يعتزم اتحاد العمل النسائي، بتنسيق مع باقي مكونات الحركة النسائية، إطلاق برنامج ترافعي، يستهدف التحسيس بثقل وحجم العنف الذي تتعرض له النساء، ليمتد البرنامج على مدى أشهر وذلك في أفق تخليد اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، الذي يصادف يوم 25 نونبر من كل سنة، حسب ما أعلنته عائشة لخماس، البرلمانية، والرئيسة السابقة لاتحاد العمل النسائي، في ندوة نظمها الاتحاد ظهر الجمعة الماضي بالدارالبيضاء، خصصت لموضوع "أي دور للجماعات المحلية في حماية النساء من العنف". وقالت لخماس، خلال تقديمها لهذا اللقاء، إن للجماعات المحلية دورا أساسيا وحيويا على مستوى حماية النساء من العنف، وأشارت إلى بعض التجارب في البلدان الأوروبية، حيث تولي المؤسسات المحلية المنتخبة أهمية كبرى للجانب الاجتماعي، وتفرد برامج وميزانيات وموارد بشرية لحماية النساء من العنف، وتوفير بنيات لاستقبال النساء المعنفات. وأبرزت أن الجماعات المحلية هي المسؤولة عن حماية النساء من العنف، عبر تنظيم حملات تحسيسية حول انعكاسات العنف على الأسر والأفراد، وتوفير مراكز إيواء النساء ضحايا العنف، وكذلك مراكز الاستقبال والتوجيه والإرشاد، وعبر تبني سياسة اجتماعية مناهضة للعنف ضد النساء، يفعلها مؤطرات ومؤطرون اجتماعيون، يقدمون الخدمات الاجتماعية والقانونية والنفسية والصحية للنساء اللواتي تعرضن للعنف. وعابت لخماس على حكومة عبد الإله بنكيران طريقة تدبيرها للشأن النسائي، معتبرة أنها "لم تتماه مع ما جاء به الدستور من مقتضيات تتجاوب مع طموحات النساء المغربيات ونضالات الحركة النسائية المغربية"، منددة بافتقار المغرب إلى قانون يحمي نساءه من العنف، اقتداء بالعديد من الدول. من جهته، تحدث محمد شعيب، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ومنسق اللجنة الجهوية للتكفل بالنساء ضحايا العنف بالدائرة القضائية الدارالبيضاء، عن أهمية الأدوار التي تلعبها النساء في المجتمع، وما حققته من مكاسب في المغرب. وأكد شعيب أن القطاعات، الأطراف في هذه اللجنة، ساهمت في بلورة الاستراتيجية المرسومة من طرف الحكومة في مجال حماية النساء والأطفال، مشيرا إلى أن اللجنة الجهوية تلعب دورا أساسيا في توفير الحماية الواجبة لهذه الشريحة، وأن النيابة العامة، وإن كانت هي المحور الأساسي في هذه العملية، إلا أن تحقيق هذه الحماية للنساء ضحايا العنف لا يمكن بلوغها إلا بمساهمة باقي القطاعات الحكومية وغير الحكومية. واعتبر شعيب أن العنف ضد النساء ظاهرة اجتماعية مرضية، مذكرا بمذكرة وجهتها النيابة العامة لمندوبي وزارة الصحة ورؤساء الأمن والدرك من أجل إيلاء عناية خاصة لهذه القضايا، سواء على مستوى الاستقبال أو التشخيص أو البحث، في أفق احتواء الظاهرة، ومن أجل أن تتضح الصورة لدى النيابة العامة عن المعاناة الصحية والاجتماعية والنفسية للنساء ضحايا العنف. وأضاف أن النيابة العامة تتصل مباشرة بالضابطة القضائية في الحالات المستعجلة، من أجل إعداد التقارير والأبحاث على وجه الاستعجال، بهدف الاطلاع على تطورات القضية، سواء بالنسبة للحالة الصحية للضحية، أو مستجدات البحث عن المعتدي لتقديمه أمام العدالة. وسرد شعيب العديد من الحالات التي وردت على اللجنة، وتعكس بجلاء واقع العنف المسلط على النساء، وتداعياته على الصحة النفسية والجسدية للنساء، وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية. وفي عرض مطول لزهرة وردي، الرئيسة الحالية لاتحاد العمل النسائي، شددت على أن "مهام المجالس الجماعية ظلت طيلة العقود الثلاثة الأخيرة، تدخل في نطاق ما هو اقتصادي ومالي، وخدمات مرتبطة أساسا بالبنيات التحتية من طرق وإنارة ونظافة، وأن الجانب الاجتماعي لا يرد إلا بصيغة التعميم، كما أن الاعتمادات المالية المرصودة للعمل الاجتماعي لم تتجاوز1 في المائة من الميزانيات العامة للمجالس الجماعية، وأن العمل الجماعي اقتصر على تقديم منح لبعض الجمعيات رغم هزالتها، ومساعدات غذائية بمناسبة شهر رمضان، وتنظيم مخيمات صيفية، وبعض المبادرات القليلة في مجال بناء رياض الأطفال ومراكز نسوية". وتساءلت وردي "إلى أي حد استطاعت الجماعات المحلية أن توظف الإمكانات القانونية والمادية والبشرية في وضع برامج وآليات لحماية النساء من العنف؟ وإلى أي حد استطاعت المستشارات الجماعيات التأثير على مستوى القرار الجماعي، لوضع استراتيجيات ومخططات تستهدف حماية النساء من العنف؟" وقالت "رغم رفع التمثيلية النسائية بالمجالس الجماعية، إلا أنه لم يصاحبها رفع التمثيلية على مستوى المسؤوليات في المكاتب ورئاسة اللجان". واعتبرت أن الأداء الجماعي ودور المنتخبين والمنتخبات المحليين لم يرق إلى مستوى مواكبة التحولات والمكتسبات التي جاء بها الدستور، ولم يتمكن من تفعيل مستجدات الميثاق الجماعي، باعتماد برامج ومبادرات على المستوى المحلي لمحاربة العنف ضد النساء، وخلق جو تواصلي جديد، على قاعدة عقد شراكات مع هيئات ومنظمات لها الأهداف والاهتمامات نفسها في مجال حماية النساء من العنف. وشددت رئيسة الاتحاد على أن محاربة العنف ضد النساء، سواء الجسدي أو النفسي أو الجنسي أو الاقتصادي أو القانوني، تتأتى من خلال تفعيل العديد من التدابير والإجراءات، التي أوردتها في مداخلتها، ومن بينها "تفعيل لجنة المساواة وتكافؤ الفرص، واعتبارها لجنة دائمة ضمن لجن المجلس الدائمة، علما أنها الآن لجنة استشارية طبقا للمادة 14 من الميثاق الجماعي، وتنظيم حملات تحسيسية على مستوى المنتخبات والمنتخبين المحليين، وعلى مستوى الأحياء والمؤسسات التعليمية والجامعية ومؤسسات الشغل، وعقد شراكات واتفاقيات مع الجمعيات المختصة، واعتماد العمل مع النسيج الجمعوي كمبدأ أساسي، وتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لذلك، ووضع استراتيجية وطنية، مبنية على تكامل عمل الحكومة ومؤسساتها والجماعات المحلية والقطاع الخاص ومكونات المجتمع المدني في مجال حماية النساء من العنف، وإعداد المخطط التنموي الجماعي وفق مقاربة تشاركية، تأخذ بعين الاعتبار حماية النساء ضحايا العنف".