باعتبار "رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب الكتاب"، أقدم رحلة مدونة باللغة العربية كتب بعد صدور قرار النفي على الأندلسيين، وورد فيها وصف فرنساهولندا ومدنهما الكبرى، ارتأت "المغربية" نشر فصول منه في حلقات. مناظرة مع علماء النصارى حول شرب الخمر الحلقة السادسة فأخذوا في الكلام فيما بينهم لعلهم يجدون ما يقولون، وما اتفق لهم شيء لتقوية حجتهم. وانتقل إلى مسألة أخرى وقال: ما السبب حتى منعكم نبيكم من الخمر؟ قلت: منعه الله تعالى لأن أفضل ما تكرم به على بني أدام هو العقل، والذي يزيله هو الخمر وهو أقبح المسائل كلها. قال: حتى عندنا هو ممنوع أن يشرب الإنسان منه حتى يسكر قلت: في الدعاء الذي أمركم به سيدنا عيسى عليه السلام أن تدعو به وأوله: أبونا الذي في السماء إلى أن تقولوا: ولا تدعنا نقع عند فتنة النفس وآخرون يترجمون: "ولا تدخلن التخريب" وهم الأكثر عندنا هذا قلت: هل يجوز أن تأخذ الفتنة بيدك وتطلب أن لا تقع فيها؟ لأنك إذا زدت من الخمر قليلا عن العادة يذهب بالعقل، وإذا ذهب وقعت في الفتن مع طلبك الله ألا يدعك تقع قال: نحن نتحفظ في شربنا حتى لا يذهب العقل قلت لهم: عندي أن من هو مثلكم قضاة وعلماء ومن أكابر الناس إن الإنصاف للحق موجود عندكم والبعد عن الكذب والباطل وإلى هذا تحلفون بدينكم أنكم ما زدتم من شرب الخمر حتى ذهب بالعقل. وتكلموا بينهم وضحكوا جميعا وبضحكهم اعترفوا بما رأوا من نفوسهم مرارا من الوقوع في الفتنة بكثرة الشرب، وأخذت المرأة كأسا ووضعت فيه نقطة خمر وزادت عليه ماء كثيرا وقالت لصهرها: قل له: أي قوة للخمر مع هذا الماء؟ قلت: أما هذا الكأس ظاهر أنه ليس فيه من الخمر إلا القليل وأما في بعض المرات ما يجعل معه إلا قليلا من الماء وضحكت كأنها اعترفت. قلت لهم: طالعت كتابا من كتبهم بالعجمية وقال فيه: إن في مدينة كبيرة أظن أنها بإيطالية من بلاد النصارى تعين الناس حكاما لسنة كاملة، وإذا انصرمت يجعلون غيرهم في المنصب لسنة أخرى وعندهم قاعدة وأمر معمول به: إن كل من يحكم بين الناس لا يشرب خمرا مادام في سنته وهذا أمر ظاهر وباين أنهم منعوهم من شربه قليلا ولا كثيرا إلا لما فيه من المفاسد لشاربه وللناس الذين يحكمون عليهم قالوا: هذا حق ولكن هو مباح إذا لم يتعدى في الشرب. قالت المرأة لصهرها: قل له: كيف أباح لكم نبيكم أن تنكحوا أربع نساء ومنعكم الخمر. والمفهوم من كلامها واعتقادها أن الخمر يزيد قوة للجماع. قلت لها الخمر يزيد لشاربه أمراضا ونعاسا وشارب الماء يعيش صحيحا قلت لهم: قرأت في الإنجيل أن النبي زكريا عليه السلام، جاءه ملك من عند الله وقال له: قد قبل الله دعاءك وامرأتك اليصبات تلد ابنا لك يدعى باسمه يوحنا ويكون لك فرح عظيم وتهليل كثير. كثير، يفرحون بمولوده ويكون عظيما قدام الرب لا يشرب خمر ولا مسكرا. قلت: هذا عندكم في الإنجيل، قالوا: نعم، هكذا هو، قلت لهم: هذا الذي أخبر به الملك عند الله تعالى أنه لا يشرب خمر ولا مسكرا هو كمال في حق الوالد أم نقصان؟ قالوا: إنما ذلك كمال فيه، قلت لهم كذلك هو كمال في ديننا ألا نشرب خمرا ولا مسكرا.