ليلى أنوزلا وحميد السموني صبت جل المركزيات النقابية، التي خرجت للاحتفال بالعيد العالمي للشغل على غرار باقي دول العالم، منذ الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء بالرباط، جام غضبها على الحكومة، لعدم تمكنها من تقديم عرض «سار » للطبقة العاملة تتوج به جولات الحوار الاجتماعي. وعلى نغمات ناس الغيوان «مهمومة يا خيي مهمومة »، وأغاني مرسيل خليفة «مرفوع الهامة أمشي »، انتصبت منصات المركزيات النقابية في استقبال العمال والفاعلين النقابيين، للتنديد بالعرض الحكومي «التمييزي » و »الهزيل »، والمرفوض من طرف كافة المركزيات النقابية، لاشتماله فقط على زيادة 300 درهم في الأجور الشهرية الصافية لفائدة الموظفين والمستخدمين المرتبين في السلالم من 6 إلى 10 ، إضافة إلى زيادة مائة درهم في التعويضات العائلية لفائدة الموظفين دون القطاع الخاص. وتوحدت المركزيات النقابية، رغم اختلاف مشاربها السياسية، في الشعارات التي رفعتها، إذ اعتبرت أن الحكومة لا تبدي رغبة في إنجاح الحوار الاجتماعي، بالنظر إلى عرضها «المخيب للآمال، وغير المنصف للطبقة العاملة »، متوقعة أن يؤدي إلى حالة جديدة من البلوكاج بين المركزيات النقابية والحكومة. وعبّرت المركزيات النقابية، وهي تحتفل بالعيد الأممي، عن وعيها الوطني، وتوحدت في دعوة الشعب، باختلاف مكوناته، إلى اليقظة والحضور الدائم لنصرة قضية الوحدة الترابية، التي تشهد تطورات مستفزة تسعى إلى التشويش على المجهودات التي تبذلها بلادنا لإقرار حل نهائي ودائم وواقعي يحترم القرارات الأممية ويحافظ على الوحدة الترابية، ويضع حدا للأطروحة الانفصالية الوهمية. كما دعت المنتظم الدولي، وفي مقدمته الأممالمتحدة، باعتبارها وسيطا في هذا النزاع المفتعل، لتحمل مسؤوليتها الكاملة فيما يصدر عن الكيان الوهمي وداعميه من استفزازات تهدد استقرار المنطقة وأمنها. ولم تجد نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والتي تعتبر الذراع النقابي لحزب العدالة والتنمية، الذي يقود التحالف الحكومي، حرجا في التعبير عن رفض نتائج الحوار الاجتماعي. ودعت الحكومة إلى بذل المزيد من الإجراءات لمنع أي مساس بمكتسبات العمال وعموم الموظفين والأجراء، وإلى سن سياسة اجتماعية تضمن العدالة الاجتماعية والعيش الكريم وتصون كرامة الطبقة العاملة. ولم يخرج الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي احتفل بفاتح ماي بشعار «موحدون في النضال من أجل الوطن » وتميزت مسيرته عن باقي النقابات من حيث حجم المشاركين، من سياق الرفض لهزالة العرض الحكومي، معبرا عن رفض قاطع للعرض الحكومي، «الذي لا يرقى إلى الاحتياجات الحقيقية للشغيلة، لاسيما أنه أغفل تحسين الدخل لعاملات وعمال القطاع الخاص ». وأكد الاتحاد العام أن الحكومة، وخلافا لكل السيناريوهات المقدمة أثناء النقاش والتفاوض، فاجأت الجميع بعرض هزيل لا يرقى إلى مستوى تطلعات الشغيلة. كما لا يرقى إلى مستوى طموحاتها، ويضرب الحريات النقابية، ويهدف إلى تكريس الهشاشة في العمل، عبر ترسيم التشغيل والتوظيف بالعقد والتشغيل المؤقت، إرضاء لجهات معينة، تحت مسميات عديدة منها المرونة في العمل. واعتبرت شعارات الاتحاد المغربي للشغل، أن عرض رئيس الحكومة جاء مخيبا للآمال، ويشكل استفزازا للطبقة العاملة، وأنه تجاهل تنفيذ اتفاق 26 أبريل 2011 ، وترك العديد من المقتضيات التفاوضية عالقة وفضفاضة، من بينها الحريات النقابية، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، والزيادة في الحد الأدنى للأجر وتوحيده، وفرض تطبيق مدونة الشغل، وإرجاع القانون التنظيمي للإضراب إلى طاولة الحوار قبل عرضه على البرلمان. من جهتها حمّلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي خلدت عيد الشغل تحت شعار «الحوار الوطني أساسي لتسوية القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية »، المسؤولية الكاملة للحكومة في إفشال الحوار الاجتماعي، مؤكدة أن العرض الذي تقدمت به الحكومة «بعيد عن أن يكون مشروع مناقشة لصياغة اتفاق بين المركزيات النقابية والحكومة، ولا يرقى إلى مستوى انتظارات ومتطلبات اللحظة .» وكانت مأسسة الحوار الاجتماعي وانتظام دوراته، والحريات النقابية، وآليات المفاوضات وتسوية النزاعات، والحماية الاجتماعية، من ضمن الشعارات التي وحدت المركزيات النقابية، التي نددت بالسياسات اللاشعبية للحكومة التي ما فتئت تضرب القدرة الشرائية لعموم المأجورين، وتتمادى في تفكيك الخدمات العمومية، والإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة وما راكمته بفضل نضالاتها وتضحياتها من حقوق اقتصادية واجتماعية.