مازالت أزمة تناقص القاعات السينمائية، تتحكم في خارطة التوزيع السينمائي في المغرب، وتحول دون عرض أفلام أنتجت منذ ثلاث أو أربع سنوات، بسبب قلة القاعات وتزاحم برنامج العرض، ما يؤثر سلبا على مداخيل العديد من الأفلام التي يضطر مستغلو القاعات إلى وقف عرضها لترك الفرصة أمام أشرطة أخرى. أمام النزيف المتزايد، للقاعات السينمائية، خصوصا الشعبية، منذ سنة 2002، طغت أزمة في الآونة الأخيرة على جل اللقاءات السينمائية، خصوصا بعد تصدر الأفلام المغربية قائمة شباك التذاكر، ما يبرهن على إقبال الجمهور المغربي على الفيلم الوطني واستعداده للذهاب إلى القاعات شريطة توفر أفلام مغربية جيدة، وقاعات صالحة للعرض. ورغم أن السينما المغربية حققت قفزة نوعية، كم وكيفا، في السنوات الأخيرة، إذ وصل عدد الأفلام المنتجة سنويا إلى 25 فيلما طويلا، وحوالي 80 شريطا قصيرا، إلا أنها لم تستطع تحقيق صناعة سينمائية حقيقية، بسبب تراجع عدد القاعات، الذي انعكس سلبا على مداخيلها، من 72 مليون درهم سنة 2010 ، إلى حوالي 61 مليون درهم السنة الماضية، علما أن مداخيل الأفلام المغربية لم تتعد 11 مليون درهم سنة 2011، رغم استفادتها من 60 مليون درهم كتسبيق على المداخيل، حسب إحصائيات المركز السينمائي المغربي للسنة المنصرمة، ما يحول دون استرداد كلفة الإنتاج. وكشفت آخر إحصائيات المركز السينمائي المغربي، أن عدد دور العرض٬ لم يتعد 33 قاعة عرض٬ بواقع 63 شاشة٬ 26 منها بالدارالبيضاء، و13 بمراكش، و5 بطنجة، و4 بالرباط، و3 بكل من مكناس ووجدة، وقاعتان بكل من فاس وسلا وتطوان. وتؤكد الإحصائيات تناقص عدد دور العرض، من 247 قاعة سنة 1985 إلى 33 قاعة ما انعكس على تراجع عدد المرتادين، من 45 مليون متفرج، اقتنوا تذاكرهم سنة 1985، إلى أقل من مليوني مشاهد سنة 2012. وهذه كلها مؤشرات رقمية عن الحالة المتدهورة، التي وصلت إليها فضاءات العرض، نتيجة عوامل عدة، نذكر منها، مشكل القرصنة، وضعف التوزيع، إذ تقلص عدد الموزعين من 40 إلى 4 في الوقت الحالي، إضافة إلى حصار القنوات الفضائية، وعدم الاهتمام بإعادة تأهيل القاعات، إذ أصبح مالكوها يفضلون تحويلها إلى مشاريع مربحة، من قبيل إقامات سكنية ومركبات تجارية.