أوصى المشاركون في المنتدى البرلماني الثالث للعدالة الاجتماعية، الذي حظي برعاية سامية من جلالة الملك، بضرورة تفعيل الحوار الاجتماعي ومأسسته لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. ودعا البيان الختامي، المنظم بمجلس النواب، أول أمس الثلاثاء، بشعار «رهانات العدالة الاجتماعية والمجالية ومقومات النموذج التنموي الجديد »، إلى ضرورة إعادة النظر في دور النقابات والعمل النقابي، من خلال إعطاء الممارسة النقابية بعدا جديدا باعتبارها شريكا أساسيا وحاسما في نجاح المقاولة، مع إشراك كافة الفاعلين الاجتماعيين في إنتاج التشريع الاجتماعي، والتفكير في وضع إطار قانوني لتنظيم الحوار الاجتماعي، وإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي. وأكدت التوصيات الصادرة عن المنتدى، على إعادة ترتيب الأوراش والبرامج الاجتماعية، وبلورة نموذج تنموي للحد من الفوارق ومحاربة الفقر والهشاشة والتوزيع العادل للثروات، مطالبا بالتعجيل بمراجعة الترسانة القانونية لمنظومة الحكامة المركزية والترابية، وإصلاح الإدارة العمومية، ومحاربة كل أشكال ومظاهر الريع والفساد. كما شدد البيان على خلق وإرساء إطار مؤسسي موحد للقيادة والتنسيق بين مختلف البرامج ذات الصلة بالسياسة والبرامج الاجتماعية، وبإعادة هيكلة السياسة الوطنية في المجال الاجتماعي والحسم في نوعية الاستراتيجية الموجهة لمحاربة الفقر والفوارق، من خلال إطلاق حوار وطني حول الموضوع، وتحقيق الالتقائية والاندماجية والتجانس بين السياسات العمومية الاجتماعية، وإرساء قواعد حكامة مؤسسية موحدة. وأكدت التوصيات، في ما يخص الجهوية الموسعة، أن الجهوية «خيار استراتيجي يمكن بواسطتها للمغرب أن يقطع مع النموذج التنموي القديم الذي بلغ مداه ويرتقي إلى آخر أكثر فعالية، ونجاعة، وعدالة بين أبنائه، والتعجيل بتوفير الشروط المؤدية إليه، ومنها تحديدا، الحس الوطني والعمل المسؤول الجاد وتغيير العقليات والسلوكات الثقافية لجعل الجهة فضاء حقيقيا للتعبير التمثيلية السياسية، ومجالا مؤهلا لتنزيل سياسات عمومية متناسقة ومندمجة ». كما أبرزت التوصيات أن التعجيل ببناء نموذج تنموي يمكن من ردم الفجوات المجالية، وإعادة صياغة علاقة جديدة بين المناطق والجهات، من خلال وضع تشريعات وقوانين جيدة ذات العلاقة بتنظيم المجال والتقسيم الترابي، وتبني سياسات عمومية مؤسسة على المشاركة المواطنة، بواسطة مؤسسات حقيقية وفعالة للوساطة والتمثيلية، وعبر التفعيل الحقيقي والجدي لآليات المتابعة والمساءلة والمحاسبة، فضلا عن تفعيل جميع آليات التضامن بين الجهات. كما أكدت التوصيات على ضرورة إيلاء المسألة الاجتماعية الاهتمام اللازم وتوضيح استراتيجية الدولة في ذا الإطار والاعتماد على وجه الخصوص على أهداف التنمية المستدامة، كما حددتها الأممالمتحدة وفق أجندة 2030 ، مشيرةإلى أنه يتعين أجرأة هذه الاستراتيجية وملاءمتها مع واقع كل جهة، استنادا إلى التشخيص الجهوي المرتكز على أوجه الخصاص الاجتماعي. ودعت التوصيات أيضا إلى وضع استراتيجية للتنمية الاجتماعية الجهوية، تشكل امتدادا إجرائيا على المستوى الجهوي للاستراتيجية الحكومية للتنمية الاجتماعية وتحدد الأهداف والمسؤوليات والبرامج وآليات الحماية والتضامن الاجتماعي وأيضا وسائل التنفيذ، وتدارك الفراغ المؤسساتي المتعلق بغياب إدارة لا ممركزة على المستوى الترابي تابعة للقطاع الوزاري المكلف بالمجال الاجتماعي. كما دعت إلى إحداث لجنة للإشراف الاستراتيجي تضم مختلف الفاعلين المعنيين، تقوم بفحص وتحليل مجمل توصيات ومقترحات المؤسسات الدستورية والهيئات الوطنية ذات الصلة بالموضوع، والإشراف على مسار الإعداد والتقييم والتحيين الدوري للنموذج التنموي لمغرب الغد وفق لوحة قيادة مضبوطة ومؤشرات قابلة للقياس. وبخصوص البعد الثقافي، أوصى المنتدى بالاستثمار في البعد الثقافي والتاريخي وفي القيم المجتمعية ذات الصلة بالتضامن والعدالة الاجتماعية، وبتقوية روابط الاحساس بالانتماء الاجتماعي، وجعل التربية والتكوين المدخل الأساسي والحاسم لتحقيقالعدالة الاجتماعية، ووضع مسألة الشباب في صلب النموذج التنموي باعتباره الرأسمال الحقيقي، وإحداث قطيعة حقيقية مع الممارسات التي تهدر الزمن والفرص التنموية وتعيق مبادرات الإصلاح.