بكل أريحية استجاب الفنان التشكيلي المغربي، الحسين طلال، لدعوة "المغربية"، إلى تسليط الضوء على المنجز الفني للراحلة الشعيبية، التي ساهمت بعطائها المتميز في الساحة التشكيلية المغربية والعالمية. في حديثه يكشف طلال بعض المحطات الأساسية في تجربة والدته، وعلى لسانه نعيد سيرة الشعيبية الحالمة. الحلقة السابعة استقر الفنان التشكيلي، الحسين طلال، لدى الفنان الراحل أحمد الشرقاوي، الذي قدمه إلى النقاد التشكيليين الفرنسيين، وسهر على تنظيم معرض له في باريس. تميز افتتاح معرضه الأول في باريس يقول طلال، بحضور عدد وازن من الفنانين الأجانب والكتاب والنقاد الفنيين، الذين رأوا في تجربته الصباغية، فنا فريدا وأسلوبا جديدا في التشكيل المغربي. في هذه الفترة يحكي طلال عن مغامراته في باريس، إذ غالبا ما يزور الفنانين الفرنسيين في مراسمهم، ويقف على كيفية اشتغالهم التي تبدو احترافية، نظرا لأن الكثير منهم صقل تجربته من خلال الدراسة الأكاديمية، ويتبادل معهم أطراف الحديث، بل حضر مرات عدة الحلقات الدراسية التي كان يؤطرها الشرقاوي في إحدى المدارس الفنية التطبيقية. ولكي لا يصير ضيفا ثقيلا على صديقه الفنان الشرقاوي طلب منه ألا ينشغل بوجباته الغذائية، في وقت كانت زوجة الشرقاوي الفرنسية لدميلا رسمت برنامجا غذائيا لنفسها يعتمد على الحمية، وكان الشرقاوي مغرما بالطاجين المغربي، إذ كان حسب طلال طباخا ماهرا، يتقن تهييء الطاجين. في هذا النظام الغذائي المتوزع بين الحمية، والطاجين، يقول طلال طلبت من الشرقاوي أن يوفر لي فقط حبتي طماطم وقطعة خبز، كي لا أثقله بمصاريف وجباتي. مر أسبوع على هذا النمط الغذائي العجيب، وجاءني الشرقاوي يوما، وطلب مني أن أرافقه إلى السوق الممتاز، وبينما نتجول وقفنا عند بائع الخضر وسأله الشرقاوي عن ثمن الطماطم، فبدا السعر باهظا، وأنا الذي كنت أظن أن ثمنها بخسا، كما ألفته في المغرب، إذ كان الكيلوغرام الواحد منها لا يتجاوز ثلاثة فرنكات. وقال لي، وهو بين منزلتي الجد والهزل، "من اليوم لا بد أن تشاركني الطاجين". محطة باريس يسرد الحسين طلال، كانت الانطلاقة الأساسية في مساره الفني، فبالإضافة إلى الاحتكاك مع الفنانين الغربيين، كان الاتجاه التعبيري الذي حاولت أن انفرد به فأل خير علي، يقول طلال، حيث سجل اسمه إلى جانب أسماء مشهورة في عالم الصباغة في قاموس الفن ( la rosse des arts). يقول طلال إن علاقته بالراحل أحمد الشرقاوي كانت أخوية، وكانت أشبه بعلاقة المريد بالشيخ، فالشرقاوي كان أول من استعمل العلامة لذاكرة أمه في لوحاته. واعتبر ابن أبوالجعد الذي سافر إلى فرنسا لدراسة الفن في مدرسة باريس في الستينيات من القرن الماضي، من الطلائعيين، الذين رسخوا منهجا فنيا يجمع بين التجريد والرمز الهندسي.