غمرت الفرحة الإمارات العربية المتحدة، أول أمس الأربعاء، بعد إعلان فوز مدينة دبي باحتضان معرض "إكسبو 2020"، الذي يقام لأول مرة في بلد عربي، وجاء الإعلان ليتوج الجهود التي بذلت من أجل كسب الرهان ويتوج، أيضا، يوما عصيبا. الإمارات، وهي تعيش على إيقاع الاحتفال باليوم الوطني وتشهد فعاليات عدة بمناسبته، حبست أنفاسها ورحلت قلوب وعقول الكثيرين، إن لم أقل الجميع، إلى باريس، حيث تقرر مصير معرض "إكسبو 2020"، ظل الجميع يترقب فوزا بدا في الإمكان، والظفر باحتضان المعرض الكبير، لكن لم تكن هناك رغبة في حرق المفاجأة، فكان من الضروري ترقب ما ستسفر عنه عملية فرز الأصوات، وإن كانت نوايا التصويت مشجعة وواعدة. نوايا التصويت هذه حفزت شركات عدة على تقديم وعود بعرض منتجاتها مجانا في حال فوز دبي بتنظيم إكسبو 2020، نظير ما أعلنته باسكن روبنز، التي وعدت بتقديم 100 ألف مغرفة آيس كريم مجانا، حال فوز دبي بإكسبو 2020. وعلى مدار اليوم، كان موضوع معرض "إكسبو 2020" يفرض نفسه في الأحاديث الثنائية والجماعية، فما إن تبدأ حديثك مع شخص هنا، حتى يبادرك بالسؤال "هل فازت دبي؟"، تجيبه "ليس بعد"، فيرد عليك بلغة الواثق "الإمارات ستفوز، دبي ستفوز". يسألك السائق والعامل، وكل من تصادفهم من مواطنين وأجانب مقيمين وزوار، يشتركون في السؤال، تختلف أجوبتك حسب موعد مصادفة السائل، تقول "لم يبدأ التصويت بعد"، ثم بعد ذلك "إنهم يصوتون" وتجيب آخر " إنهم يفرزون الأصوات، قبل الإعلان عن نتيجة الجولة الأولى و... إذا كانت أجوبتك مختلفة حسب موعد تلقي السؤال، فإن التعليقات عليها لم تختلف إطلاقا، "ستفوز، وإذا تأكد خبر الفوز، فهذا أمر جيد". يتحدث السائلون بعدة لغات عدة، لكن تعليقاتهم تشابهت. كانوا واثقين، لكنهم كانوا في حاجة إلى سماع كلام يؤكد توقعاتهم، ولم يتحدث من صادفتهم عن حظوظ مدينة أخرى غير دبي، رغم أنها كانت تتنافس مع إزمير التركية، وساوباولو البرازيلية، وإيكتاننبرغ الروسية. كانت الأخبار تأتي تباعا، حول تقليص عدد المصوتين من 168 إلى 165، بعد إبعاد كوستاريكا وتشاد وجنوب السودان، وحسمت النتيجة بعد ثلاث جولات وغيرها، لكن ذلك لم يكن مهما هنا في الإمارات العربية المتحدة، حيث ظل الجميع ينتظر النتيجة النهائية والخبر السعيد، ولا شيء غيره. فرضت علينا الالتزامات، نحن الصحافيين الذين حضروا من مختلف أنحاء العالم لتغطية الاحتفالات باليوم الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، مغادرة الفندق، لكن لم يخفوا شوقهم إلى سماع خبر الفوز. أقلعت الحافلة من فندق "دوست ثاني" في اتجاه قصر الإمارات، كان صحافي بريطاني يردد باللغة العربية "مستكبل العالم في دبي" (يعني مستقبل العالم في دبي)، أجابه شاب إماراتي مرافق "يا رب"، وقبل الوصول إلى قصر الإمارات صاح الشاب نفسه، بعد تلقيه رسالة قصيرة عبر هاتفه المحمول "انتباه من فضلكم.. فازت دبي في الجولة الأولى وحصلت على 77 صوتا"، ثم عبر عن أمله أن تتواصل الأخبار السعيدة. وصلنا إلى قصر الإمارات، بدأت الجولة عبر أرجاء هذه التحفة المذهلة، إنه ليس أحد أشهر الفنادق في العالم فحسب، بل اسم على مسمى، قصر بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لم ينس الالتزام أحدا الحدث المهم، وظل الجميع يترقب النتيجة النهائية، وبينما الناس في قصر الإمارات يشنفون أسماعهم بمعزوفات من الزمن الجميل، الذي كانت فيه فيروز تصدح وتقدم فنا راقيا، توقف العزف، وأعلن أن دبي فازت بتنظيم "إكسبو 2020"، علت الأصوات مهللة، وامتزجت بالتصفيق والتهاني. أما الأخبار الواردة من دبي، فأكدت قبل الإعلان عن النتيجة النهائية التحضير لاحتفالات كبيرة. بعد سماع الخبر المرغوب فيه، أصبح الفضول سيد الموقف، وتناسلت الأسئلة حول النتيجة والمنافس الأخير وغيرها، وجرى التأكيد أن دبي تغلبت في الجولة الثالثة على مدينة إيكتاننبرغ الروسية، بعد حصولها على 116 صوتا، مقابل 47 صوتا لإيكتاننبرغ. تبادل الإماراتيون التهاني قمة وقاعدة، وعشنا بين مثلث باريس دبي وأبوظبي على إيقاع أجواء استثنائية، تسابقت الشعارات ومظاهر الاحتفال، التي تواصلت أمس الخميس، وبشكل خاص في دبي، حيث تعطلت المدارس بأمر من حاكم الإمارة، ليعيش الجميع فرحة الحدث السعيد، الذي حول العيد في الإمارات العربية الشقيقة إلى عيدين. هنا لا نوم قبل الفوز، فقد هجر النوم كل الحالمين بالنجاح، ولا نوم بعد الفوز، إذ اقترن ليل الاحتفالات بالصباح، وأكيد لا نوم في انتظار 2020. لحظة للفرح وعاد للغة الأرقام توهجها. دبي التي حبست أنفاسها يوم التصويت، أطلقت صيحاتها فرحا به، وأطلقت أرقامها، أيضا، أرقام 2020 التي تقول: 53 مليار درهم إماراتي العائدات المتوقعة (درهم إماراتي واحد يساوي درهمين مغربيين و25 سنتيما). 25 مليون زائر 70 في المائة منهم من خارج الدولة. 25,7 مليار درهم استثمارات بالبنية التحتية. 122 مليار درهم تكلفة مطار آل مكتوم. 45 ألف غرفة فندقية. 4,4 كيلومترات مربعة مساحة موقع المعرض. 5 ملايير درهم لخطة طرق دبي. 60 مشروعا عقاريا ب200 مليار درهم. 280 ألف فرصة عمل.