في محاولة لفهم التطور في عمل الخلايا الإرهابية، تقدم "المغربية" قراءة في تاريخ أبرز الخلايا وكيف حاولت تهييء موطئ قدم لتنظيم القاعدة داخل المغرب حتى يصبح قاعدة خلفية للتخطيط لعمليات دموية. تعامل الأمن بأسلوب أكثر تطورا للوصول إلى المتهمين بالتورط في أحداث 11 مارس و10- 14 أبريل في سنة 2007. فبعد تفجير عبد الفتاح الرايدي لنفسه في مقهى للأنترنيت في سيدي مومن، ضيق الأمن الطوق على الانتحاريين في الدارالبيضاء، فتفرقت بهم السبل، ما دفعهم إلى اللجوء لمدن أخرى للاحتماء بها، غير أن المعلومات التي حصلت عليها الأجهزة مكنت من اقتفاء أثرهم، وإخضاعم إلى المراقبة لاعتقالهم أحياء، اعتقادا منها أنهم يحملون أحزمة ناسفة. وأثمرت هذه المجهودات، اعتقال عبد العزيز رقيش، الذي أوقف بحي أناسي بالدارالبيضاء، التي عاد إليها بعد مكوثه لأيام عند جدته بجمعة سحيم في آسفي. وجاءت هذه العملية بعد رصد دقيق لتحركات المتهم، قبل أن يجري تطويق المبنى، الذي احتمى فيها، بشكل كامل، ما دفعه إلى تسليم نفسه. في تلك الأثناء واصل الأمن تعقب باقي المشتبه في انتمائهم إلى خلية الرايدي، وقادته تحرياته إلى مدينة أكادير، حيث أوقف عنصرا آخر ليقتاد إلى الدارالبيضاء قصد التحقيق معه. وبعد يومين، أعلنت السلطات الأمنية أنها أوقفت المدعو هشام (م)، الذي يشتبه في أن له علاقة بحادث 11 مارس الإرهابي في سيدي مومن بالدارالبيضاء. المتهم، الذي كان في حالة فرار منذ وقوع هذا العمل الإرهابي، "يعد من العناصر الخطيرة في مجال الإعداد لأعمال إرهابية"، واعتقل في ساحة بقرب حي الرحمة، بتنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية بالمدينة. تواصلت التحريات وازدادت عملية الاعتقالات في صفوف المتهمين، قبل أن تحال القائمة الأولى على قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بسلا لاستكمال التحقيق معهم بعد أن كيفت النيابة العامة التهم الموجهة إليهم. وتبين من خلال هذه التحقيقات أن هذا المشروع الإجرامي الذي كان قيد الإعداد والتنفيذ، ممول من طرف أشخاص مغاربة، وحددت أهدافه في تفجير مرفإ رسو البواخر بميناء الدارالبيضاء، وثكنة القوات المساعدة بحي بورنازيل، ومجموعة من مراكز الشرطة بالمدينة نفسها". وأكد الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط أن التنظيم الإرهابي "كان يستهدف أيضا أعوان الشرطة والدرك والسلطة المحلية، وكانت لدى بعض عناصره محاولات لتنفيذ تلك المخططات غير أنها باءت بالفشل"، مبرزا أن أعضاءه "تمكنوا بوسائلهم الخاصة من صنع متفجرات وسموم خطيرة من مواد جرى اقتناؤها من الأسواق المحلية". الأجهزة الأمنية واصلت ترصد المشتبه بهم، وتمكنت من تحديد مخبأ بعضهم لتبدأ عملية مطاردة من نوع آخر. وكان حي الفرح مسرحا لذلك، إذ بدأت المعركة بين رجال الأمن والمبحوث عنهم بسقوط محمد منطالا، بعد إلقائه قنابل تقليدية الصنع على الشرطة. دقائق بعد الحادث، أسلم الإرهابيون أقدامهم إلى الريح، قبل أن يخيم اليأس على بعضهم ويفجروا أنفسهم مخافة وقوعهم في قبضة رجال الأمن. وكان محمد الرشيدي أول المبادرين إلى هذه الخطوة، ثم لحق به أيوب الرايدي عصر اليوم نفسه، بعد أن عانق مفتش شرطة، ما أدى إلى استشهاده أثناء أداء واجبه. غير أن هذا الحادث الفظيع لم يثن الأمن على خنق تحركات الإرهابيين، فواصلت السلطات محاصرة الحي، قبل أن تستعين بطائرة مروحية تابعة للدرك الملكي، وتكثف وجودها الأمني، ما دفع الانتحاري الرابع سعيد بلواد إلى تفجير نفسه، مستغلا الفوضى التي عمت المكان، بسبب الحشود الغفيرة التي احتمى وسطها، قبل أن يقصد الجهة التي يوجد فيها رجال الأمن ويفجر نفسه.