دعا عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إلى فتح باب المغادرة الطوعية من جديد في وجه موظفي الإدارات العمومية، موضحا أنه كلف محمد مبديع، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، بتدقيق تفاصيل اقتراحه. (ماب) واستغرب رئيس الحكومة، في كلمته الافتتاحية لأشغال المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، أمس الثلاثاء بالرباط، ل"صبر موظفي المرفق العام عشرات السنين في الإدارة نفسها"، ودعا الوزير المكلف بالوظيفة العمومية إلى البحث عن طرق تمكن الحكومة من فتح باب المغادرة الطوعية في وجه الموظفين، للتخفيف من أعباء نفقات الحكومة على الموظفين، التي تصرف عليهم كل سنة حوالي 103,7 ملايير درهم. وقال إن "الوظيفة العمومية أصبحت حلم أغلب الشباب الحامل للشهادات العليا بحكم المنطق العام، الذي حكم طرق اشتغال موظفي الإدارات العمومية المستفيدين من الأجور والامتيازات"، منتقدا "تقاعس" بعض موظفي الإدارات العمومية في أداء واجبهم المهني، كما انتقد طريقة تنقيط الموظفين من قبل مسؤوليهم، إذ "لا تقل النقط المسلمة إليهم عن 18 على 20، رغم أنهم لا يستحقونها". وتطرق رئيس الحكومة، في كلمته، التي تابعها جل الوزراء، إلى ضرورة معالجة قضية عدم رضا المواطنين عن أداء موظفي المرفق العام، داعيا أعضاء المجلس الأعلى إلى تشخيص وضعية المرفق العام والبحث عن السبل والحلول الكفيلة بتصالح المواطنين مع إداراتهم، وجعل الإدارة في خدمة المواطن. من جهته، أعلن مبديع، في كلمة مطولة، عن مجموع مشاريع القوانين، التي تعتزم الحكومة سنها لتأهيل المرفق العام، مبرزا أن هدف الحكومة هو الرفع من إنتاجية الوظيفة العمومية ومردوديتها، انسجاما مع مقتضيات الدستور، التي تربط بين الأجر والعمل، وتجعل كل الموظفين تحت مسؤولية المساءلة في حالة الإخلال بواجبهم، بهدف تأهيل المرفق العام، ومتعهدا بالعمل على الاعتناء بالموارد البشرية وتحديث الإدارة، وقال "نسعى إلى تثمين الموارد البشرية من أجل حكامة جيدة للمرفق العام، من خلال بذل المجهودات الكفيلة بإصلاح منظومة الوظيفة العمومية". ودعا مبديع أعضاء المجلس الأعلى للوظيفة العمومية إلى الاهتمام بدراسة مشروع قانون المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الذي قال إنه يهدف إلى "بناء منظومة متطورة للموارد البشرية، تمكن من الانتقال من التدبير الإداري التقليدي للموظفين إلى تدبير عصري حديث للموارد البشرية، يتوخى تثمين وتحفيز الرصيد البشري، في إطار شمولي يضع حدا للمقاربات الفئوية". وطالب المجلس الأعلى بإيجاد السبل الأنجع لفتح إمكانية التشغيل بموجب عقود، من أجل إنجاز مشاريع أو تقديم خدمات، أو القيام بمهمة أو ممارسة وظيفة سامية، وبحث الوسائل التي تمكن الإدارات العمومية من سد حاجياتها من الكفاءات والخبرات، القادرة على تسيير وتدبير المشاريع والأوراش الكبرى، التي تسهر على تنفيذها على الأمد القصير والمتوسط. وقدم مبديع الخطوط العامة لمشروع مرسوم نقل الموظفين، الذي يهدف إلى دعم الحركية في الوظيفة العمومية، لتمكين الإدارة من الاستعمال الأمثل لمواردها البشرية، معتمدا في ذلك على مد البنيات الإدارية بحاجياتها من الكفاءات والأطر، بما يساعدها على الاستجابة لرغبات المرتفقين وانتظاراتهم، ويؤهل الإدارة للنهوض بمهامها ومسؤولياتها، في سياق يوجب على الإدارة التركيز أكثر على المردودية والإنتاجية، في إطار تدبير عقلاني للشأن العام. وأضاف "على المجلس الأعلى مناقشة مشروع مرسوم آخر يتعلق بالتكوين المستمر، بهدف تطوير القدرات التدبيرية للموظفين، عبر تأهيلهم المتواصل بما يستجيب لتغير متطلبات المهام المنوطة بهم"، موضحا أن المشروع الجديد يهتم بمسايرة التطور التكنولوجي والتحولات والمستجدات في محيط الإدارة، من خلال مراجعة منظومة التكوين المستمر في اتجاه تمكين الإدارات من استكمال خبرة أطرها، والرفع من مستوى أدائها. يشارك في أشغال المجلس الأعلى للوظيفة العمومية، الذي حضر جلسته الافتتاحية جل وزراء الحكومة، ممثلو مختلف القطاعات الحكومية، والمؤسسات التشريعية والقانونية، والفرقاء الاجتماعيون، والخبراء والباحثون. ويشكل المجلس الأعلى فضاء للتشاور والحوار وتبادل الرأي حول قضايا الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، كما يختص بالنظر في جميع القضايا ذات الطابع العام، المتعلقة بالوظيفة العمومية المعروضة عليه من طرف الحكومة، ويدلي برأيه في شأن مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالموظفين الخاضعين للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وفي توجهات السياسة الحكومية في مجال التكوين المستمر، وفي كل التدابير المرتبطة بتطوير منظومة تدبير الموارد البشرية. ويعتبر المجلس الأعلى للوظيفة العمومية من أول المجالس المحدثة بالمغرب (سنة 1958) بموجب الفصل 10 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. ويتكون المجلس، الذي انعقد أول مرة سنة 2000، وآخرها بتاريخ 8 دجنبر 2010، من ممثلين عن الإدارة والجماعات المحلية وممثلين عن الموظفين.