ثمن المشاركون في ندوة دولية، نظمتها الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، وبدعم من التعاون السويسري، مساء أول أمس الاثنين بالرباط، المبادرة الملكية لتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين المقيمين في المغرب، معتبرين أنها مبادرة استثنائية. (كرتوش) وقال أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، في الجلسة الافتتاحية للندوة، التي نظمت تحت شعار "السياسة الجديدة للهجرة، أية استراتيجية للإدماج؟"، إن "هذا اللقاء يندرج في إطار الجهود المبذولة لتفعيل المبادرة الملكية، من أجل رؤية جديدة للسياسة الوطنية للهجرة، وبالتالي، وضع استراتيجية إنسانية وشمولية". وأضاف بيرو أن تبني المغرب سياسة جديدة في الهجرة يأتي تجسيدا لإرادة جلالة الملك، في إطار رؤية شمولية منسجمة مع المشروع المجتمعي الديمقراطي، حيث دشن المغرب سلسلة من الإصلاحات". وأضاف الوزير أن المغرب أصبح منذ سنوات دولة إقامة للمهاجرين، بعدما كان دولة مصدرة لليد العاملة وبلد عبور إلى أوروبا، مشيرا إلى أن "قرب المغرب من أوروبا والاستقرار والحرية والأوراش الكبرى الاقتصادية والاجتماعية، التي يرعاها جلالة الملك، حفزت الآلاف من الأجانب للاستقرار فيه". وأوضح أن هذه الوضعية أصبحت محط انشغال الرأي العام الوطني والدولي، ما جعل المغرب يتخذ تدابير عاجلة تعكس حرص المغرب على معالجة موضوع الهجرة بشكل جديد يتجاوب مع ما يفرضه القانون الدولي". وأضاف أنه، بعد "التقرير الذي قدمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان الصادر في 9 شتنبر 2013 إلى جلالة الملك حول تشخيص وضعية اللاجئين والمهاجرين المقيمين بالمغرب، وتجسيدا لإرادة شجاعة وقوية بتفعيل حماية حقوق الإنسان أيا كانت وضعيته القانونية، وبغض النظر عن دينه وأصله وعرقه ولون بشرته، أصدر جلالة الملك توجيهاته السامية لبلورة سياسة شاملة ومقاربة متجددة لمعالجة هذه الإشكالية، التي تهدف إلى صون كرامة المهاجرين". وأفاد أن الوزارة وضعت خطة عمل لإدماج المهاجرين، بتنسيق مع القطاعات الأخرى والمؤسسات المعنية، وأعلن عن عملية استثنائية لتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، عبر فتح أكثر من 80 مكتبا وتعبئة 3000 موظف لهذه العملية، مشيرا إلى أن عدد الملفات وصل إلى أكثر من 13 ألف ملف، وضعت في هذه المكاتب لمهاجرين ينتمون إلى 86 جنسية، منذ بداية السنة الحالية. وأفاد الوزير أنه وضع برنامج عملي لإدماج المهاجرين، يضم خمسة محاور، تتعلق بتوفير الشروط اللازمة لضمان إدماج سلس للمهاجرين المقيمين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وكل ما يتعلق بالتعليم والصحة والشغل والتكوين، وحماية حقوق المهاجرين، من خلال التوجيه والدعم القانوني، ومتابعة الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات المتعلقة بالمهاجرين وبحقوقهم، مع إعادة النظر في القوانين الخاصة بالهجرة واللجوء والاتجار في البشر، ووضع خطة لتوثيق التواصل بين المهاجرين والمغاربة كطريقة وقائية لفهم الآخر ومحاربة كل أشكال الإقصاء ورفض الآخر، وتدعيم الشراكة والتعاون مع البلدان الأصلية للمهاجرين والمنظمات الدولية ومنظمات الأممالمتحدة والمجتمع المدني. وأشار الوزير إلى أن هذه الندوة ستمكن المغرب من الاستفادة من الخبرات الدولية من أجل تحسين الإطار القانوني والتشريعي والمؤسساتي بما يمكن من ضمان إدماج ناجح للمهاجرين على أساس الحقوق والواجبات، مؤكدا على ضرورة إدماج هذه الفئة من السكان، لاسيما من خلال تمكينها من الولوج إلى الخدمات الأساسية، ورصد التحديات المطروحة بهذا الخصوص، وتشجيع كافة وسائل التبادل والحوار بين الثقافات، من أجل تحقيق الإدماج الاجتماعي والمهني للسكان ذوي الأصل الأجنبي. من جهته، قال علي كوليبالي، وزير الإدماج الإفريقي والإيفواريين بالخارج في كلمة بالمناسبة، إن "المغرب يشكل نموذجا في مجال سياسة الهجرة للبلدان الإفريقية والكوت ديفوار على الخصوص". وأبرز أن الكوت ديفوار ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في مجال تدبير الشتات لأن البلد ليس لديه تراكمات في هذا المجال، مشيرا إلى أن المغرب والكوت ديفوار تربطهما علاقات قوية. وفي مداخلة لها، ثمنت آنك ستراوس، ممثلة المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب، المبادرة الملكية لتسوية وضعية الأجانب المقيمين بالمغرب بشكل غير قانوني، كما ثمنت السياسة الجديدة للهجرة، من خلال تمكين هؤلاء المهاجرين من الوثائق القانونية وإدماجهم في المجتمع المغربي. وأكدت ستراوس أهمية هذا اللقاء، الذي تميز بحضور خبراء بارزين لمناقشة التجارب والانتظارات المرتبطة بهذه القضية. في السياق نفسه، قالت مارينا ديل كورال تليز، الكاتبة العامة للهجرة بوزارة الشغل والضمان الاجتماعي بإسبانيا، إن "السياسة الجديدة التي أطلقها المغرب لتسوية وضعية المهاجرين المقيمين بشكل غير قانوني تكتسي طابعا استثنائيا"، مشيرة إلى أن هذه المبادرة بدأت في التطبيق، ما سيسمح بتطوير سياسة الهجرة للمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين. وقال إدوارد كنيزا، السفير فوق العادة للكنفدرالية السويسرية، المكلف بالتعاون الدولي بشأن الهجرة، إن "البعد الجديد للمغرب في إدماج المهاجرين غير الشرعيين في المجتمع، كما أقر ذلك جلالة الملك، يكتسي أهمية بالغة، وسويسرا تدعم جهود المغرب لإدماج هؤلاء المهاجرين". وتمحورت أشغال الندوة، المنظمة على مدى يومين، حول أربعة محاور، تتعلق بسياسة الإدماج في السياق المغربي، والالتزامات التي يجب الاعتماد عليها لوضع هذه السياسة، وخصوصيات التجربة وكيفية الاستفادة من التجارب في ميدان إدماج المهاجرين.