محمود الإدريسي صاحب الصوت الشجي، الذي أعطى نكهة خاصة للموشحات، والأغنية المغربية العصرية، واستطاع أن يؤسس تجربة فنية مغربية صرفة باختيار كتاب كلمات أغانيه وألحانه، وأن يأسر بصوته القوي الممزوج بنبرة دافئة معجبيه، من المغاربة والعرب، يفتح قلبه ل"المغربية"، ليتحدث عن ساعات سعيدة من حياته. الحلقة الثانية عشرة الفنان المغربي محمود الإدريسي شجعه جمال صوته وموهبته الفنية على الالتحاق بالمعهد الوطني للموسيقى عام 1964 في اختصاص التمثيل المسرحي. وأعانته هذه التجربة كثيرا في مساره، فبفضلها استطاع محمود التغلب على خجله، وكان من أساتذته في المعهد أحمد الطيب لعلج، وفريد بنمبارك في المسرح، وعبد الوهاب أكومي، في فن الموشحات. يقول الإدريسي إن الراحلين أحمد الطيب لعلج وفريد بنمبارك، من الأساتذة الذين درست على يديهما المسرح بالرباط، لأنني كنت في بداياتي أخشى الغناء أمام الجمهور، وبما أن المسرح هو أبو الفنون ارتأيت أن أدرس قواعده حتى أتمكن من الوقوف بطريقة احترافية على الخشبة، فالمسرح يعلم الالتزام ويصقل الموهبة. أولى تجاربه الغنائية كانت عام 1964، خلال أحد حفلات المعهد، حيث أتيحت له الفرصة للغناء أمام الجمهور، وأدى محمود حينها موشح "يا ليل طل" وبعض أغاني محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش رفقة فرقة "الخمس والخمسين"، التي كان يترأسها آنذاك الطاهر الزمراني. وبفضل أدائه الجميل، أمتع محمود الحضور الذي كان من ضمنه الملحن عبد الله عصامي، الذي كان له الفضل الكبير في التحاق محمود بالإذاعة آنذاك بعد نجاحه في الاختبار الصوتي مع الموسيقار أحمد البيضاوي. شارك محمود في العديد من المسرحيات، التي كانت تعرض قي حفلات المعهد، ورغم أن سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، شهدت دخول العديد من المطربين المغاربة عالم السينما إلا أن محمود الإدريسي لم يبد اهتماما بالأمر، مؤكدا أنه درس التمثيل لتعلم الارتجال على الخشبة والتعود على الوقوف أمام الجمهور. وبحكم علاقته الجيدة مع كاتب الكلمات المتميز والمخرج السينمائي الراحل حسن المفتي، عرض عليه هذا الأخير خوض تجربة التمثيل، لكنه لم يهتم بالفكرة، رغم أن هناك مطربين مغاربة خاضوا التجربة، خصوصا عبد الوهاب الدكالي الذي شارك في أفلام عديدة منها "الحياة كفاح" لمحمد التازي، و"رمال من ذهب" ليوسف شاهين، و"الضوء الأخضر" و"أين تخبئون الشمس؟" لعبد الله المصباحي و"أيام شهرزاد الجميلة" لمصطفى الدرقاوي. كما شارك عبد الهادي بلخياط في "الدنيا نغم" رفقة نعيمة سميح، و"أين تخبئون الشمس؟" رفقة الدكالي، كما شاركت سميرة بنسعيد في فيلم "سأكتب اسمك على الرمال" لعبد الله المصباحي، وشارك الراحل محمد الحياني في فيلم "دموع الندم" للراحل حسن المفتي.