أسدل الستار على أشغال المؤتمر الدولي الثاني حول شجر الأركان، الذي نظم بمبادرة من الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان وشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والمعهد الوطني للبحث الزراعي، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس، بعدد من التوصيات. استحضار منافع شجرة الأركان في محيطها الحيوي استطاعت شجرة الأركان أن تلف حولها مئات العلماء والباحثين والفعاليات من مختلف المشارب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والفنية، وجعلت من سوس قبلة كثير من المهتمين والمتخصصين، الذين حجوا إلى عاصمة سوس، ليس من أجل نضارتها وجمالها فقط بل من أجل سبر أغوار مخزونها التراثي والعلمي والتنقيب عن مختلف منتوجاتها المتعددة الأبعاد والمناحي من تنوع وراثي وتركيبات إحيائية وحول اقتصاد وتثمين وتسويق منتجاتها مع مختلف الابتكارات التكنولوجية .. ينتعش سكان مناطق سوس من موارد هذه الشجرة، التي تتميز بتنوع واختلاف كبيرين بين تلك المناطق في كثافتها وفي مظهرها الخارجي وفي إنتاجها وموازاة مع ذلك، تعاني الشجرة من تدهور متواصل تحت تأثير مختلف العوامل الطبيعية و البشرية. وأجمع المشاركون على وجوب استحضار منافع شجرة الأركان في محيطها الحيوي على المستوى البيئي والسوسيو اقتصادي، خصوصا الدور التي تلعبه في محاربة التصحر والمحافظة على التنوع البيولوجي. وقد أبانت المحاضرات الشفوية والملصقات المعروضة إبان المؤتمر على غنى في الإنتاج العلمي وعلى التزام قوي من الباحثين برهنت عليه جودة الأبحاث، التي تجيب عن حاجيات تنمية المحيط الحيوي لشجرة الأركان. وبذلك أوصى المؤتمرون على ضرورة إدماج ذوي الحقوق بخبرتهم ومعارفهم في بلورة وتنفيذ برامج للبحث العلمي والتقني. وأخذ المشاركون بعين الاعتبار الضغط الممارس على غابة الأركان في برامج البحث العلمي. ودعوا إلى وجوب رسملة المعارف حول التنوع البيولوجي لاستثمارها في برنامج تأهيل غابة الأركان وفي البرامج التنموية المحلية، والتحسين الوراثي لشجرة الأركان لاستثمارها في برنامج الزراعة العصرية للأركان. ويستوجب دعم البحث العلمي في مجال زراعة الأركان، يضيف المؤتمرون، في ضيعات حديثة خصوصا في مجال التكثير والتسيير التقني للزراعة و في مجال تثمين المنتوجات الفرعية وفي طرق استخراج زيت الأركان. وذلك مع مواكبة ديناميكية البحث والتطوير في مجال التثمين واحتضان المشاريع الرائدة. وشدد المشاركون على دعم البحث التنموي حول الدراسات الاقتصادية حول مجال الأركان وخصوصا تلك التي تعنى بالكلفة مقارنة مع الربح والخدمات البيئية، وكذا الاقتصاد الأخضر، ثم دعم البحث العلمي في مجال التغذية والصحة الإنسانية. وطالب المشاركون بدعم، بشكل استعجالي، البحث العلمي حول العلوم الاجتماعية والإنسانية بغية معرفة أفضل لضوابط تسيير مجال الأركان من جميع النواحي مع تحديد المعيقات واقتراح حلول مستدامة. وأوصوا كذلك بدعم التشاور والتعاون بين مؤسسات البحث العلمي، وتقوية أواصر التعاون بين الباحثين ومستعملي نتائج الأبحاث ثم خلق تواصل وتقاسم أفضل نتائج الأبحاث حول الأركان لتعميم الفائدة على الجميع. وتدارس المشاركون، خلال المؤتمر، محاور مهمة أثارت نقاشات عميقة وغنية، توزعت حول عدة ورشات موازية، إذ تطرق المحور الأول إلى بنية ونمط اشتغال النظام الإيكولوجي لمجال شجرة أركان، أداره امحمد بدراوي مدير عام المعهد الوطني للبحث الزراعي حيث عرض الباحث فؤاد مساندة عرضا حول النباتات العطرية و الطبية و عناصر التنوع البيئي وتنمية شجرة أركان من خلال نموذج مرتفعات إداوتنان. وجرت مناقشة الخصائص الإيكولوجية والبنيوية لمجال شجرة أركان في الجزائر للباحث الجزائري الطاهر أيت حمودة . واستعرض الباحث الفرنسي "إيرفي لو بولي" تأثيرات وتكيف شجرة أركان مع التغيرات المناخية. وعرضت الباحثة المغربية نوال زهار بحثها حول بعض مظاهر دفاع شجرة أركان (أركانيا سبينوزا) عن نفسها ضد هجمات داء السيراتيتس كابيتاتا (Ceratitis capitata). في حين تناولت الباحثة ربيعة الزيري وصف خصائص أشجار أركانيا سبينوزا (ل. سكيلز) بهضبة بني يزناسن، المغرب الشرقي. أما المواد العضوية النباتية و القيمة العلفية لشجرة أركان فاستعرض خلاصة استنتاجاته العلمية الباحث محمد قرو . أما الباحث عبد المالك بنعبيد فعرض معطيات جديدة حول الوضعية الحالية، الجغرافية الإحيائية وإعادة بناء المنظومة الإيكولوجية لشجرة أركان بشكل طبيعي . واشتمل المحور الثاني حول الفلاحة الغابوية، دراسة النباتات و ثمارها و التكنولوجيات الإحيائية، و وراثيات شجرة أركان نشط مائدته العلمية الباحث عبد الجميد مصدق عن جامعة ابن زهر. إذ تناول الباحث أسامة كداد دراسة التنوع الوراثي لشجرة أركان (أركانيا سبينوزا) ضمن غابات أركان الأصلية بالشمال الشرقي للمغرب: مقاربات مورفولوجية و بومولوجية. وعزيز بروج تقييم التنوع الوراثي لدى ست عينات لشجرة أركان تم تجميعها من الأطلس الصغير وشمال الصحراء. واستعرضت الباحثة المغربية نعيمة أيت عابد مجال إسهام المؤشرات البيومترية والوراثية لضبط خصائص أجود أشجار أركان وانتقائها، في حين عالجت الباحثة ياسمينة البهلول الاستدلال الوراثي في دراسة التدفق الجيني في أركانيا سبينوزا ل. سكيلز. وأدارت الباحثة زبيدة شروف عن جامعة محمد الخامس بالرباط المحور الثالث حول اقتصاد وتثمين وتسويق منتجات شجرة أركان والابتكارات التكنولوجية لمنتجات أركان، إذ تناول الباحث حميد الصابير الخصائص الميكانيكية والحرارية للتركيبات الإحيائية المدعمة بالسدادات الطبيعية: قوقعة أركان/ البوليبروبيلين. كما عرضت الباحثة ليلى عافية مجال تثمين القدرة الكبحية لمستخلص قوقعة ثمرة أركان. وعرضت الباحثة فتيحة منير، خلال عرضها، طريقة جديدة لكبح تآكل النحاس تحترم البيئة: استعمال زيت أركان. من جهته، عرض الباحث علي إيدليمان، مجال تثمين جيد للوز أركان وتأثير التكافؤ بين الانتالبيا والأنتروبيا. أما الدراسة الكيميائية للمكونات التريتيربينية للمستخلصات الذهنية من أوراق أشجار أركانيا سبينوزا. فتناوله الباحث كارتا بدر الدين، ودرس الباحث المختار هلالي السلوك الميكرو بنيوي والحراري والميكانيكي لمواد التركيبات الإحيائية المدعمة بقوقعة لوز أركان. وشهدت المحاور الموازية للجلسات العلمية نقاشات مستفيضة وفق ورشات متعددة تناولت محاور بنية ونمط اشتغال النظام الإيكولوجي شجرة أركان. وتدبير النظام الإيكولوجي ونظام المعلومات الجغرافية ومجال اقتصاد و تثمين وتسويق منتجات شجرة أركان، من خلال تنظيم السلسلة و تقاليدها. ثم الصحة و زيت أركان. والتحولات الاجتماعية والجوانب القانونية. فضلا عن دراسة النباتات وثمار الفلاحة الغابوية، والتكنولوجيات الإحيائية والاستخدام العلفي وفسيولوجية شجرة أركان. ونظم المؤتمر مسابقة علمية لمنح جوائز لأجود بحث حول شجرة الأركان من أجل تعزيز وتطوير التميز في البحث من قبل الباحثين الشباب، وقد أقرت لجنة التحكيم منح الجائزة الأولى للباحثة نعيمة آيت عابد عن بحثها لنيل الدكتورة وهي من كلية العلوم بأكادير حول موضوع إسهام العلامات الظاهرة النموذجية والجزيئية لتحليل التباين الوراثي لشجر أركان: الفرز المسبق لعائد الزيت، تحث إشراف الدكتور عبد الحميد مصدق في حين منحت الجائزة الثانية للباحث سعيد غربي والثالثة للباحثة هناء المنفلوطي عن كلية العلوم بالرباط. وتخلل المؤتمر تقديم وصلات فنية مبدعة حول شجرة الأركان من قبيل الأوبيرت الغنائية "نداء أكادير"، قدمها مجموعة من الفنانين المميزين. وفي السياق ذاته، نظمت الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان زيارة ميدانية للتعاونية الفلاحية النسوية أركانة نومسكرود أطلع من خلالها ضيوف المؤتمر على محل تقشير وتكسير ثمرة الأركان ثم طرق وتسويق زيت أركان ومشتقاته وتم بالمناسبة زراعة شجر الأركان بمحيط بمنطقة أمسكرود. يشار إلى أن المؤتمر عرف مشاركة دولية مكثفة لخبراء عالميين من دول مختلفة من قبيل فرنسا وألمانيا والنرويج وتونس والكويت والجزائر.