زكى الكاتب والصحافي الإسباني، شيما خيل، في مقال نشره على الموقع الإلكتروني الإخباري والتحليلي "إيويكسيد.كوم"، ما نشرته "المغربية" يوم الاثنين الماضي، بخصوص الثورة التي تشهدها مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، والقمع الذي واجه به الأمن الجزائري وعناصر قيادة البوليساريو. وكانت المغربية أشارت، استنادا إلى مصادر مطلعة، إلى أن ثورة صحراوية عارمة اندلعت داخل كل مخيمات المحتجزين بتندوف، وانتفاضة غير مسبوقة للمحتجزين الصحراويين على قيادة البوليساريو. وأوضحت أن المظاهرات والاحتجاجات، التي اندلعت منذ يوم (الجمعة) الماضي وما زالت مستمرة، يقودها، في المخيمات الأربعة للمحتجزين، شباب الثورة الصحراوي، وجبهة أنصار الحكم الذاتي، وتيار خط الشهيد. وأوضح الصحافي الإسباني شيما خيل أن انفجار الوضع الاجتماعي جرت مواجهته بالقمع من طرف القوات الجزائرية وعناصر أمنية ب"البوليساريو". وأبرز في المقال الذي عنونه "الصحراويون تحت قمع الجزائر وجبهة البوليساريو.. الانفجار الاجتماعي الكامن في مخيمات تندوف"، أن "كبرى المظاهرات نظمت يوم 25 يناير في المخيم المسمى (السمارة)، بعد اعتداء قوات أمن البوليساريو بعنف على ثلاثة أشخاص". واعتبر الكاتب والصحافي الإسباني أن "غضب المتظاهرين تزايد أمام غطرسة زعماء البوليساريو"، مسجلا أن المحتجين "اقتحموا بعد ذلك مقر الشرطة"، مجبرين بذلك الوالي المزعوم لهذه الجهة على الفرار. بالموازاة مع ذلك، سجل المحلل نفسه المتخصص في قضايا المغرب العربي والإرهاب بمنطقة الساحل، أن "حدة التوتر تصاعدت في المخيم المعروف ب(الرابوني)، حيث تدخلت القوات الأمنية للبوليساريو، مدعومة من قبل القوات الجزائرية، من أجل منع المتظاهرين من الهجوم على زعيم البوليساريو، محمد عبد العزيز". وفي هذا المقال، الذي أرفق بصور للمظاهرات وتدخل الدرك الجزائري، ذكر شيما خيل، أيضا، بأنه " تم الدخول في إضراب جماعي عن الطعام في المخيمات منذ منتصف يناير، احتجاجا على ابتزاز البوليساريو"، مسجلا أن احتجاجات سكان مخيمات تندوف انطلقت عقب ظهور "تفاصيل جديدة" حول حالات رشوة في صفوف مسيري البوليساريو. وقد صار الوضع محرجا ليس فقط بالنسبة لمتزعمي الحركة الانفصالية، الذين يرون كيف صارت الدول، الواحدة تلو الأخرى، والمجتمع الدولي، يديرون ظهورهم لهم ويسحبون اعترافهم بهم، ولكن أيضا، وبصفة خاصة، بالنسبة " لبعض مستويات الجهاز الإداري والسياسي والعسكري الجزائري" الذي يستفيد من هذا النزاع. وأشار شيما خيل، الذي سبق له أن نشر كتابا بعنوان "ما يخبئه البوليساريو"، كشف فيه الوجه الخفي لانفصاليي الحركة وسياستهم الدعائية، إلى أن المساعدة الدولية الموجهة لسكان المخيمات "تتم المتاجرة فيها في شكل مواد مهربة إلى شمال موريتانيا ومالي والجزائر نفسها"، مبرزا تنامي حالات الفساد في المخيمات التي يسيطر عليها الانفصاليون. ويفسر الصحافي الإسباني، الذي ألف أيضا كتاب "البوليساريو..تاريخ جبهة معادية لحقوق الإنسان والأمن العالمي"، حالة تنامي غضب سكان المخيمات بمقتل شابين صحراويين من طرف قوات الأمن الجزائرية خلال محاولتهما عبور الحدود، مشيرا إلى أن أسرتي الضحيتين أدانتا هذا "العمل الشنيع"، وطالبتا بالقيام بتشريح لجثتي الضحيتين من أجل الوقوف على ملابسات الجريمة. وحسب كاتب هذا المقال، فقد بلغت التوترات ذروتها إثر الزيارة الأخيرة للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس، لمخيمات تندوف، عندما توجه المحتجون لمكتب المفوضية السامية للاجئين من أجل مقابلة المبعوث الأممي. وأضاف أن المحتجين أرادوا الاحتجاج على تعسفات عناصر البوليساريو والقوات الجزائرية التي تريد قمع كل معارضة تقع داخل المخيمات ومنع الصحراويين الراغبين في العودة إلى المغرب. وكان قيادي بمنتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف، المعروف اختصارا ب "فورساتين"، أكد ل"المغربية" أن "تدخل قوات البوليساريو في حق المحتجين نتج عنه إصابات متفرقة في صفوفهم والتنكيل بهم"، مشيرا إلى أن باقي سكان المخيمات التحقوا بالمحتجين بعد توصلهم بخبر التدخل الوحشي الذي حل بذويهم. وقال "التحق أقارب وعائلات المحتجين بمكان الاحتجاج، كما التحق كل سكان المخيمات، كبيرهم وصغيرهم، نساؤهم ورجالهم، بمكان الاحتجاج، ما ساهم في رفع معنويات المتظاهرين وعجل بهزيمة قوات البوليساريو، التي طردت بشكل كامل من المخيم، وتم تسجيل 5 إصابات في صفوف عناصرها، وتكسير عدد من سياراتها، إضافة إلى إحراق مقرها الذي يديره أحد المقربين من محمد عبد العزيز، والذي طالما تسلط وتجبر وظلم السكان". ويضيف مصدر "المغربية" أنه بعدما فشلت التعزيزات الأمنية التي استدعتها قيادة البوليساريو لاسترداد سيطرتها على المخيمات، حاولت تدشين مفاوضات بين ممثلي السكان الذين يطالبون بالتحقيق في الاعتداء عليهم وعلى أبنائهم، وبين العناصر المسلحة للبوليساريو الذين يطالبون بالقبض على من اعتدى عليهم. وهو ما جعل قيادة البوليساريو تقف حائرة أمام الوضع، قبل أن تلجأ إلى ورقتها الأخيرة وهي شيوخ القبائل الصحراوية والأعيان الذين ما زالوا إلى حدود الساعة يبحثون عن صيغة نهائية للخروج من الأزمة.