توقع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، تحقيق نمو للاقتصاد الوطني في حدود 3,2 في المائة خلال سنة 2019 ، وتحديد نسبة العجز في 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام. رئيس الحكومة كذلك، استنادا إلى الأولويات الحكومية الواردة في مذكرته التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، استمرار دينامية القطاعات غير الفلاحية بتسجيل تطور للقيمة المضافة ب 3,7 في المائة، مقابل 3,3 في المائة سنة 2018 ، واضعا توقعاته على اعتبار فرضيات سعر البترول بمعدل 68 دولارا للبرميل، ومحصول زراعي في حدود 70 مليون قنطار. ودعا رئيس الحكومة كافة القطاعات الوزارية بما فيها المندوبون السامون والمندوب العام للحكومة في بداية الأسبوع الجاري، إلى إعداد تصوراتهم الأولية لمشروع قانون المالية للسنة المالية 2019 . وحدد التوجهات الكبرى التي يجب أن يقوم عليها مشروع قانون المالية، منبها المسؤولين الحكوميين إلى ضرورة تكثيف التعبئة من أجل تنزيل التوجيهات الملكية السامية والتزامات البرنامج الحكومي، إذ دعت المذكرة إلى إيجاد الأجوبة والحلول الملائمة والسريعة لقضايا المواطنين الملحة حتى تكون الحكومة في مستوى الثقة التي وضعها فيها جلالة الملك من أجل خدمة المواطنين والتجاوب مع انتظاراتهم المشروعة. كما دعت المذكرة إلى إعادة هيكلة شاملة وعميقة، للبرامج والسياسات الوطنية، في مجال الدعم والحماية الاجتماعيين، لتحقيق الأهداف المرجوة على مستوى الاستهداف الفعال للفئات الاجتماعية المستحقة للدعم. وسجلت مذكرة رئيس الحكومة تجاوبا مع مضامين الخطب السامية الأخيرة لجلالة الملك، التي تحدث فيها جلالته على معيقات النموذج التنموي، داعية القطاعات الحكومية إلى مراجعة جماعية لهذا النموذج بشكل يعيد النظر في ترتيب أولوياته الاقتصادية والاجتماعية، وفي منظومة الحكامة المركزية والترابية بكل أبعادها. ومن خلال المذكرة التأديبية تتضح معالم مشروع قانون المالية المقبل، إذ سيمنح الأولوية للسياسات الاجتماعية منها التعليم والصحة والتشغيل، وبرامج الحماية الاجتماعية، والإسراع بإنجاح الحوار الاجتماعي ودعم القدرة الشرائية للمواطنين، ومواصلة الأوراش الكبرى والاستراتيجيات القطاعية لتوفير ظروف الإقلاع الاقتصادي ودعم الاستثمار والمقاولة، ومواصلة الإصلاحات الكبرى، والحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى. السياسات الاجتماعية منحت المذكرة التأطيرية لإعداد مشروع قانون المالية المقبل، الأولوية للسياسات الاجتماعية، منها التعليم والصحة والتشغيل، وبرامج الحماية الاجتماعية، والإسراع بإنجاح الحوار الاجتماعي ودعم القدرة الشرائية للمواطنين. ومن أهم الأوراش التي تمت برمجتها لسنة 2019 ، تفعيل التوجيهات الملكية السامية بخصوص برامج دعم التمدرس، ومحاربة الهدر المدرسي، والعمل على تعميم التعليم الأولي والأساسي، وتبسيط المضمون البيداغوجي وتوجيهه نحو تقوية قدرات التلاميذ على التفكير والتحليل والبحث والتعلم الذاتي. كما ستبدأ الحكومة، حسب المذكرة التأطيرية، منذ سنة 2019 العمل على تصحيح الاختلالات التي يعرفها تنفيذ برنامج المساعدة الطبية «راميد »، بالموازاة مع إعادة النظر بشكل جذري في المنظومة الوطنية للصحة، عبر تفعيل المخطط الوطني للصحة في أفق سنة 2025 ، والشروع انطلاقا من سنة 2019 في تنفيذ برنامج التغطية الصحية لفائدة المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء. كما ستعمل الحكومة على إطلاق عملية هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعيين، مع الحرص على الإخراج السريع للسجل الاجتماعي الموحد، وإطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومواصلة تنزيل برنامج تقليص الفوارق المجالية، وتوسيع التغطية الصحية، وضمان استدامة موارد صندوق التماسك الاجتماعي، ومواصلة تبسيط وتوحيد مساطر استفادة النساء المطلقات والمهمشات وأطفالهن من دعم صندوق التكافل العائلي. وتتعهد المذكرة التأطيرية بوضع التشغيل أولوية أفقية لكل السياسات العمومية، عبر تنزيل مخرجات المخطط الوطني للتشغيل، وإيلاء أهمية قصوى لإحداث فرص الشغل اللائق في إطار الاستراتيجيات القطاعية واستثمارات البنية التحتية من خلال ربط كل التحفيزات وأشكال الدعم الميزانياتي المباشر وغير المباشر بإحداث مناصب الشغل، وضرورة التقييم الدوري لمدى الإحداث الفعلي لهذه المناصب. كما تولي الحكومة، بحسب المذكرة نفسها، أهمية خاصة لتطوير آليات التمويل الموجهة للشباب حاملي المشاريع الصغرى والمشاريع المبتكرة، وتطوير وتحسين أداء آليات الوساطة وبرامج التشغيل، وتوجيه اهتمام خاص لدعم التشغيل الذاتي والبرامج الموجهة لإدماج الفئات الهشة، وخاصة الأشخاص في وضعية إعاقة، والسكان القرويين، والنساء في وضعية هشة، والمهاجرين في وضعية قانونية. كما ستعمل الحكومة في هذا السياق على جعل القطاع الجمعوي رافعة لدعم التشغيل، عبر شراكات للقطاع العام مع جمعيات المجتمع المدني والمجالس الجهوية في القطاعات الاجتماعية، وعبر تعزيز دور الجمعيات في تحسين القابلية للتشغيل. وأكدت المذكرة حرص الحكومة على تفعيل التوجيهات الملكية السامية في خطاب العرش، بالإسراع بمواصلة الحوار مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، في إطار استحضار المصلحة العليا، والتحلي بروح المسؤولية والتوافق، قصد بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، بما يدعم القدرة الشرائية للطبقة الشغيلة بالقطاعين العام والخاص ويضمن تنافسية المقاولة. بالإضافة إلى إعداد وتفعيل حزمة إضافية من الإجراءات والآليات الرامية إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين، وخاصة بالنسبة للفئات المعوزة وللطبقة المتوسطة. مواصلة الأوراش الكبرى والاستراتيجيات القطاعية لتوفير ظروف الإقلاع الاقتصادي ودعم الاستثمار والمقاولة توصي المذكرة التأطيرية لرئيس الحكومة بتسريع وتيرة التصنيع وتحقيق الأهداف التي تم تحديدها في مخطط التسريع الصناعي، عبر الرفع من مساهمة قطاع الصناعة في الناتج الداخلي الخام، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، ومواصلة توسيع مجال المنظومات الصناعية، وتقليص عجز الميزان التجاري، مع الحرص على مراعاة التوازن المجالي في توزيع الاستثمارات العمومية وانتقاء المشاريع الأكثر وقعا وأثرا على تحسين ظروف عيش السكان خاصة في المناطق النائية والبعيدة. وتدعو المذكرة كافة القطاعات الحكومية لإتمام إعداد المخطط الوطني للماء، واتخاذ التدابير الاستعجالية اللازمة، وتعبئة الإمكانات الضرورية لمعالجة الحالات الطارئة ولا سيما المتعلقة بالنقص في تزويد السكان بالماء الصالح للشرب تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، مع العمل على التقليص التدريجي للتبعية الطاقية عبر برنامج النجاعة الطاقية وتطوير الطاقات البديلة. وتسجل المذكرة نفسها حرص الحكومة على دعم المقاولة وتحفيز الاستثمار الخاص عبر مواصلة تحسين مناخ الأعمال، وتسريع اعتماد ميثاق جديد للاستثمار، يضع الميكانيزمات الكفيلة بتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الجهات الأقل مساهمة في الناتج الداخلي الخام وفي إحداث فرص الشغل. هذا، فضلا عن العمل على التفعيل السريع للتوجيهات الملكية السامية في ما يخص تنزيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها، خاصة في ما يتعلق بإعادة هيكلة هذه المراكز، وإحداث اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، واعتماد النصوص القانونية المتعلقة بتبسيط المساطر والإجراءات المرتبطة بملفات الاستثمار على المستويين الجهوي والمركزي. الإصلاحات المؤسساتية والهيكلية الكبرى يلتزم رئيس الحكومة، عبر المذكرة التأطيرية، إتمام تنزيل ورش الجهوية المتقدمة وتفعيل اللاتمركز الإداري، من خلال إصدار ميثاق اللاتمركز الإداري، داخل أجل لا يتعدى نهاية شهر أكتوبر المقبل، والعمل على تنزيله بما يتيح للمسؤولين المحليين، اتخاذ القرارات، وتنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في انسجام وتكامل مع الجهوية المتقدمة. كما تعمل الحكومة على إعطاء دفعة قوية لإصلاح الإدارة العمومية، و تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ومواصلة إصلاح أنظمة التقاعد، ومواصلة تنزيل مقتضيات إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، ومواصلة الإصلاح الضريبي. كما تعمل الحكومة على تنزيل المقاربة الجديدة لتدبير المشاريع الاستثمارية العمومية، من خلال اعتماد النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة، التي تروم تحسين عملية اختيار وانتقاء المشاريع الاستثمارية بناء على تعميم إنجاز دراسات التقييم الاجتماعي والاقتصادي، لا سيما في ما يخص أثرها على التشغيل، وتقليص الفوارق، وتحسين ظروف عيش المواطنين. الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى تبدي المذكرة التأطيرية وعي الحكومة بأهمية الحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكبرى، خاصة في ظل تزايد حدة الإكراهات الداخلية والخارجية، وارتفاع حجم الالتزامات، وما يرتبط بذلك من ضرورة ترتيب الأولويات. ولأجل ذلك تدعو المذكرة إلى مواصلة تقليص عجز الميزانية وضبطه في حدود مقبولة ومواصلة التدبير الحذر للمديونية، بما يضمن التحكم في مستواهما ومراعاة توفر إمكانيات التمويل للقطاعين العام والخاص. وتقترح مذكرة رئيس الحكومة لتخفيف العبء على ميزانية الدولة، أنه سيتم، انطلاقا من سنة 2019 ، اعتماد آلية جديدة لتمويل مشاريع استثمارية مبرمجة بالميزانية العامة، إذ تقوم هذه الآلية على الشراكة المؤسساتية، للمساهمة في تمويل مشاريع البنيات التحتية ومواكبة الأوراش التنموية في مختلف الاستراتيجيات القطاعية، وذلك في أفق جعلها رافعة لاستقطاب استثمارات خاصة في إطار تشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. توجهات إعداد مشروع قانون المالية أحاط رئيس الحكومة، كافة القطاعات الحكومية، علما والتوجهات الواجب احترامها لإعداد مقترحات ميزانية 2019 ، إذ أوضحت المذكرة التأطيرية أن الحكومة مقيدة بتوجهات رئيسية، وفق الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030 ، في شقها المتعلق باعتماد الأداء المثالي للدولة. وأهمها التحكم في نفقات الموظفين، وعقلنة نفقات المعدات والنفقات المختلفة، وترشيد عمليات اقتناء وكراء السيارات، والعمل على تشجيع استعمال الطاقات المتجددة وتكنولوجيات النجاعة الطاقية، وترشيد استعمال الموارد المائية وخفض الاستهلاك المفرط لها، واعتماد السقي بالتنقيط للمساحات الخضراء. كما حث رئيس الحكومة القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية على الرفع من فعالية ونجاعة نفقات الاستثمار، عبر العمل على تسريع وتيرة تنفيذ برامج ومشاريع الاستثمار مع إعطاء الأولوية لتلك التي هي موضوع اتفاقيات وطنية ودولية الموقعة أمام جلالة الملك، أو المبرمة مع المؤسسات الدولية أو الدول المانحة، والسهر على توفرها على دراسات قبلية، وأن تعطى لها الانطلاقة الفعلية في أجل معقول بغية تحقيق الأهداف والآثار المحددة لها، بالإضافة إلى التأكد من مدى انسجامها مع الاستراتيجيات القطاعية الأخرى، والتسوية المسبقة لوضعية العقارات المخصصة للمشاريع الاستثمارية.