سجل مسؤولون نقابيون انخفاضا في نسبة الإضرابات بعدد من القطاعات، وربط عدد منهم تراجع الاحتجاج بوعي الشغيلة بالإصلاح العام، الذي يترقبه المغاربة في ظل حكومة مطالبة بالتغيير، فيما رأت فئة من النقابيين أن تراجع الإضراب يعود إلى الترهيب والتخويف من الاقتطاع من الأجور. في هذا الصدد، قال عبد الإله دحمان، الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم، التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ل"المغربية"، إنه لابد من تصحيح معطى أساسي متعلق بانخفاض منسوب الإضرابات في فترة حكومة ابن بنكيران . واعتبر دحمان أن الكثير حاول مغالطة الرأي العام الوطني، التعليمي والشغيلة المغربية بشكل عام حول أسباب ودوافع هذا الانخفاض الملحوظ. وأوضح دحمان أن خفوت دينامية الإضراب يعود إلى الوعي المسؤول للشغيلة المغربية بأهمية المرحلة في علاقتها بالإصلاح العام الذي يترقبه المغاربة في ظل حكومة محكومة بالتغيير، ثم لوعي هذه الشغيلة بتفويت الفرصة على دعاة النكوص والردة الديموقراطية والالتفاف حول روح دستور فاتح يوليوز 2011. وأكد دحمان أنه يمكن الحديث عن خفوت الإضراب وليس تراجعه، خاصة أن الساحة الاجتماعية ما زالت مطبوعة بحراك اجتماعي ونضالي هو من طبيعة التفاعلات السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، وهو ما يراه إجابة لمن يريد ربط الخفوت بالاقتطاع وإن كان هذا الأمر له أثره، إلا أنه يظل بالنسبة للمسؤول النقابي ثانويا. وبالمناسبة، تحدث المسؤول النقابي عن مكتسبات مرتبطة بالإصلاح السياسي بشكل عام، انطلاقا من اعتباره من منظمات مواطنة معنية بالإصلاح العام للبلاد. وأهم مكسب بالنسبة للمسؤول النقابي خلال الحكومة الحالية هو تحمل حكومة بنكيران مسؤولية التنفيذ والكلفة المالية لاتفاق 26 أبريل 2011 في ظل مالية عمومية صعبة وفي مقدمتها آلية التسقيف التي اعتبرها ثورة في منظومة الترقي. وتحدث المسؤول النقابي نفسه عن بعض الإجراءات الاجتماعية المرتبطة بفتح النقاش حول التقاعد، إذ أكد ضرورة التوافق بين كافة الأطراف المعنية، من أجل حماية المكتسبات في ظل أي مقاربة إصلاحية، ثم التعويض عن فقدان الشغل والحد الأدنى للمعاش..الخ. وقال المسؤول النقابي إنه إذا "كنا نستوعب الظرفية المالية للمغرب والوضع الاقتصادي فإننا ندعو وزير التربية الوطنية والتكوين المهني ومن خلاله الحكومة إلى بذل المزيد من الجهد للتعاطي مع ملفات نساء ورجال التعليم التي ما زالت تنتظر الحل". وبالمقابل، ارتأى عبد الحق صيفار، عضو المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أنه مع تولي الحكومة الحالية مقاليد تسيير الشأن العام اجتهدت في الإجهاز على مجموعة من مكتسبات الطبقة العاملة المغربية، التي ناضل من أجلها الاتحاد المغربي للشغل، منذ الخمسينات والمتمثلة أساسا في حق الإضراب، الذي يكفله أسمى قانون في البلاد وهو الدستور. وقال صيفار، في تصريح ل"المغربية"، إن الحكومة الحالية أقدمت على الاقتطاع من أجور المضربين، ما أثر سلبا على تراجع نسبة المشاركة في الإضرابات، خاصة بالقطاع العام، أو الوظيفة العمومية، التي كانت تعرف أعلى نسبة من الإضرابات. وذكر صيفار أن الخوف من الاقتطاع من الأجور لا ينطبق على بعض القطاعات التي نفدت إضرابات وطنية، منها الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الإتحاد المغربي للشغل، خلافا لما جرى في بعض القطاعات المنظمة، من قبيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبريد المغرب، والتكوين المهني والقطاع الخاص، مشيرا إلى أن التراجع في الإضرابات يمكن أن تتبعه عاصفة تتحمل الحكومة الحالية مسؤوليتها. وذكر صيفار بالمناسبة أن هناك حوارات من طرف بعض المسؤولين لدراسة ملفات شغيلة عدد من القطاعات، من قبيل الجماعات المحلية والتعليم، غير أن موقف الاتحاد المغربي للشغل واضح، لأنه يطالب بتفاوض وليس بحوار. واعتبر مقاطعة الحوار الاجتماعي خير دليل على أن الحكومة غير جادة في التعاطي مع مطالب الطبقة العاملة، قائلا إنه قبل إجراء أي حوار وجب تنفيذ اتفاق 26 أبريل من جهة ومع النسخة الثانية للحكومة وزارة التعليم طلبت عقد لقاء يومي27 و28 دجنبر من السنة الحالية مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، غير أنه تساءل عن صلاحيات الوزارة للاستجابة لبعض المطالب الآنية التي لا تتطلب الماديات مثلا ملف الإدارة التربوية ومطلب الإطار، والترقي بالشهادات، أما ملف شغيلة الجماعات المحلية بالنسبة للمسؤول النقابي فما زال عالقا. ويرى المسؤول في الاتحاد المغربي للشغل أن الحكومة الحالية لم تفعل الاتفاقات السابقة، وحين يتم تفعيلها يمكن الحديث على حوار جدي ومسؤول. وقال المسؤول نفسه إن اللقاءات الجارية مع وزارة التربية الوطنية رهينة بالتعاطي الجدي والمسؤول مع مطالب نساء ورجال التعليم، إذ سجل أن الجامعة الوطنية للتعليم، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، أعلنت تضامنها مع حاملي الشهادات الذين تعرضوا للتعنيف أثناء ممارسة حقهم المشروع في التظاهر، ورفع الاحتقان مرتبط بإظهار حسن نية الدولة بإلغاء المتابعات القانونية في حق الأطر التعليمية مع تحديد جدولة زمنية محددة للاستجابة الفورية للملف المطلبي برمته.