أسقط المستشارون مشروع القانون المالي لسنة 2014، أول أمس الخميس، في جلسة عمومية، بعد أن صوتت ضده فرق المعارضة بأغلبية 87 صوتا، مقابل موافقة 33 مستشارا عليه، إذ تتوفر المعارضة في المجلس على مقاعد أكبر من الأغلبية الحكومية. (كرتوش) ويرى محمد زين الدين، المحلل السياسي، إن "مجلس المستشارين يشكل الاستثناء داخل القاعدة الدستورية المعمول بها وفق دستور 2011، ويوقف الأجندة الإصلاحية بالمغرب. وقال زين الدين، في تصريح ل "المغربية"، إن التسريع بإجراء الانتخابات الجماعية والإقليمية والجهوية، سيمكن المغرب من تشكيل "غرفة ثانية تتوفر على الشرعية الدستورية الكاملة، وتمثل الخريطة السياسية والنقابية الحقيقية"، موضحا أن المجلس، بتشكيلته الحالية، سجل مكسبا سياسيا حين أسقط مشروع قانون المالية، إذ لأول مرة في التاريخ التشريعي تسقط الغرفة الثانية المشروع المالي. واعتبر زين الدين أن تصحيح وضعية الغرفة الثانية يتطلب تنزيل أكثر من 20 مشروع قانون، وأن ذلك أمر صعب جدا في الوقت الحالي. وتطلب الأمر من المستشارين، لمناقشة المشروع وإسقاطه، منذ أن عرض على لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية، عقد 9 اجتماعات مطولة، منذ إحالته على اللجنة من طرف مكتب الغرفة الثانية في 26 نونبر الماضي، واستغرقت المناقشة والتصويت، داخل اللجنة وفي الجلسات العمومية، ما يناهز 80 ساعة عمل في المجموع. وأوضح زين الدين، أن القواعد الدستورية تضمن للحكومة تجاوز التعثر الذي يسببه لها مجلس المستشارين، عبر إحالة المشروع، مع التعديلات المدخلة عليه، إلى مجلس النواب، الذي تتوفر على أغلبية مريحة، في إطار قراءة ثانية داخل لجنة المالية وفي الجلسة العمومية، لمناقشته والتصويت عليه مرة أخرى. كما يعطي الدستور للحكومة حق صرف ميزانية النفقات، ابتداء من 31 دجنبر 2013، دون التصويت على مشروع قانون المالية، لضمان حسن تسيير المرفق العمومي. ونشب سجال بين فرق المعارضة والحكومة، منذ البدء في مناقشة مشروع القانون بالغرفة الثانية، إذ تبرر فرق المعارضة قرار إسقاط المشروع باعتبار "الحكومة لم تقدم أجوبة واضحة ودقيقة حول العديد من الأسئلة" التي أثارتها بخصوص عدد من القضايا ذات الأهمية، منها مطلب فرق المعارضة برفع الضريبة على الخمور الرفيعة، وتنظيم استغلال مقالع الرمال، واقتراح فرض الضريبة على الثروة، وحذف الضريبة على الحجاج المغاربة. بالمقابل، أكد محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، وإدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن "الحكومة تفاعلت بكيفية إيجابية مع تعديلات فرق المعارضة، إلا أن الأخيرة ارتأت تفويت فرصة المصادقة على مشروع قانون مالي يدعم السياسات الاجتماعية، ويضع الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى التوازنات في مقدمة أولوياته". يذكر أن مجلس المستشارين تشكل، وفق دستور 1996، من 270 عضوا بعد الانتخابات الجماعية والإقليمية والجهوية والانتخابات القطاعية، سنة 2009. وفي السنة الماضية 2012 انتهت الولاية القانونية لثلث أعضائه، (90 مستشارا)، دون تجديدهم، ووقع التمديد للثلثين المتبقيين أي 120 عضوا، إلى حين إجراء الانتخابات الجماعية والإقليمية والجهوية والقطاعية. ويستمد مجلس المستشارين شرعيته الدستورية من المادة 176 من دستور 2011، في إطار الأحكام الانتقالية، التي تتحدث عن أن مجلسي النواب والمستشارين يستمران في ممارسة صلاحياتهما، إلى حين إقرار القوانين اللازمة لتنصيب المجلس الجديد.