أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، أول أمس الخميس بواشنطن، أن الزيارات التي يقوم بها الصحافيون الأجانب للأقاليم الجنوبية سيما تلك التي قام بها أخيرا وفد من الصحافيات الأمريكيات، تشكل مناسبة للوقوف على مظاهر التنمية التي يشهدها هذا الجزء من المملكة على جميع المستويات. وأبرز الخلفي، في لقاء نظم بمبادرة من مؤسسة (إنترناشيونال وومنز ميديا فوندييشن)، بمشاركة الصحافيات الأمريكيات اللاتي زرن أخيرا الأقاليم الجنوبية، أن "هذه الوفود تزور الأقاليم الجنوبية، وتقوم بعملها دون أي قيود، في سياق يتسم بانفتاح السلطات المحلية وممثلي المجتمع المدني". وأشار الوزير إلى أن بعض التقارير، التي أنجزت في إطار هذه الزيارة، كانت متحيزة ولا تتلاءم مع الواقع السائد في هذا الجزء من المملكة، من خلال تغاضيها عن الإشارة إلى الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف، حيث أصبح الفكر الوحيد نمطا للحكم، مذكرا، في هذا الصدد، بالتقرير الذي أنجزته سنة 2008 منظمة (هيومن رايتس ووتش)، التي أكدت على وجود العبودية بمخيمات تندوف. وقال الخلفي "لقد تفاجأنا كثيرا عندما لم نجد أي إشارة إلى التقدم الذي حققه المغرب في مجال حقوق الإنسان"، مذكرا بالعمل الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة، التي انكبت على معالجة ما لا يقل عن خمسة آلاف حالة من ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، حيث جرى رصد ميزانية بقيمة 72 مليون دولار لتعويض الضحايا. وأضاف أن مجلس الأمن الدولي أشاد، أخيرا، بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية. وأشار إلى أن ما لا يقل عن 51 نائبا في البرلمان يتحدرون من الأقاليم الجنوبية، ويشاركون في وضع السياسات الأكثر ملاءمة لاستغلال الموارد الطبيعية، وتوجيه عائداتها لفائدة السكان المحليين، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أن هذا الجزء من المملكة لا يتوفر إلا على 1,9 من مجموع احتياطات المغرب من الفوسفاط. وأبرز الوزير الاستثمارات المهمة التي شهدتها المنطقة، سيما في مجالات التعليم ومعالجة المياه الصالحة للشرب والصناعة البحرية، بهدف تحسين ظروف عيش المواطنين، وهو ما ساعد على تقليص نسبة الفقر من 25 إلى 9 في المائة. من جهة أخرى، ذكر الخلفي بأنه "بعد أن جرى التأكد من استحالة تنظيم استفتاء في الصحراء، طلب الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك من المغرب تقديم مقترح لإخراج نزاع الصحراء من المأزق الذي بلغه"، مؤكدا أن مخطط الحكم الذاتي بالصحراء، تحت السيادة المغربية، وصفته الأممالمتحدة والولايات المتحدة وفرنسا ب"الجدي وذي مصداقية". وبعد أن جدد التأكيد على رغبة المغرب في "إجراء مفاوضات حقيقية للتوصل إلى حل سياسي"، ذكر الوزير بأن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، بيتر فان فالسوم، كان أكد سنة 2008 على ضرورة التوصل إلى "حل واقعي" لهذا النزاع. من جهتها، أبرزت المحللة السياسية أنا ثيوفيلوبولو أنه "لا يوجد هناك عنف" بالأقاليم الجنوبية، مسجلة أن بعض الأحداث ككديم إيزيك هدأت بسرعة، ولم يكن لها أي تأثير على المستوى الإعلامي. وقالت إنه "لا يوجد أي شيء مثير على هذا المستوى، وبالتالي فإن وسائل الإعلام لا ترى فائدة" في القيام بتغطيات عندما يكون الوضع طبيعيا، مؤكدة أن خيار الاستفتاء هو ببساطة "غير قابل للتطبيق" لأسباب واقعية. من جانب آخر، تناولت نعيمة القرشي، المتخصصة في القانون الدولي، والعضو السابق بالمفوضية العليا للاجئين، الكلمة لتصحح بعض الأفكار المطروحة، وإطلاع الحاضرين على ما يجري بمخيمات تندوف. وأكدت أنه "على عكس ما تروجه الجزائر و(البوليساريو)، فإن السكان لا يتمتعون بحرية التنقل"، وهو ما أكدته العديد من التقارير الجادة (...) التي كشفت وجود اختلاسات للمساعدات الإنسانية، مشيرة إلى أن المحتجزين في مخيمات تندوف "هم الوحيدون في العالم غير المسجلين". وأبرزت القرشي أن هذه الوضعية أسفرت عن نتائج مأساوية بالنسبة للسكان المحتجزين بتندوف الذين أصبحوا "عديمي الجنسية"، وهو ما تدينه بشكل صريح الأممالمتحدة، التي استنكرت العبودية السائدة بالمخيمات، والتي وثقها الفيلم الوثائقي (ستوولن) "مسروق"، الذي أنجزه صحافيان أستراليان شابان. وتساءلت، في هذا السياق، "كيف يمكن لصحافيات تعشن في بلاد تعد رمزا للديمقراطية والحرية أن تخفى عليهن حقيقة طبيعة البوليساريو". ولاحظت القرشي أن "المغرب تمكن، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من تعزيز مسلسله الديمقراطي، والدليل أن منظمات غير حكومية معادية للمغرب، كمركز كينيدي، تمكنت من زيارة الأقاليم الجنوبية دون أي قيود". من جانبها، أدانت حجبوها الزوبير، رئيسة الجمعية المغربية للنساء المقاولات للتنمية، التي يوجد مقرها بالعيون، عدم احترام أخلاقيات المهنة من قبل إحدى الصحافيات الأمريكيات التي استجوبتها. وقالت "لقد أصبت بالصدمة عندما شاهدت الفيديو الخاص بالتصريح الذي أدليت به، والذي انتزع من سياقه"، مضيفة "إنني أصر على أن أعرب عن استنكاري لهذه الصحافية التي جانبت الموضوعية". وأكدت الزوبير أنه "جرى التعتيم وممارسة الرقابة على كل ما قلته حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب يوميا ضد سكان مخيمات تندوف من قبل ميليشيات البوليساريو"، مضيفة أن الصحافية المعنية تختبئ وراء ذريعة واهية، بدعوى أنها لم تكن لديها الفرصة لزيارة مخيمات تندوف. كما أن الصحافية تغاضت عن الإشارة إلى أن "ما لا يقل عن ثمانية آلاف صحراوي فروا من مخيمات تندوف للعودة إلى أرض الوطن"، وهو الأمر الذي لم يظهر في هذا الفيديو.