أكد مدير مؤسسة الملك عبد العزيز آل السعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، أحمد التوفيق، أمس الأربعاء، بالدارالبيضاء، أن هناك حاجة ملحة للتنسيق وتوحيد الجهود وذلك بغية اللحاق بركب الثورة الرقمية واستثمار ثمارها في مشروع مجتمع المعرفة الحديث الذي تطمح كل الأقطار العربية لتأسيسه. واعتبر التوفيق، في كلمة له خلال افتتاح أشغال اللقاء السادس لأعضاء الفهرس العربي الموحد الذي تحتضنه العاصمة الاقتصادية للمملكة على مدي يومين تحت شعار "المكتبة الرقمية العربية، تواصل معرفي"، أن طرح مشروع بناء مكتبة رقمية تجمع الموارد العربية وتضعها رهن إشارة القراء وفي خدمة الباحثين يشكل مبادرة إيجابية في اتجاه مواجهة التحديات واستشراف آفاق العمل الثقافي والحضاري المشترك. وأبرز، في هذا السياق، أن احتضان المملكة لهذا اللقاء العلمي والمهني مؤشر على التوسع والنمو المستمرين اللذين يعرفهما مشروع الفهرس العربي الموحد، وهو ما تترجمه انطلاقة بوابة المكتبات المغربية على غرار البوابات السعودية والأردنية والسودانية والبحرينية والإماراتية، علاوة على كونه يرمز للنهضة المكتبية التي باتت تشهدها البلاد، من خلال إنشاء مجموعة من المشاريع المكتبية الكبيرة والمهمة والاعتناء بالمكتبات الجامعية وتحديث أساليب العمل المكتبي والانضمام إلى مشروع الفهرس العربي الموحد. وشدد، بالمناسبة، على أن إنشاء البنيات المكتبية بكل أصنافها وتمكينها من الموارد المطلوبة لبلورة سياسات تزويد قوية وفعالة يبقى غير كاف، بل إن تعزيز دور المكتبات في بناء مجتمع المعرفة يستلزم، بحسب التوفيق، إدماجها بطريقة مهنية في الثورة الإعلامية والمعلوماتية والرقمية، موضحا أن تشغيل المكتبات لأنظمة حديثة ومقننة وفق معايير دولية وانصهارها في شبكات معلومات واسعة، تشكل المسلك الناجع لتحقيق النقلة النوعية التي تفرضها تحديات العصر على مجمل المؤسسات الثقافية والمكتبات ومراكز التوثيق. من جانبه، قال وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، إن أهمية مشروع توحيد الفهارس العربية تكمن في جملة الأهداف العلمية التي يتوخى تحقيقها، والتي سيكون لها دور أساسي في توحيد البيبلوغرافيا العربية، مشيرا إلى أن إنجاز هذا المشروع العلمي الطموح يشكل نموذجا للعمل العربي الموحد والناجح، والذي من شأنه أن يسهم في كسب كل التحديات التي تواجه المشروع الثقافي العربي والرهانات المرتبطة بعصر المعرفة والثورة الرقمية. وأشار، في هذا الصدد، إلى أنه في ظل التجاذبات الثقافية والفكرية الراهنة، يصبح من الضروري امتلاك القوة المعرفية والتحكم في ناصية الثقافة وتثمين الخصوصية الثقافية والحضارية العربية والعناية بها. وأبرز مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، إدريس الخروز، في كلمته، الجهود التي بذلتها المملكة من أجل بلورة المكتبة الرقمية المغربية بهدف التعريف بالرصيد العلمي والفكري الذي تزخر به برقمنة ملايين الصفحات من المخطوطات والكتب والمجلات والصور والخرائط ومنها مخطوطات نادرة في العلوم العربية والتاريخ والثقافة والأدب ذي المصدر الأندلسي. وأوضح أن المشروع يرتكز بالأساس على تحديث وانفتاح الشبكة الوطنية استنادا على تكنولوجيا المعلومات والرقمنة مع الارتباط بالمكتبات ومراكز المعلومات العلمية، مشيرا إلى أنه يجري في هذا السياق تأطير ومصاحبة المكتبات المغربية العمومية خاصة منها الجامعية والوسائطية للانخراط في الشبكة الوطنية من جهة وتقوية الشبكة العربية والعالمية من جهة ثانية. من جهته، اعتبر عبد الكريم بن عبد الرحمن اليزيد، نائب المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة، أن المشروع، الذي بادرت المكتبة إلى تدشينه في 2006، جاء تلبية للطلبات الملحة للمكتبيين العرب ودعما للثقافة العربية وتشجيعا لحركة النشر والبحث العلمي، مشيرا إلى أنه طيلة سبع سنوات من عمر المشروع، كان هناك تعاون مثمر مع مجموع المكتبات المنخرطة في المبادرة من أجل تطوير الأداء المهني وتحديث الفهارس وقواعد المعطيات وتوحيد المعايير والتقنيات الخاصة بتنظيم المعلومات. وذكر أن الفهرس العربي استطاع أن يصل إلى أكثر من 300 مكتبة ومركز معلومات يتبعها أكثر من 5000 مكتبة في الوطن العربي إضافة إلى كونه يزود الفهرس العالمي بمليون و200 ألف تسجيل لأهم الكتب العربية لفائدة 200 ألف مكتبة عبر العالم، مضيفا أنه جرى تنظيم سلسلة من الدورات التدريبية استفاد منها حوالي ثلاثة آلاف مفهرس عربي. وتميزت الجلسة الافتتاحية بالإعلان رسميا عن تدشين البوابة المعرفية لمكتبات المملكة المغربية، وتوزيع عدد من الجوائز التكريمية والتقديرية لفائدة مكتبات عربية كان لها إسهام متميز في تقدم مشروع الفهرس العربي الموحد، ومجموعة من الشخصيات التي تسلمت جوائز الفهرس لإسهاماتها المبتكرة في ترجمة أهداف المشروع بحضور وزير التعليم العالي وتكوين الأطر، الحسن الداودي. تجدر الإشارة إلى أن الفهرس العربي الموحد هو مشروع يهدف لإيجاد بيئة تعاونية للمكتبات العربية، خاصة في مجال فهرسة الكتب والمصادر العربية. وجرى تدشين المشروع في 2006 من قبل مكتبة الملك عبد العزيز، فيما عقد أول اجتماع لمجلس الفهرس العربي الموحد في 22 أكتوبر من عام 2008.