تعتزم أرملة الممثل العالمي المغربي حميدو بنمسعود إصدار كتاب حول الراحل الذي فقدته الساحة السينمائية المغربية والفرنسية والعالمية هذه السنة، بباريس عن عمر يناهز 78 سنة. قالت فاطمة حميدو زوجة الراحل الثانية في تصريح ل"المغربية" إن الكتاب الجديد يهدف إلى تقريب حميدو الإنسان من الجمهور الواسع، وتوثيق تجربته الفنية الثرية، من خلال ثلاث مراحل، مشيرة إلى أن وفاة الراحل تركت فراغا كبيرا في الساحة الفنية، كما تركت أثرا كبيرا في نفسيتها ونفسية ابنته نجمة ذات الأربعة عشر ربيعا. وأوضحت فاطمة أن المراحل الثلاثة من حياة حميدو تشمل حياته بالمغرب، الذي ارتبط به إلى آخر رمق، ثم مرحلة انتقاله إلى فرنسا، حيث حقق شهرة واسعة، ثم انتقاله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث قدم أعمالا عالمية ناجحة إلى جانب عمالقة هوليود. وأشارت إلى أنها ستقوم بزيارة إلى بريطانيا وأمريكا لجمع الوثائق اللازمة لإنجاز الكتاب، ومقابلة أصدقاء الراحل الذين عمل معهم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وبدأت تجربة هذا الفنان العالمي، الذي ولد في ثاني غشت 1935 بالرباط، بالتحاقه بفرقة مسرحية تابعة لإذاعة "راديو ماروك " في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، تحت إشراف عبد الله شقرون، وتمكن رفقة هذا الأخير ومجموعة من الممثلين المغاربة الشباب آنذاك (أمينة رشيد، وحمادي عمور، والطيب الصديقي، وحمادي التونسي ...) من الوقوف لأول مرة أمام كاميرا السينما كممثل في الفيلم الفرنسي المغربي المصري المشترك "طبيب رغم أنفه"، المقتبس سيناريوه عن مسرحية لموليير، والمصورة مشاهده الداخلية باستوديوهات السويسي بالرباط، والخارجية بدارالسلام وحدائق الوداية، من طرف المخرج الفرنسي هنري جاك سنة 1955. وفي السنة الموالية هاجر حميدو إلى باريس، عاصمة الثقافة والفنون، والتحق ب"كونسيرفاتوار" الفن الدرامي بها. وبعد تخرجه وحصوله على الجائزة الأولى في التشخيص، التحق بفرقة "الأوديون" المسرحية الفرنسية، ومن هنا كانت البداية الفعلية والحقيقية له كممثل. انطلقت مسيرة حميدو كممثل مسرحي مع هذه الفرقة القومية، إلى جانب الممثل والمخرج الفرنسي الكبير جان لوي بارو، وشارك في مسرحياتها "الستائر" ، و"هنري السادس"، و"البخيل"، و"حقائق وأكاذيب"، بالإضافة إلى مسرحيات عديدة مع فرق أخرى . وانطلاقا من ممارسته للمسرح داخل وخارج الكونسيرفاتوار، اكتشفه المخرج السينمائي الفرنسي الكبير كلود لولوش، وأصبح ممثله المفضل. شارك حميدو في 13 فيلما من توقيع لولوش، أولها "تفرد الإنسان" (1960) وآخرها "والآن سيداتي سادتي" (2001) ، الذي صور جزئيا بفاس، إلى جانب أفلام أخرى لمخرجين فرنسيين أمثال أليكساندر أركادي، وروجي هنان، وجورج لوتنر، وفيليب دو بروكا وغيرهم. ويمكن اعتبار الدور الرئيسي الذي شخصه حميدو في فيلم لولوش "الحياة، الحب، الموت" (1968)، وجائزة أحسن ممثل التي نالها عن هذا الدور في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي الدولي في مطلع السبعينيات من القرن الماضي بالبرازيل، هما اللذان عرفا به عالميا على نطاق واسع، ما لفت إليه أنظار بعض صناع السينما الكبار في هوليود وبلدان أخرى. وهكذا ستنضاف إلى فيلموغرافيته الفرنسية (أكثر من 50 فيلما سينمائيا) أفلام أمريكية عديدة لعل أشهرها "قافلة الخوف" (1977)، و"جحيم الواجب" (2000) لوليام فريدكين، و"لنا النصر" (1981) لجون هيوستون، و"لعبة الجواسيس" (2001) لطوني سكوت،... وأفلام ألمانية وإيطالية ومغاربية نذكر منها "شمس الربيع" (1969) للطيف لحلو، و"شامبانيا مرة" (1986) لرضا الباهي من تونس، و"للاحبي" (1996) لمحمد عبد الرحمان التازي، و"قصة حب" (2002) لحكيم نوري، و"لا هنا لا لهيه" (2004) لرشيد بوتونس، و"هنا ولهيه" (2004) لمحمد إسماعيل، و"أركانة" (2007) لحسن غنجة، و"موسم لمشاوشة" (2009) لمحمد عهد بنسودة ... وبالإضافة إلى البعدين المسرحي والسينمائي في تجربة حميدو التشخيصية، هناك بعد تلفزيوني يتمثل في مجموعة من الأعمال التلفزيونية الفرنسية والمغربية، التي شخص فيها أدوارا متفاوتة القيمة، نذكر منها على سبيل المثال " علي بابا والأربعين لصا" لبيير أكنين، و"بن بركة... المعادلة المغربية" لسيمون بيطون، و "مليكة " لرشيدة كريم، و"عائشة " ليمينة بنكيكي، و"المطاردة" لليلى التريكي، و"رأس العين" للراحل محمد لطفي ... كما سبق لحميدو أن اشتغل في دبلجة الأفلام الهندية إلى الدارجة المغاربية رفقة مجموعة من الممثلين الجزائريين والتونسيين والمغاربة، الذين كانوا طلبة في باريس أواخر الخمسينيات، إلى جانب إبراهيم السايح وعبد الله المصباحي.