددة تعزز الإجراءات الأمنية الجاري بها العمل في ميدان محاربة الإرهاب، وطلب منهم، أيضا، العمل فورا على الرفع من مستوى الحيطة واليقظة، إلى أقصى درجة، وتقوية وسائل المراقبة ووجود عناصر قوات الأمن، وعقد لقاءات تحسيسية حول هذا الموضوع. ودعا حصاد إلى تضافر جهود الإدارة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية والقطاعين العام والخاص، من أجل التحسيس بخطورة التهديدات الإرهابية ومواصلة تعبئة كل الطاقات لمساندة الجهود، التي تبذلها الإدارة الترابية والأجهزة الأمنية لمواجهة هذا الخطر، مقترحا عددا من الإجراءات التي من شأنها أن تعزز هذه الجهود والمرتبطة أساسا برفع الوعي واليقظة بخطورة التهديد الإرهابي وبتعزيز الإجراءات الأمنية على مستوى كل المرافق الحيوية بالقطاعين العام والخاص وكذا بمعالجة إشكالية توافد مغاربة على هذه التنظيمات، وذلك دون المساس بالسير العادي للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية". لقاءات تحسيسية وتواصلية لتدارس سبل رفع من درجة الاحتراز واليقظة باشر الولاة والعمال عقد لقاءات تحسيسية وتواصلية لتدارس السبل الكفيلة بالرفع من درجة الاحتراز واليقظة للتصدي للتهديدات الارهابية. فقاعة الاجتماعات بولاية أكادير، احتضنت، أول أمس الخميس، لقاء تحسيسيا خصص لتدارس السبل الكفيلة بالرفع من درجة الاحتراز واليقظة للتصدي لكل ما من شأنه أن يؤثر على الاستقرار على خلفية عدد من التهديدات الإرهابية المحتملة. وشدد والي جهة سوس ماسة درعة عامل عمالة أكادير إداوتنان، محمد اليزيد زلو، خلال هذا اللقاء، الذي ضم عددا من ممثلي القطاع السياحي وقطاع المراكز التجارية الكبرى والأجهزة الأمنية وشركات الأمن الخاص، على أهمية هذا اللقاء في سياق التهديدات الصادرة عما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بنقل أنشطتها الإرهابية إلى منطقة المغرب العربي، "خاصة مع استمرار ظهور بارز لمقاتلين مغاربة في هياكلها وانضمامهم إلى فصائل جهادية أخرى كما هو الحال في سوريا". وأبرز أن تطورات الأحداث بكل من سورياوالعراق يدعو إلى الوقوف على الأخطار المحتملة، خاصة في ظل التهديدات المستمرة لهذا التنظيم، الذي دعا إلى تأسيس فرع له ببلاد المغرب الكبير "الدولة الإسلامية في المغرب العربي"، ما سيترتب عنه تطورات مقلقة على أمن المنطقة. واعتبر أنه بالنظر كذلك للأوضاع داخل الأراضي الليبية، "التي تعرف انفلاتا أمنيا كبيرا، فإن هذا الوضع يشكل خطرا محدقا بأمننا واستقرارنا"، سيما أن هذه التنظيمات الإرهابية تستقطب المزيد من عناصر السلفية من داخل المغرب، علما أن المتطوعين في هذا التنظيم الجهادي يستفيدون من تداريب دقيقة ومركزة حول كيفية استعمال الأسلحة وتقنيات التفجير والعمليات الانتحارية قبل تعبئتهم من أجل العودة لتنفيذ مخططاتهم التخريبية والإرهابية لزعزعة أمن واستقرار البلاد. وأوضح أن هذا الوضع بات يفرض على الجميع شحذ الهمم والعمل الموحد في تناسق تام من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الوطن من كل ما يمكن أن يحدق به من أخطار وتهديدات التنظيمات الإرهابية، التي يتوجب وضع حد لها والعمل كجسد واحد من أجل الحفاظ على استقرار الأمة. وشدد المسؤول ذاته على أن الجميع غدا مطالبا، بموازاة مع الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذة، بالتنسيق التام مع المصالح الأمنية والسلطات المحلية وإبلاغها في حينه بكل ما يثير الشبهة ورفع درجة الحذر واليقظة لدى مصالح الحراسة لرصد السلوكات المشبوهة للوافدين على الوحدات الفندقية، وتحسيس عناصر الحراسة بضرورة الرفع من درجة الحذر واليقظة على مستوى المرافق الترفيهية والليلية واعتماد المراقبة المستمرة والدقيقة بواسطة كاميرات المراقبة واعتماد التكنولوجيا المتطورة في هذا الشأن. كما ترأس خطيب الهبيل، عامل إقليم النواصر، أخيرا، اجتماعين موسعين حول الموضوع نفسه. وأوضح بلاغ للعمالة أن أشغال هذين الاجتماعين تمحورت حول كيفية تعزيز المراقبة الأمنية والرفع من درجات اليقظة والتأهب والتعبئة الشاملة خاصة بالمناطق الحساسة وعلى رأسها مطار محمد الخامس الدولي للدارالبيضاء، كمنطقة استراتيجية تستقبل 50 في المائة من الرحلات الدولية، بحركة تنقل ما يفوق 8 ملايين مسافر. وعلى هامش الاجتماعين، قام خطيب والوفد المرافق له بزيارة بعض المرافق الحيوية بالمطار للوقوف على مدى جاهزيتها ضد أي تهديدات محتملة مع التأكد من جميع الإجراءات الأمنية المتخذة، فضلا عن تفقده المراكز الأمنية المكلفة بالحراسة بالمطار. ووجهت الدعوة بالمناسبة إلى كافة المتدخلين كل في إطار اختصاصه لتكثيف عمليات التنسيق وتبادل المعلومات في ما بينهم، كما أعطيت التعليمات لرجال السلطة بهدف عقد اجتماعات أمنية محلية لتحسيس مختلف الوحدات الصناعية والإنتاجية والهيئات المهنية من أجل اتخاذ كافة الاحتياطات واليقظة من أجل الانخراط في عملية إجهاض أي عمل إرهابي مع التجند بكثافة لضمان أمن وسلامة المواطنين واستقرار البلاد. تفكيك 65 خلية في 10 سنوات و5 في الستة أشهر الأولى من 2014 تكشف "المغربية" معطيات خاصة عن حصيلة الخطة الأمنية، التي مكنت من إفشال مخططات إرهابية خطيرة لزعزعة استقرار المغرب بعد الاعتداءات الإرهابية، التي هزت الدارالبيضاء في 16 ماي 2013، مخلفة عشرات القتلى والجرحى. وتفيد الأرقام الرسمية، الخاصة ب"المغربية"، أن عدد الخلايا المفككة، في السنوات العشر الأخيرة (أي من 2005 إلى يونيو 2014)، وصل إلى 65 خلية بعضها أظهرت التحريات أنها تربط صلات وثيقة بتنظيمات دولية، على رأسها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". وأكد مصدر مطلع أن سنة 2005 شهدت تفكيك 5 خلايا، بينما ارتفع العدد إلى 8 في سنة 2006، ثم انتقل في سنة 2007 إلى 9. أما سنة 2008، يضيف المصدر نفسه، فشهدت تفكيك 8 خلايا، ثم 5 في سنة 2009، و8 في سنة 2010، و4 في سنة 2011، و7 في سنة 2012. وشهدت السنة الماضية، يؤكد مصدر مطلع، تفكيك 5 خلايا، بينما وصل عدد الخلايا المفككة، في الشهور الستة الأولى من السنة الجارية، إلى خمس. وأسفرت آخر العمليات الأمنية عن تفكيك الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، خلية إرهابية تتكون من ستة أشخاص، بينهم معتقل سابق بمقتضى قانون الإرهاب، تنشط بمدينة فاس، ومتخصصة في تجنيد وإرسال متطوعين مغاربة للقتال ضمن صفوف الجماعات الإرهابية بسورياوالعراق. وأكدت التحريات أن هذه الخلية قامت، بتنسيق مع قياديي التنظيمات الإرهابية التي تنشط بهذين البلدين، باستقطاب وإرسال العديد من المقاتلين إلى هذه البؤر، حيث يستفيدون من تداريب عسكرية حول استعمال الأسلحة وتقنيات صناعة المتفجرات، في أفق تعبئة البعض منهم، من أجل تنفيذ عمليات انتحارية بكل من العراقوسوريا. وتبين، من خلال تتبع أنشطة المقاتلين المغاربة، الذين شاركوا في مختلف العمليات العسكرية ضمن الجماعات الموالية لتنظيم "القاعدة"، عزمهم العودة إلى أرض الوطن من أجل زعزعة أمنه واستقراره، عن طريق تنفيذ اعتداءات إرهابية. وأشار بلاغ لوزارة الداخلية إلى أن أعضاء هذه الخلية يجمعون التبرعات المالية، مع الاتجار في السلع المهربة، بغرض تأمين الدعم المادي لتمويل سفر هؤلاء المتطوعين إلى سوريا. يذكر أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تمكنت، في وقت سابق، بتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وبتنسيق مع المصالح الأمنية الإسبانية، من تفكيك خلية إرهابية، ينشط أعضاؤها بالعروي ومليلية المحتلة، ومالقة الإسبانية، في تجنيد متطوعين للقتال بالعديد من بؤر التوتر، وتزوير جوازات السفر، ويتزعمها مواطن إسباني متطرف. وأسفرت العملية عن إيقاف ثلاثة أعضاء مغاربة بهذه الخلية في مدينة العروي، تزامنا مع اعتقال رأسها المدبر وشركائه من طرف المصالح الأمنية الإسبانية.