تجذب مراكش إليها مجددا الأنظار بتوحيدها العالم عبر احتضان أول مؤتمر أممي يعالج قضية الهجرة، الذي افتتحت فعاليته، اليوم الأربعاء، على إيقاع "الدقة المراكشية"، التي تميز عاصمة النخيل وتعكس جانبا من غناها وتنوعها التاريخي والثقافي. انطلقت هذه التظاهرة العالمية، المنظمة برئاسة مشتركة بين المغرب وألمانيا، من محطة النسخة ال 11 للمنتدى العالمي للهجرة والتنمية، والذي يتوقع أن يتوج بتوقيع ميثاق عالمي حول الهجرة وميثاق عالمي حول اللاجئين، ستجري مناقشته يومي 10 و11 من الشهر الجاري. وكان الحدث الأبرز في الجلسة الافتتاحية استعراض الرؤية الاستباقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حول قضية الهجرة، والتي فعلت على الأرض عبر أجندة غنية بالمقاربات الفريدة. وسلط الضوء على المبادرة الملكية من قبل عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، خلال كلمة له بالمناسبة. وقال المسؤول الحكومي، في هذا الشأن، إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس من القادة القلائل، الذين استوعبوا بأن تدبير الهجرة لن يكون فقط شأنا وطنيا، مشيرا إلى أنه "من هنا تم الدفع في سنة 2013 لتبني سياسة جديدة حول الهجرة ترتكز على ثلاثة مبادئ، أولها سياسة إنسانية مرتبطة بقيم حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا". أما المبدأ الثاني، يضيف بنعتيق، فيتجلى في كون هذه السياسة شمولية، بينما الثالث يتمثل في أنها قابلة للتنفيذ، مؤكدا أنه "من هذا المنطلق تقرر تغيير المنظومة القانونية لتيسير اندماج من سيختارون الاستقرار والبقاء في المغرب". وأشار إلى أن "المبادرة الأولى الاستثنائية كانت تسوية الوضعية الإدارية ل 50 ألفا من الأجانب الذين اختاروا أن يعيشوا في المملكة، قبل التوجه نحو استيعاب ثقافة جديدة في تدبير هذا الاستقرار"، مبرزا أن وزارة الداخلية المغربية قامت بتأطير مجموعة من الأطر، وفتحت أكثر من 71 مكتبا في جميع أنحاء المملكة في ظروف نفسية قادرة على استيعاب طلباتهم، وبالتالي تسوية وضعيتهم القانونية والإدارية للسماح لهم بالاستقرار بشكل قانوني بالمغرب. وأضاف "كلنا مقتنعون بأن تسوية الوضعية الإدارية ما هي إلا محطة أولية من أجل الاندماج. لذلك جرى تغيير كل المنظومة القانونية حتى يسمح لأطفال هؤلاء المهاجرين بولوج المدرسة العمومية المغربية"، وزاد موضحا "أكثر من 7 آلاف طفل حاضرون ضمن أسلاك المدرسة التعليمية العمومية بالمغرب". بنعتيق تطرق أيضا للجانب القانوني للمبادرة، إذ ذكر أنه أدخلت عليه تغييرات لتمكين المهاجرين من الاستفادة من وسائل التطبيب والصحة كباقي المغاربة، وأيضا من السكن الاجتماعي بشروط تفضيلية ودون امتياز، وهي السياسة، يضيف، "التي اتبعت أيضا في التكوين المهني لتحقيق الغرض ذاته". كما تحدث عن الأجندة الملكية المقدمة في القمة 30 في بأديس أبابا، والتي أكد أنها كانت بدورها رؤية استباقية، عندما اعتبرت أن تدبير إفريقيا للهجرة يجب أن يكون برؤية توافقية. وقال إن الأجندة تضمنت كذلك طرح مشروع فكرة إحداث مرصد إفريقي حول الهجرة بالرباط، والذي حددت له ثلاثة أهداف "التفكير والعمل والاستباقية"، مضيفا "مادام أنها ظاهرة معقدة وتستعصي على الفهم، فإنه من الضروري أن تكون هناك آلية علمية للمواكبة". من جهته، استعار سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بالمغرب، غوتز شميدت بريم، مقتطفا من كلام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في كلمة ألقتها بالمناسبة، والذي جاء فيه «نحاول أن نبذل مجهودا لتصبح الهجرة اختيارا وليس ضرورة». وقال غوتز شميدت بريم "جميع الدول منشغلة بهذا الموضوع، لذلك نحن متحمسون لتوقيع هذه الاتفاقية للعمل بشكل مشترك مع باقي البلدان وليس كل بلد على حدة"، مبرزا أن الهدف من هذه الخطوة هو التقليل من الهجرة غير القانونية والتقليل من تأثيراتها السلبية. وأضاف «نبذل مجهودا لتصبح الهجرة اختيارا وليس ضرورة"، وأردف قائلا "بعد 10 سنوات من العمل المشترك خرجنا بمجموعة من الاستنتاجات، وخلال الأيام القادمة سنستمع لآراء القطاع الخاص والمجتمع المدني، وخاصة العمداء الذين سيوضحون كيف التعامل مع الوضع الحالي".