نظمت المديرية العامة للجماعات المحلية، بشراكة مع الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في إطار برنامج الحكامة المحلية بالمغرب، يوما دراسيا وتحسيسيا لفائدة السيدات والسادة رؤساء المجالس المنتخبة التابعة لولاية جهة دكالة-عبدة، في موضوع "الافتحاص الداخلي والحكامة الترابية". يأتي هذا اللقاء الدراسي، الذي نظم يوم الخميس 17 أبريل الجاري، بمقر ولاية جهة دكالة-عبدة بآسفي، في إطار سلسلة اللقاءات التي شرعت المديرية العامة للجماعات المحلية في تنظيمها، بمختلف جهات المملكة، بهدف تحسيس رؤساء المجالس الجماعية وأطر الإدارة المحلية بدور وأهمية الافتحاص الداخلي، كآلية للحكامة المحلية الجيدة، وتكريس ثقافة الأخلاقيات والشفافية داخل المرافق العمومية المحلية. وشارك في اللقاء رؤساء بعض المجالس الجماعية والكتاب العامون، وممثلون عن المجلس الجهوي للحسابات بسطات، والمفتشية العامة للمالية، والمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، وممثلون عن الإدارة المركزية. كما يأتي هذا اليوم التحسيسي بعد النجاح الذي شهدته التجارب النموذجية لكل من الجماعات الحضرية لآسفي، والجديدة، وسلا، وهي التجارب التي قطعت أشواطا مهمة، توجت بإحداث مصالح للافتحاص الداخلي بهذه الجماعات، والشروع في إنجاز مهام للتدقيق الداخلي بمختلف مصالحها ومرافقها. وفي كلمته الافتتاحية، أكد والي جهة دكالة-عبدة، عبد الفتاح البجيوي، أهمية التدقيق الداخلي ودوره في ترسيخ مبادئ الحكامة المحلية، مضيفا أنه يأتي في سياق مواكبة ديناميكية الإصلاحات الكبرى التي يعرفها المغرب، التي تهدف إلى اعتماد مبادئ الحكامة الجيدة كرافعة أساسية لتخليق مجال تدبير الشأن العام على المستوى الوطني والمحلي، مشيرا إلى أنه ولأول مرة يتم تخصيص باب كامل للحكامة الجيدة في الدستور المغربي لسنة 2011، الذي نص على مجموعة من العناصر، من بينها ضمان استقلالية الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة وإلزامها بتقديم تقارير سنوية عن أعمالها. وأضاف أن الدستور الجديد عزز مكانة الجماعات الترابية كفاعل أساسي في المسلسل التنموي إلى جانب الدولة والقطاع الخاص ومكونات المجتمع المدني، مع إطلاق الورش الكبير للجهوية المتقدمة، الذي سيشكل تحولا نوعيا في أنماط الحكامة الترابية. من جهته، أكد العامل مدير مديرية تكوين الأطر الإدارية والتقنية بوزارة الداخلية، عبد الوهاب الجابري، على أهمية موضوع اللقاء في سياق التحولات العميقة التي يشهدها نظام التدبير العمومي ببلادنا، موضحا أن المغرب خصص، لأول مرة، بابا كاملا في دستور 2011 للحكامة المحلية وخضوعها للمراقبة والتقييم عبر آليات محددة. وأشار إلى أن التدقيق الداخلي يسمح بامتلاك تصور حقيقي عن العملية التدبيرية، وبالتالي تمكين المدبر من الوقوف على مكامن القوة والضعف، وكذا التعرف على الإيجابيات والنواقص التي تعتري تدخلاته، ما يسمح بتقويم الاختلالات واتخاذ القرارات المطلوبة بالسرعة والفعالية والنجاعة اللازمة. وشدد المتدخل على أهمية هذا اليوم التحسيسي، الذي يعد فرصة لتعميق النقاش حول الافتحاص الداخلي، خاصة في ما يتعلق بتدبير الموارد المتاحة والبرامج وتبادل الخبرات والتجارب في الافتحاص الداخلي، بغية التوصل إلى توصيات عملية تكون بمثابة أرضية مناسبة لخلق وحدات خاصة بهذا الموضوع ومواكبته عبر التكوين والتأطير اللازمين. من جانبه، أكد ممثل برنامج الحكامة المحلية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، العربي الغربي، على الدور البارز للتدقيق الداخلي لتحسين مستوى الشفافية داخل الجماعات، وتكريس ثقة المواطنين في الهيئات المنتخبة وتقوية مشاركتهم في خدمة الحكامة المحلية، مبرزا الدور الهادف لبرنامج الحكامة المحلية في تنزيل هذه المبادئ على أرض الواقع. وأشار المتحدث إلى أن برنامج الحكامة المحلية يهدف كذلك إلى جعل الافتحاص الداخلي في الجماعات الترابية أداة عملية لمساعدة رؤساء الجماعات المحلية في تدبير موارد جماعتهم بشكل فعال وتوفير الظروف الملائمة لضمان تعاون بناء مع هيئات المراقبة المالية والإدارية، موضحا أن برنامج الحكامة المحلية قام بدعم الجماعات الحضرية لآسفي وسلا والجديدة، في تأسيس ومواكبة هياكل للافتحاص الداخلي وتمكين هذه الجماعات من إنجاز مهمات للافتحاص معتمدة على وسائلها الخاصة. يذكر أنه تم توزيع شهادات تقديرية على أطر مصلحتي الافتحاص الداخلي بكل من الجماعتين الحضريتين لآسفي والجديدة. وأجمع المتدخلون خلال المناقشة على الأهمية البالغة للتدقيق الداخلي في الرفع من أداء المصالح الجماعية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، كما تم التطرق إلى مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بهذا الموضوع، تتعلق بالإطار القانوني، والموارد البشرية، سيما في الجماعات القروية، وكذا إشكالية استقلالية أجهزة الافتحاص الداخلي.