افتتحت فعاليات المناظرة الوطنية للجمعيات، أول أمس السبت، المنظمة لمدة ثلاثة أيام ببوزنيقة، بدقيقة صمت ترحما على روح المناضلة الجمعوية زهور العلوي، التي كان مقررا أن تكون من بين ضيوف المناظرة، قبل أن توافيها المنية الأسبوع الماضي. (خاص) وحضر أزيد من 900 جمعية من مختلف فعاليات المجتمع المدني المغربي، تلبية لنداء إعلان دينامية الرباط، في أول مناظرة بين الجمعيات المغربية التربوية والاجتماعية والنسائية والحقوقية العاملة في المجتمع المدني. وأمام أزيد من 1500 مشارك، صدح صوت عائشة الشنا، رئيسة جمعية التضامن النسائي، وهي تعلن أن أزيد من 24 طفلا يلقون يوميا في حاويات الأزبال، وأن 153 طفلا يولدون خارج إطار الزواج، أي ما يناهز 11,6 في المائة يلدون دون عقد شرعي. وعرجت الشنا على الفصل 446 من مدونة الأسرة، الذي يحث على أن أي طفل يولد من غير عقد شرعي يعتبر ابن زنا، وناشدت المسؤولين تغيير هذه القاعدة وإعمال دروس التربية الجنسية في المنظومة التربوية، وإلا فإن "المغرب سيصل مستقبلا إلى نسبة 50 في المائة من أبناء الزنا"، تضيف الشنا. من جهتها، قالت أمينة بوعياش، الرئيسة السابقة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، والكاتبة العامة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، إنها قررت المتابعة والمشاركة في أشغال المناظرة الوطنية للجمعيات غير الحكومية بحكم النقاش الدائر حول هذا الموضوع، وحول دور الجمعيات غير الحكومية، وتفعيل الدور الدستوري لهذه الجمعيات. وأضافت أن "الجمعيات غير الحكومية المغربية عاشت سابقا المنع والتقييد والتضييق، واليوم تعيش مرحلة جديدة، تتطلب التعبئة والوضوح، وتتطلب امتلاك أدوات معرفية، لنتمكن فعلا من أن يكون المجتمع المدني المغربي فاعلا في التحولات الصعبة الشائكة، لكنها تحولات في اتجاهات إيجابية". واعتبرت عياش أن النقاش حول المجتمع المدني "ترصيد للاستقلالية والموضوعية للجمعيات غير الحكومية في هذا المسار الجديد"، وأن "هذه المناظرة تأكيد على هذا الدور، وللتذكير بأن المجتمع المدني مستقل في أدواره وفي اقتراحاته وفي التفاعل مع الإشكاليات المطروحة"، مضيفة أن "نقاش هذه المناظرة يجب أن يكون واضحا، ليكون للمجتمع المدني على الأقل مرجعيات في تحولاته واستقلاليته". وركزت باقي المداخلات على احترام حقوق الإنسان، وأهمية المجتمع المدني. وأعقبت اللقاء الافتتاحي للمناظرة ندوة حول "مناقشة الحركة الجمعوية وقضايا النضال من أجل الديمقراطية"، وفي هذا اللقاء، قدم برنامج وأهداف المناظرة الوطنية، كما جرى تقديم حصيلة وخلاصات وتوصيات اللقاءات 22 الجهوية، التي نظمت في العديد من المدن، إعدادا للمناظرة الوطنية للجمعيات، من بينها استغلال المجتمع المدني للديمقراطية التشاركية التي جاءت في الدستور من أجل الترافع، ووضع السياسات العمومية وتتبعها، وضرورة إعمال أحكام الدستور، واعتبار الجمعيات ذات المنفعة العامة، وإرجاع حل الجمعيات ليد القضاء، واستفادة الجمعيات من الإعفاء من الرسوم أثناء التأسيس، وتكوين العاملين والمناضلين في العمل الجمعوي... وأعقبت اللقاء الافتتاحي سبع ورشات، ناقشت محاور تلخصت في المحاور "قيم الديمقراطية وبناء دولة الحق والقانون"، و"تفعيل الإجراءات الدستورية المرتبطة بالمجتمع المدني وأدواره الدستورية"، و"قانون الجمعيات وضرورة الملاءمة مع الدستور، والمواثيق والعهود الدولية والقانون الدولي"، و"الإجراءات والتدابير المالية والضريبية المتعلقة بالجمعيات"، و"البنيات التحتية وحق الجمعيات من أجل أن تضطلع بأدوارها بفعالية ونجاعة". ويوم الجمعة الماضي، نظمت ست ورشات تمهيدية للقاء الافتتاحي، في إطار ورشات عمل "تسيير ذاتي"، تناولت العديد من المحاور، منها "قانون إطار لمناهضة العنف المبني على النوع"، و"المجتمع المدني ودمقرطة المجتمع: الواقع والآفاق"، و"القانون التنظيمي للغة الأمازيغية"، و"دور المجتمع المدني في الارتقاء بالقيم"، وغيرها، إذ ركز المشاركون على ضرورة التسريع بإخراج القانون التنظيمي لتفعليل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وعلى الترافع من أجل تمكين النساء من حقوقهن الأساسية كما تنص عليها المواثيق الدولية وكما جاء في ديباجة الدستور المغربي، كما تمت مناقشة أدوار المجتمع المدني في تكريس الدولة المدنية وبناء النظام الديمقراطي، وخلص المشاركون إلى ضرورة تقديم ملتمسات تشريعية لمحاربة ومناهضة جميع أشكال العنف الممارس ضد النساء. وجاءت هذه المناظرة الوطنية للجمعيات لتقديم حصيلة اللقاءات الجهوية والمحلية في أكثر من 20 مدينة وقرية من مختلف جهات المغرب، التي شارك فيها أكثر من 2500 فاعلة وفاعل جمعوي ممثلين لجمعيات وشبكات تشتغل في ميادين حقوق الإنسان والإعاقة والتنمية والثقافة والشباب. وشكلت المناظرة محطة لتعميق النقاش وتقديم المقترحات والتوصيات التي حددها "إعلان الرباط" للجمعيات الديمقراطية في أبريل 2012 مع مقتضيات الدستور والتراكمات التي حققها المجتمع المدني، ودوره في إرساء دولة حداثية ديمقراطية.