أضفى رواق الحرف التقليدية، الذي افتتح، الخميس المنصرم، في العاصمة القطريةالدوحة ويتواصل إلى غاية الخامس من يناير المقبل، بما يقدمه من لوحات فلكلورية وأغان تراثية دفئا غير مسبوق على الحي الثقافي (كتارا)، مما جعله قبلة مفضلة لدى سكان الدوحة في ظل ما تشهده هذه الأخيرة من أجواء باردة عند المساء. فخلال اليوم الثاني من فعاليات هذه التظاهرة، شهد رواق الحرف التقليدية المغربية بالحي الثقافي (كتارا) إقبالا منقطع النظير، حيث ضاقت جنباته بالزائرين سواء من أفراد الجالية المغربية المقيمة في قطر أو من سكان الدوحةقطريين ومقيمين لاستكشاف ما جادت به يدي الصانع المغربي من تحف تحمل طابع الجمالية والتنوع قل نظيرها. ومما زاد الرواق دفئا وإقبالا، الأهازيج الفلكلورية الشعبية التي أبدعتها الفرق التراثية، التي أثثت بأغانيها جنبات الرواق وأضفت أجواء بهيجة تفاعل معها الحضور الغفير، حيث قدمت الفرق المشاركة على مدى أزيد من ثماني ساعات لوحة فنية غنية لتراث حضاري متفرد. هكذا، ألهبت فرقة (كناوة) برئاسة المعلم إبراهيم بامبرا، حماس الحضور الغفير، الذي استمتع بأنغام موسيقى كناوة الأصيلة، المتميزة بقوة الإيقاع والرقصات الفنية الباهرة، وتغنت هذه الفرقة بأشهر أغاني المعلمين الكناويين من أمثال حميد القصري وباقبو وغيرهما. كما استمتع الجمهور بفن الحضرة العرائشية، حيث قدمت خلاله الفرقة النسوية للأمداح من مدينة العرائش قصائد في مدح الرسول وشذرات من فن المديح والسماع شدت أنظار الحاضرين لطابعها المتميز وغير المألوف لدى سكان الدوحة من قطريين ومقيمين. وبالتالي شكل حضور هذه الفرقة النسوية، فرصة تعرف فيها الجمهور على فن الحضرة العرائشية التي تعد من الموروثات الثقافية والفنية لمدينة (العرائش) نصوصا، وألحانا، وطقوسا، وتمتاز بإيقاعات موسيقية قوية، وبمزيج من الغناء، في صيغة أذكار وأشعار، تنسجم فيها الآلات الوترية، وهي الدف، والدربوكة، والطبل، والتعريجية...، ما يضفي عليها مسحة روحية جميلة. ومن أقوى اللحظات التي ميزت هذه الأمسية، معاينة الحضور الطقوس المصاحبة للعرس المغربي، حيث عمد المنظمون إلى تمثيل هذه الاحتفالية من خلال عروس مغربية بلباسها التقليدي (القفطان) محمولة على العمارية، تتقدمها مزينتها (نكافة)، على إيقاعات الأغاني التراثية التي ترافق عادة هذا الصنف من الاحتفالات. وبالتالي استحوذ العرس المغربي، بما يحمله من صور متنوعة للثقافة الشعبية المغربية تعكس عمق وغنى وعراقة التقاليد المغربية، على إعجاب جميع الحضور من مختلف الجنسيات، حيث تفاعلوا معه تصفيقا ورقصا، وتدافع الجميع لالتقاط صور للعروس المغربية. وأجمع الحضور من أفراد الجالية المغربية ومواطنين قطريين إضافة إلى المقيمين من سكان الدوحة، على أن أسبوع الصناعة التقليدية في الدوحة أشر على انطلاقة رائعة متميزة، حيث سيطلع الجمهور على أحد أوجه الثقافة المغربية وهي الحرف التي لا تمثل مجرد مصنوعات، فحسب بل إنها تختزل في داخلها موروثا ثقافيا وحضاريا كبيرا، وتقدم صورة مصغرة عن تاريخ عظيم لحضارة مغربية عريقة. تجدر الإشارة إلى أن رواق أسبوع الحرف المغربية يسجل مشاركة أزيد من 55 حرفيا إلى جانب فنانين في مجال الرسم والخط والغناء والفلكلور.(و م ع)