حذر عبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، من التوظيف السياسوي لمحاربة الرشوة الهادف لتصفية الخصوم السياسيين مثل ما يحدث في عدد من الدول الإفريقية. (كرتوش) وعبر أبو درار، خلال مشاركته في ندوة تناولت موضوع الاغتناء غير المشروع أول أمس السبت بالرباط، عن مخاوفه من أن يتحول قانون محاربة الاغتناء غير المشروع لما آل إليه قانون مكافحة الإرهاب في أمريكا، بعدما أصبح يستعمل من طرف اللوبيات الأمريكية لمحاربة خصومهم السياسيين، مطالبا الحكومة والبرلمان، بصفته المؤسسة الدستورية المخول لها بالتشريع، بإعادة النظر في قانون التصريح بالممتلكات ليهم فقط شخصيات في هرم السلطة عوض إغراقه بمسؤولين إداريين. إذ اعتبر رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، أن بعض المسؤولين مثل القواد والمحاسبين العموميين يتوفرون على آليات إدارية لمراقبتهم، وبالتالي لا فائدة من إدراجهم في قانون التصريح بالممتلكات. واعتبر أبو درار أن إعفاء القطاع الفلاحي من الضرائب شكل ملاذا آمنا لتبييض الأموال، مستشهدا بتحول عدد من المقاولين الناشطين في القطاع الصناعي إلى القطاع الفلاحي حتى يتملصوا من أداء الضرائب. من جهته، أوضح علي الرام، مدير القطب القانوني بهيئة مكافحة الرشوة، أن في المغرب، مند الاستقلال، تمت المطالبة بإحداث قانون "من أين لك هذا"، علما أن القانون الجنائي يعاقب على الرشوة والفساد، كما تبنى المشرع مند 1992 التصريح بالممتلكات. وقال "كل هذا يبقى ناقصا فالتصريح بالأموال المنقولة بسقف ثلاثين مليونا يدفع مبيضي الأموال لتقسيم المبلغ، و هو ما يبرز محدودية هذه الإجراءات في مكافحة الإثراء غير المشروع". وفي السياق ذاته، اعتبر عبد العزيز المسعودي، عضو جمعية ترانسبارانسي المغرب، أن البحث في الثراء غير المشروع لا يزال بحثا صعبا من حيث المساطر القانونية المتبعة، وقال "كيف نتمكن من البحث في طريقة الثراء عند وزير أول سابق كان مجرد بائع ترانزستور في مدينة فاس"، معتبرا أن قانون إعفاء مهربي الأموال للخارج، الذي قدمته الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، هو تكريس للإفلات من العقاب في المغرب. وفي مداخلته، أشار المسعودي إلى واقعة الإثراء غير المشروع عبر سرقة أعضاء بشرية، حيث تطرق لقضية طبيب عسكري، حكم عليه بسنتين حبسا نافذا من أجل سرقة كلية مريض، وكان يقوم بأفعاله الإجرامية مند سنة 1997 بالاشتراك مع طبيب آخر. وردا على مشكل صعوبة إثبات الاغتناء غير المشروع، طالب الناشط الجمعوي، كمال لحبيب، من المجتمع المدني أن تكون له الشجاعة لمكافحة الفساد. وقال "إذا كنا قد دخلنا السجن في السابق لأسباب سياسية، فيجب أن نكون مستعدين لدخول السجن في مواجهة الفساد". وسرد المشاركون في الندوة أمثلة عن أغنياء جدد، حديثي النعمة، من ناهبي المال العام الذين اغتنوا بطرق غير مشروعة. وخلصت ندوة ترانسبرنسي المغرب، إلى صعوبة مكافحة الإثراء غير المشروع في المغرب. وطالب المشاركون بضرورة وضع الإطار القانوني المناسب، وإحداث هيئة مستقلة عن السلطة التنفيذية للتحقيق في جرائم الاغتناء غير المشروع.