قال طارق بوبكر، المخرج السينمائي ومدير مهرجان "شفشاون لسينما الطفولة والشباب"، إن فيلمه الجديد "20 أكتوبر" يتحدث عن اليوم الأخير للعقيد للقذافي، وشارك به في ندوة ضمن فعاليات "الجامعة الصيفية" لجامعة "ويلفا" الإسبانية، التي نظمت أخيرا، حول موضوع "نظرة على الربيع العربي". بطل الفيلم طارق بوبكر هي الندوة التي استدعي إليها من أجل إلقاء مداخلة تحت عنوان "سينما الربيع العربي"، والتي تطرق في شقها الأول للإنتاجات السينمائية التي خلفها الربيع العربي في دول العالم العربي، بينما خص شطرها الثاني لتجربته كمخرج فيلم "20 أكتوبر"، الذي رأى فيه العديد من النقاد إضافة نوعية "لسينما الربيع العربي". حدثنا عن مشاركتك في الندوة الدولية لجامعة ويلفا الإسبانية؟ الصدى الكبير الذي لقيه "الربيع العربي" في أوروبا جعله يكون موضوع حوار العديد من الندوات وبرامج التلفزيون، الأمر الذي جعلني أحس أن الغرب يهتم بمواضيعنا أكثر منا، بل الأكثر من هذا أنهم يبحثون فيها بطرق علمية وأكاديمية عبر التخصيص لها الدعم الكافي وطرحها في الجامعات قصد البحث فيها. من هذا المنطلق جاءت ندوة "الربيع العربي"، اﻟتي نظمتها جامعة ويلفا الإسبانية، حيث شاركت في فعالياتها من أجل الحديث عن "الربيع العربي" من خلال السينما. مداخلتكم كانت حول "سينما الربيع العربي" هل لك أن تقربنا من هذه المداخلة؟ المداخلة التي قدمتها انقسمت إلى شطرين، إذ خصصت الجانب الأول منها للحديث عن "سينما الربيع العربي" بصفة عامة، متناولا أهم الإنتاجات السينمائية التي خلفها "الربيع العربي" بالعالم العربي، وأخص باﻟﺬكر مجموع الأفلام القصيرة المنجزة من طرف مجموعة من المخرجين الشباب. كذلك من الواجب ﺬكر فيلم "فبراير الأسود" للمخرج المصري محمد أمين، الذي كان لي شرف تعميق الحوار معه حول موضوع سينما الربيع العربي بمصر، أثناء حضوره العام الماضي ل"مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط"، دون أن ننسى الفيلم الوثائقي التونسي "نحن هنا" لعبد الله يحيى، الذي يحكي عن شباب تونس ما بعد الثورة بشكل جديد أبدع فيه المخرج. كل ﻫﺬه المعلومات يمكن للقارئ أن يطلع عليها بتفصيل في مقال صحافي لي باللغة الإسبانية حول موضوع "سينما الربيع العربي"، الذي نشر لي السنة الماضية في بعض الصحف الرقمية الإسبانية، أما الشق الثاني للمداخلة فقد خصص للحديث عن تجربتي كمخرج فيلم "20 أكتوبر"، واﻟﺬي وجد فيه العديد من النقاد إضافة نوعية "لسينما الربيع العربي". ويتحدث الفيلم عن اليوم الأخير ﻟﻟﻗﺬافي، واشتغلت فيه مع الشبيه رقم 1 في العالم ﻟﻟﻗﺬافي، ما أعطى للأحداث واقعية كبيرة. ما أثارني في اللقاء هو الجماهير الطلابية بالجامعة والحضور اﻟﺬين أبدوا اهتماما كبيرا بالموضوع، كان واضحا من خلال الكم الهائل للأسئلة التي تلقيتها في الفقرة المخصصة للنقاش، والتي أدارها المخرج والسيناريست الإسباني "أنطونيو غوادري". لكن تبقى الخلاصة العامة التي طرحتها عبر المداخلة، أنه من الصعب جدا الحديث عن سينما الربيع العربي في الظرف الراهن، إلا عندما نتوفر على صورة بانورامية لهذا الربيع، الذي مازال يلفه العديد من الغموض وعدم اكتمال الصورة. حدثنا عن الفيلم الروائي "20 أكتوبر"، كيف جاءت الفكرة وماذا يعالج؟ بصراحة لست كثير الاهتمام ظاهريا بالسياسة وبما يقع في العالم من أحداث، لكنني في العمق أتألم، خاصة عندما أرى أطفالا وشبابا في عمر الزهور يذبحون ويقتلون دون أي وجه حق. ﻟﻫذا أفكر دائما أن يكون رد فعلي أكثر فاعلية بدل المضي في الانتقاد والكلام، لأن الكلام وحده لا يستطيع أن يغير شيئا. من هنا أعتقد أن للمخرج السينمائي مشاعرا أقوى من أي إنسان عاد. في ﻫﺬا الفصل جاءت فكرة اشتغالي عن موضوع أصبح حديث الشرق والغرب في العالم، وهو ما أصبح معروفا ب"الربيع العربي"، الأمر الذي كنت دائما أتلقى أسئلة حوله من طرف أصدقاء أجانب، خاصة في الجامعات الإسبانية، وكنت أقابلها بأجوبة قصيرة ومظللة، لأنني حقا كنت لا أعرف شيئا عما يحدث في العالم العربي وإلى أين يتجه. فاشتغالي، كما قلت سابقا، من خلال فيلم "20 أكتوبر" على شخصية اﻟﻗﺬافي، يشكل نظرة سينمائية خاصة بي حول فصل من فصول "الربيع العربي" في قالب روائي، كجنس سينمائي يسمح للمخرج بالتعبير بكل حرية وإبداع بدل الوثائقي، الذي بالإضافة إلى أنه لا يحظى بجمهور واسع، يقيد المخرج والسيناريست، من أجل العمل بكل موضوعية وتوثيق، من غير أن يعني هذا كله بأن العمل غير توثيقي، على العكس الهدف الأول والأخير من الفيلم هو العمل على توثيق صفحة من صفحات "الربيع العربي" كجزء مهم من التاريخ العربي. الفكرة جاءت بالأساس من وحي أنه من الضروري التوثيق لحدث سوف ﻳﺬكره التاريخ قدما أكثر ما ﻳﺬكره الآن، لكن أؤكد أن اشتغالي على مواضيع كهذه سيبقى موسميا، لأنني أشتغل أكثر على التاريخ "زمن الفن الجميل"، وعلى الطفولة والشباب وعلى قيم الجمال، لأن سينما العالم العربي عموما تفتقد ﻫﺬا الجمال. ما هي مشاريعك المستقبلية؟ أفكر في البدء في الاشتغال على عمل هو بمثابة حلم يواكبني ﻤﻨﺬ سنوات عديدة، ويتعلق الأمر بفيلم على عكس "20 أكتوبر"، فيه تمجيد لثقافة السلم والسلام وحوار الحضارات، هذه القيم الأخيرة أعتقد أنها لم تنل الاهتمام الإنساني الكافي، وتبقى السبب الأساسي لما يقع اليوم في العالم من صراعات وميز عنصري، لذا أرى من الواجب علي المساهمة في انجاز فيلم يتناول هذه القيم، متمنيا أن يساهم فعليا في مد أواصر التواصل بين ضفاف مختلفة من ﻫﺬا العالم الجميل، الذي سيكون أجمل إﺬا أخمدت نار الحروب التي تأكله.