احتضنت القاعة الكبرى بمقر جهة تادلة أزيلال بمدينة بني ملال، يومي الجمعة والسبت الماضيين، الندوة العلمية الثالثة للدورة الثامنة عشرة لجامعة مولاي علي الشريف، التي نظمتها مديرية الوثائق الملكية، حول موضوع "المرحلة الثانية من عهد السلطان سيدي محمد بن يوسف: 1939- 1955". قال عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة والناطق الرسمي باسم القصر الملكي، ورئيس اللجنة العلمية لجامعة مولاي علي الشريف، في كلمة تليت نيابة عنه في افتتاح أشغال هذه الندوة، إن إقامة هذا اللقاء العلمي يروم "توسيع دائرة الإفادة وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من مثقفي كل جهة من جهات المملكة لتساهم بدورها في توسيع دائرة معارف الأجيال الصاعدة حول كفاح أجدادهم المناضلين وملوكهم الميامين في المحافظة على سيادة البلاد ووحدتها الترابية والوطنية والدينية، وحراسة حدودها من كل معتد أثيم وصيانة كرامة أهلها وذويها". وأشارت كلمة المريني إلى أن هذه الندوة العلمية تأتي عقب الندوة الأولى التي نظمت بالرشيدية والثانية بالناظور، واللتين تضمنتا عددا من العروض والبحوث القيمة أعقبتها مناقشات شارك فيها عدد من المهتمين والمتتبعين تعميما للفائدة المرجوة. من جانبه، أبرز الكاتب العام لوزارة الثقافة، محمد لطفي المريني، في كلمة له، أن اختيار مدينة بني ملال لاحتضان أشغال هذه الندوة جاء باقتراح من الوزارة واللجنة العلمية للجامعة وبمباركة سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نظرا لاعتبارات "ترتبط بعراقة المدينة وعمقها الحضاري، وللسجل الحافل بالبطولات لرجال ونساء جهة تادلة-أزيلال الأبرار، الذين ساهموا بقسط وافر في كتابة تاريخ الحرية والاستقلال بمداد الدم والتضحيات". وقال المريني إن تنظيم هذا اللقاء العلمي بعاصمة جهة تادلة-أزيلال يعد كذلك مناسبة للتفكير في الوضع الثقافي بالمدينة والجهة، والبحث عن سبل الرقي به وتطويره للمساهمة في تحقيق التطلعات التنموية للمواطنين، مؤكدا أن الوزارة "لم تدخر جهدا لتمكين الجهة من منجزات ومشاريع ثقافية مهمة". من جهته، أبرز والي جهة تادلة-أزيلال، عامل إقليمبني ملال محمد فنيد، أن "الجهة كانت من بين قلاع الوطنية الصادقة، وحصنا من حصون الدفاع عن استقلال المغرب والتشبث بالعروة الوثقى التي تجمع سكان الجهة بالعرش العلوي المجيد"، مشيرا إلى أن دماء المجاهدين والمقاومين روت تراب هذه الجهة في معارك عديدة ضد المستعمر. وقال إن هذه الدورة ستعكس "ما دأب عليه الملوك العلويون الذين حرصوا دوما على أن يظل المغرب متشبثا بجذوره التاريخية وعناصر هويته، متمسكا بقيمه وثقافته، معتزا بحاضره ومنجزاته، ومتطلعا بطموح إلى المستقبل". من جانبها، قالت بهيجة سيمو، مديرة الوثائق الملكية، في تصريح ل"المغربية"، إن اليومين الدراسيين سينظمان في سياق جامعة تافيلالت، وكذلك المعرض الموازي حول صور المغفور له محمد الخامس منذ الولادة إلى الاستقلال، وهو من تنظيم مديرية الوثائق الملكية التي تتشرف بإدارتها. ويتضمن المعرض أهم المحطات السياسية، التي قام بها محمد الخامس، ودوره في الدفاع عن الوحدة الترابية، وعن استقلال المغرب. وتضيف بهيجة سيمو أنه لا يخفى على الجميع أن المغفور له كان دائما يستحضر بحكمة وتبصر مسار الاستقلال، وكان يربطه بمسار الحرية والدفاع عن الديمقراطية. وتوزعت أشغال الندوة العلمية بين جلستين علميتين، طيلة يومين، تناولت الأولى خمسة محاور، وهي "مكانة السلطان محمد بن يوسف لدى قبائل الأطلس المتوسط"، و"السلطان محمد بن يوسف والحركة الوطنية المغربية"، و"الاحتفال بعودة السلطان محمد بن يوسف متوجا ببشرى الاستقلال والحرية يوم 16 نونبر 1955"، و"مساهمة منطقة زمور في النضال الوطني ضد الاستعمار (1939-1955)"، و"ردود الفعل الوطنية والدولية إزاء مؤامرة خلع السلطان سيدي محمد بن يوسف سنة 1953". فيما تناولت الجلسة الثانية مداخلات حول مواضيع "السلطان محمد بن يوسف والحرب العالمية الثانية"، و"المغرب في مواجهة الحرب العالمية الثانية (1939-1945)"، و"التسامح الديني في فكر السلطان سيدي محمد بن يوسف"، و"كتاب مدرسي من سنة 1955 (اقرأ) لأحمد بوكماخ"، بمشاركة ثلة من الباحثين والأساتذة والمهتمين والمختصين.