يتزامن تخليد اليوم العالمي للبيئة هذه السنة بالمغرب مع احتضان المملكة لموعد بيئي هام يتمثل في المؤتمر العالمي السابع للتربية البيئية 2013 بمراكش من 9 إلى 14 يونيو الجاري¡ الذي يتقاطع في أبعاده التربوية مع الشعار الذي اتخذته الأممالمتحدة لهذا اليوم "فكر- كل - وفر". وتتوج استضافة المغرب للمؤتمر¡ لأول مرة في دولة عربية إسلامية وتحت إشراف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة¡ الدينامية التي أطلقتها السلطات العمومية والرامية للنهوض بالوعي الجماعي بالرهانات البيئية¡ وتغيير سلوكات المواطن على النحو الذي يضمن الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة¡ خاصة عبر التربية والتعليم والتحسيس. وسيتناول المؤتمر 11 محورا متخصصا يدور في فلك شعاره الرئيسي "التربية على البيئة والرهانات من أجل انسجام أفضل بين المدن والقرى"¡ الموضوع الذي يحظى بأهمية كبرى في المغرب وباقي البلدان التي تعرف تناميا كبيرا للهجرة القروية وتحولا حضريا قويا¡ كظاهرة يتوقع تفاقمها بفعل التغيرات المناخية. وتهم هذه المحاور بالخصوص تعزيز التربية على البيئة¡ والحوار بين الثقافات¡ والحركات الاجتماعية وبناء المجتمعات الخضراء¡ والتواصل وتأثير وسائل الإعلام الاجتماعية¡ والاقتصاد الأخضر¡ والأخلاقيات والفلسفة البيئية¡ والعلاقة بين الإنسان والطبيعة والتربية الخضراء¡ والتعليم والتعلم¡ والبحث في مجال التربية البيئية¡ والمخاطر الصحية البيئية. كما سيشكل المؤتمر فرصة للتعريف بالجهود المتواصلة التي تقوم بها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة منذ 2002 والتي تشرف اليوم على تنسيق 20 مشروعا تولي أهمية بالغة لقضايا التربية¡ وذلك أمام ألفي مشارك من 108 بلدان¡ وبحضور مؤسسات دولية كبرى مثل اليونيسكو والايسيسكو ومؤسسة التربية البيئية وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة. وتتمثل آخر المبادرات الحكومية في مجال التربية البيئية قبل المؤتمر في الحملة التحسيسية السمعية البصرية التي أطلقتها وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة منذ فاتح يونيو الجاري والمستمرة حتى نهاية يوليوز المقبل حول الاستعمال العقلاني للأكياس البلاستيكية. وتتوخى الحملة توعية المواطنين بالآثار السلبية للاستعمال المفرط للأكياس البلاستيكية على إطار العيش والبيئة عموما وتحفيزهم على تبني أنماط استهلاك مسؤولة وسلوكيات صديقة للبيئة. كما سيتم ابتداء من منتصف يونيو الجاري¡ إعطاء انطلاقة عملية نموذجية لتوزيع أكياس الثوب البيئية تنتجها تعاونيات نسوية كبديل للأكياس البلاستيكية من قبل جمعيات المجتمع المدني في أفق تعميمها تدريجيا¡ ابتداء من منتصف يوليوز المقبل¡ لتشمل مختلف جهات المملكة¡ لتحسيس الأسر بالاستهلاك المستدام. وارتباطا بموضوع الاستهلاك المستدام¡ يركز شعار اليوم العالمي للبيئة لسنة 2013 على مكافحة هدر الطعام وضياع المواد الغذائية¡ إذ تشير إحصائيات منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إلى إهدار 1,3 مليار طن من المواد الغذائية سنويا¡ أي ما يعادل كامل الكمية المنتجة في كل جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا¡ في حين يعاني 870 مليون شخص من نقص التغذية عبر العالم. واعتبرت المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا¡ في رسالة وجهتها بهذه المناسبة¡ أن هذا الأمر "غير مقبول وغير معقول"¡ داعية لتطوير أساليب أكثر استدامة لإنتاج الغذاء¡ خاصة مع الضغوط المتزايدة على البيئة¡ مما "يقتضي منا أن نفكر في ما نأكل من أجل الحفاظ على كوكبنا وصونه". وأكدت في هذا الصدد على الأهمية البالغة للتربية والتعليم في ترسيخ الاستدامة كمسؤولية جماعية مشتركة¡ باعتبار أن المدارس توجد في الخط الأمامي للمعركة ضد الإهدار والجوع وسوء التغذية¡ مبرزة أن مبادرة "تبادل الشباب" التي أطلقتها اليونسكو بشراكة مع برنامج الأممالمتحدة للبيئة "مثال ملموس على التزامنا بتعزيز الاستدامة عن طريق الشباب". كما أشارت بوكوفا إلى مبادرات المنظمة التعليمية الرامية لتشجيع الزراعة العضوية داخل معازل المحيط الحيوي وتطوير المنتجات العضوية لتلبية الطلب المحلي والعالمي¡ بشكل يساهم في تعزيز بيئة صحية والحد من إهدار الأغذية الذي يتحقق أيضا عبر الترويج للممارسات الغذائية التي تركز على نوعية الغذاء وتستند إلى التقاليد المحلية. وخلصت المديرة العامة لليونسكو إلى أنه "من الإنتاج وحتى الاستهلاك¡ مروراً بالنقل والخزن والبيع¡ على كل واحد منا أن يعيد التفكير في عاداته الغذائية حتى يتأتى التأثير في السلسلة الغذائية بأكملها. وعلى هذا النحو نرسي الأسس لاستدامة راسخة ومتينة". وأضحى اليوم العالمي للبيئة منذ تخليده لأول مرة سنة 1972 إحدى المواعيد التواصلية السنوية للأمم المتحدة لتحقيق الوعي البيئي العالمي وتشجيع العمل السياسي في هذا الاتجاه¡ لمراكمة أكبر قدر من المبادرات الإيكولوجية وتوعية العموم بالمشاكل البيئية من أجل مستقبل نظيف وأخضر وواعد للأجيال المقبلة.