يبحث خبراء وعلماء ومسؤولون مغاربة وأجانب، في لقاء بمراكش، الإستراتيجيات التي يمكن اعتمادها من أجل حماية وتثمين أشجار العرعر الفواح والتي تعتبر نظاما بيئيا فريدا مهددا بالاندثار. ويناقش المشاركون في إطار الندوة الدولية الخامسة حول غابات العرعر الفواح، التي تحتضنها كلية العلوم السملالية بمراكش ابتداء من أول أمس الأربعاء وإلى غاية 4 ماي الجاري، دينامية تكاثر هذا النوع من الأشجار والجوانب المرتبطة بنظامها الايكولوجي وتدبيرها وآفاق حمايتها وتثمينها بشكل مستدام. وتسعى هذه الندوة، التي تنظمها كلية العلوم السملالية بشراكة مع كلية العلوم ابن امسيك بالدار البيضاء والمديرية الجهوية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بمراكش، إلى أن تشكل فضاء للتبادل وتقاسم التجارب والخبرات ونتائج الأبحاث على المستوى الوطني والدولي ذات الصلة بهذا النوع من الأشجار المتواجد بشكل خاص بحوض المتوسط. وحسب وثيقة للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر فإن منظومة العرعر الفواح تكتسي أهمية كبيرة بالمناطق الجبلية، إذ تعتبر خزانا للجينات الحيوانية و النباتية الخاصة بمنظومة العرعر، كما تلعب دورا مهما في تنظيم جريان المياه والحفاظ على التربة والبنيات التحتية من الانجراف إضافة إلى دورها في محاربة توحل الأنهار وقدرتها في التخفيف من آثار الجفاف. وعلى الرغم من أهمية هذه المنظومة البيئية، يضيف المصدر، إلا أنها تعاني من اختلالات ترجع بالأساس إلى الاستغلال المفرط والرعي الجائر الذي يفوق الطاقة الاستيعابية لهذه الغابات. وفي هذا السياق، تعتمد المندوبية السامية للمياه والغابات و محاربة التصحر مقاربة مجالية تهتم بإعادة هيكلة المنظومة البيئية لغابات العرعر من خلال تحفيز التخليف الطبيعي في هذه المناطق الجبلية. يذكر أن عملية إعادة تهيئة الأنظمة الايكولوجية والمحافظة عليها بما في ذلك منظومة العرعر الفواح تواكبها جملة من الأبحاث العلمية تقوم بها المندوبية السامية للمياه والغابات من أجل تعميق المفاهيم فيما يخض الظروف الايكولوجية والبيئية لهذه المنظومة، إضافة إلى أبحاث تتعلق بالقدرة الإنتاجية للعرعر في ظل الإكراهات المناخية الحالية، ودراسات من شأنها ضبط وإنجاح عمليات الحفاظ على هذا الموروث الطبيعي الذي يميز المناطق الجبلية. ويصاحب التدابير المتبناة من طرف المندوبية للمحافظة على التوازنات الإيكولوجية أنشطة مدرة للدخل، تهدف إلى تحسين الظروف السوسيو-اقتصادية للساكنة المحلية المجاورة لهذه الغابات وتحقيق التنمية المستدامة لغابات العرعر لتخفيف الضغط على هذه المنظومة. يشار إلى أن هذا النوع من الأشجار يتواجد بمنطقتي الأطلس الكبير (أيت بوكماز، تيزي نتيشكا، أزادن، تودغا) والأطلس المتوسط وبمرتفعات يتراوح علوها ما بين 1700 و 3400 متر. كما يعتبر العرعر الفواح النوع الأكثر تكيفا مع الظروف المناخية القاسية والأتربة الفقيرة القليلة الخصوبة بهذه المناطق الجبلية بحيث يعتبر الحد الأعلى لتواجد التشكيلات الغابوية في أعالي الجبال.