في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، الذي يعد مناسبة للاحتفاء برموز الحركة المسرحية، شهد الافتتاح الرسمي، الذي ترأسه محمد الأمين الصبيحي وزير الثقافة، مساء الخميس المنصرم بآسفي، تكريم ثلاثة فنانين مسرحيين مغاربة، متميزين، ويتعلق الأمر بفاطمة هراندي الشهيرة ب"راوية"، ومصطفى الزعري، والكاتب والمخرج المسرحي سعد الله عبد المجيد. الممثلة المغربية فاطمة هراندي الشهيرة ب"راوية" نوه الوزير، في كلمة خلال هذا الحفل الذي احتضنته مدينة الفنون والثقافة، بالعطاء الفني للمحتفى بهم وحضورهم المتميز طوال عقود من الممارسة الفنية في المسرح والسينما والتلفزة. وبهذه المناسبة قال الكاتب والمخرج والممثل المسرحي، سعد الله عبد المجيد، إن "تكريمه في اليوم العالمي للمسرح تكريم لجميع المسرحيين المغاربة، الذين حملوا على عاتقهم خدمة هذا الفن النبيل، الذي يتطلب الكثير من التضحيات، وضحوا بالغالي والنفيس في سبيل استمراره رغم العديد من الإكراهات"، مشيرا في تصريح ل"لمغربية" إلى أن المسرح يحتاج إلى الدعم المعنوي والمادي أكثر من أي وقت مضى للخروج من الأزمة، التي عاشها في السنوات الأخيرة. من جهتها عبرت الممثلة المغربية فاطمة هراندي الشهيرة ب"راوية"، عن سعادتها بهذا التكريم، الذي اعتبرته حافزا للفنان من أجل استمراره في العطاء، مشيرة في تصريح مماثل إلى أن المسرح فن نبيل وأهله يحتاجون إلى مثل هذه الالتفاتة لبذل المزيد من العطاء. وتميز حفل التكريم بتقديم شهادات في حق المحتفى بهم من الفنانين عبد العظيم الشناوي وعبد الكبير الشداتي، وعبد اللطيف خمولي، تشيد بما قدموه من خدمات للمسرح والسينما والتلفزة المغربية وبالمهنية والأخلاق العالية التي يتحلون بها. من جهته، قال وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي في كلمة بالمناسبة إن الاحتفال باليوم العالمي للمسرح فرصة للقيام بعمل واسع للإشعاع المسرحي، مبرزا البرنامج المسرحي الذي جرى وضعه لهذه الغاية، الذي يشتمل على حوالي 150 عرضا مسرحيا ب42 فضاء ثقافيا، تعبأت له مديرية الفنون والمديريات الجهوية والمسرح الوطني محمد الخامس والمجالس المنتخبة والسلطات المحلية والفرق المسرحية ووسائل الإعلام. وأكد أن هذه البرمجة تبرهن على أن للمسرح المغربي طاقات كبيرة ومؤهلات متعددة تجعله مستشرفا مستقبلا زاهرا، مذكرا بتمكن المغرب من توفير شبكة مهمة من المسارح تناهز مائة فضاء لاستقبال الفعاليات الثقافية والفنية عموما والمسرحية على الخصوص، إلى جانب المشاريع الكبرى لإحداث مسارح بمواصفات عالمية منها مسارح الرباط والدار البيضاء ووجدة وطنجة. وشدد الصبيحي أيضا، على ما تتميز به الساحة المسرحية من مؤهلات بشرية إبداعية مهمة تتمثل في وجود ما يناهز سبعين فرقة مسرحية ذات مواصفات احترافية، إلى جانب عدد مهم من الفرق المحلية التي تساهم بفعالية في الدينامية المسرحية الوطنية. وبالمناسبة ذاتها، أعلن الصبيحي زيادة قيمة الدعم الموجه للمسرح من ستة إلى عشرة ملايين درهم، في إطار المقاربة الجديدة المبنية على طلبات عروض مشاريع تهم مجالات الكتابة المسرحية والإقامة الفنية والترويج والتوزيع والتنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات المسرحية ومسرح الشارع. وأضاف الصبيحي أن المسرح الوطني محمد الخامس، باعتباره مؤسسة عمومية تشرف عليها وزارة الثقافة، سيساهم بدوره في دعم الإنتاج المسرحي لفائدة عشرين عرضا مسرحيا، إلى جانب الترويج على الصعيد الوطني وشراء العروض لفائدة المؤسسة. كما أعلن الوزير، من جهة أخرى، عن فتح باب تجديد بطاقة الفنان وفق المرسوم الجديد، والعمل على توسيع قاعدة المستفيدين منها، مشيرا إلى أن عدد البطاقات بلغ 1430، أزيد من نصفها (750 بطاقة) منها للمسرحيين، في إطار مواصلة الجهود التنظيمية لهذا القطاع، والسعي إلى تمكين بعض الفنانين من الالتحاق بالتعاضدية الوطنية للفنانين. وترصد وزارة الثقافة لفائدة التعاضدية الوطنية للفنانين، التي تؤمن خدمات الرعاية الطبية والتغطية الصحية للفنانين، مبلغا سنويا بقيمة مليوني درهم، في أفق إحداث مؤسسة للرعاية الاجتماعية لهذه الفئة. وفي مجال التكوين، أشار الوزير إلى الدور المهم، الذي يضطلع به المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي إلى جانب المحترفات التحسيسية للتكوين المسرحي، مؤكدا أن الوزارة تحرص على تطوير أدائها وتوسيع مجال اشتغالها، وأن هذه المحترفات توجد اليوم بأزيد من ثمانية مدن مغربية ويستفيد منها حوالي 800 شابة وشاب، في أفق أن تعمم تدريجيا بباقي المدن والمناطق. يذكر أن سعد الله صاحب المواهب الفنية المتعددة (التأليف المسرحي والإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو) من أبرز الوجوه المسرحية في المغرب، ومن أشهر أعماله التي قدمها للخشبة مسرحية "زهرة بنت البرنوصي" التي حققت شهرة واسعة في ثمانينيات القرن المنصرم. أما مصطفى الزعري، الذي بدأ مساره الفني في ستينيات القرن الماضي، فهو أحد رجالات المسرح والتلفزة والسينما، حيث تمكن خلال السنوات التي قضاها في الميدان الفني من سبر أغوار الخشبة واشتغل في مختلف أروقتها (ديكور ولباس وماكياج وإنارة) ومن أعماله المسرحية "بنت الزاز"، و"الجيلالي طرافولتا"، و" حلوف كرموس"، و"دابا تجي دابا". من جهتها، بدأت فاطمة هراندي التي يلقبها محبوها ب(راوية)، مسارها مع أب الفنون كنشاط مسرحي بثانوية شوقي بالدارالبيضاء، قبل أن تجري تداريبها في التمثيل سنة 1969 في المعمورة.