أعلن مركز الدراسات الصحراوية، أول أمس الثلاثاء، أن الباحث الفرنسي الشهير بير بونت، المتخصص في المجتمعات الصحراوية وصاحب المعرفة الواسعة بالصحراء المغربية توفي، يوم الاثنين المنصرم، في باريس عن 71 عاما. وقال المركز في بلاغ توصلت به وكالة المغرب العربي للأنباء، إنه وشركاءه المؤسسين (المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ووكالة تنمية الأقاليم الجنوبية، وجامعة محمد الخامس- الرباط أكدال، والمكتب الشريف للفوسفاط)، الذين فقدوا بوفاته صديقا وشريكا، يتقدمون بأصدق تعازيهم لعائلة الفقيد وأصدقائه العديدين. والراحل، وهو من مواليد 25 غشت 1942 ببلدة أنولين بشمال فرنسا، حاصل على دكتوراه الدولة في الإثنولوجيا والأنثربولوجيا (مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، بارس 1998)، وعضو بمختبر الأنثربولوجيا الاجتماعية بمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، ومدير المركز الوطني للبحث العلمي. وترك الراحل، الذي كان مسؤولا في أواسط الستينيات عن العديد من البعثات الدراسية في كل من النيجر والجزائر وموريتانيا ومالي والمغرب وتونس، العشرات من الكتب والدراسات والمقالات العلمية، منها (إمارة آدرار الموريتانية: الحريم والمنافسة والحماية في مجتمع قبلي صحراوي (2008)، و"جبل الحديد: الشركة الوطنية للصناعة والمعادن، شركة معادن في صحراء موريتانيا في زمن العولمة (2001)، و"آخر الرحل" (2004). وفي سنة 1991 تولى الإشراف بمعية إيزار على منجد الإثنولوجيا والأنتربولوجيا، الذي صدر في العديد من الطبعات بالفرنسية وترجم إلى الإسبانية والرومانية والعربية والإيطالية. كما تولى بيير بونت الإشراف على حوالي عشرين كتابا علميا بمساهمة باحثين آخرين من جنسيات مختلفة، منها بالخصوص، كتاب الحكايات والأمثال الموريتانية الذي صدر في ثلاثة مجلدات. وفي ما يخص المغرب، البلد الذي يعرفه جيدا والمعجب به أيما إعجاب ويتردد على زيارته من حين لآخر، صدرت لبيير بونت عام 2009 بالاشتراك مع محمد اللومي وهنري غيوم ومحمد مهدي دراسة تحت عنوان "التنمية القروية: البيئة والرهانات الترابية، نظرات متقاطعة - الشرق المغربي والجنوب التونسي"، كما أنه مؤلف "دراسة حول التشكيلات القبلية في الصحراء الغربية" الصادر سنة 2007 عن دار النشر لوك بيير. وتبقى أبرز مؤلفاته على الإطلاق حول المغرب كتابه "الساقية الحمراء، مهد الثقافة في غرب الصحراء"، الذي يعد بحق تحفة تاريخية وأنثروبولوجية تتعلق بهذه المنطقة من المملكة منذ العصر الحجري إلى أن استرجع المغرب أقاليمه الصحراوية (منشورات ليكروازي دي شومان 2012). وكان الراحل باشر، أخيرا، بتعاون مع وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية سلسة من الدراسات لمواكبة النموذج الجديد للتنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة، وتهم الإشكالية المعقدة للهوية في الوسط الصحراوي، واستمرارية مكانة القبيلة وتمثيليات الدولة والتمثيليات السياسية والثقافة الصحراوية وتوظيف التراث ألخ... والتي ستصدر قريبا عن منشورات "كارتالا". وكان الراحل زار المغرب عدة مرات وأقام بصحرائه (آسا، كلميم، السمارة، العيون، بوجدور، الداخلة وأوسرد)، نسج خلالها علاقات حميمية مع سكان الصحراء المغربية. وكان مركز الدراسات الصحراوية كرم الراحل خلال المناظرة الدولية التي نظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يومي 16 و17 دجنبر 2011، بالداخلة، حول موضوع "التاريخ، ذاكرة وتراث الصحراء"، كما استقبل المركز الراحل خلال ندوة نظمها بمقره بالرباط يوم 18 دجنبر 2012 حول موضوع "بعض الفرضيات حول إعمار غرب الصحراء".