تعد الأوراش الكبرى التي دشنها مخطط المغرب الأخضر، سواء المنجزة، أو التي تعتزم الحكومة إطلاقها على المديين القريب والموسط، نفسا قويا ومتجددا لتنمية القطاع الفلاحي والعالم القروي ككل. أوضح عزيز أخنوش، وزير الفلاحة، أخيرا، أن هذه الأوراش، من شأنها أن تعزز مكانة القطاع، الذي يعد عمودا فقريا للاقتصاد الوطني، ومحركا مهما لعجلة التنمية الاجتماعية للمملكة. كما ستعمل على تأكيد وترسيخ مساهمته الفعالة في محاربة الفقر، وتحسين دخل الفلاحين، وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، وتحقيق الأمن الغذائي المنشود. وتأكدت التركيبة الجديدة أو الشكل الجديد لقطاع الفلاحة، خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2008 و2012، كما صرح بذلك وزير الفلاحة، خلال أشغال المناظرة الوطنية السادسة للفلاحة المنعقدة يوم 23 ماي الماضي بمكناس، حيث ارتفعت نسبة الاستثمار لكل عامل فلاحي بأكثر من 18 في المائة، كما ارتفعت المساحات المزروعة بنسبة 11 في المائة، أي بزيادة 750 ألف هكتار، مع ارتفاع نسبة استعمال المكننة من 5 إلى 6,8 جرارات لكل ألف هكتار، أي بتطور نسبته 36 في المائة، ونمو مردودية أهم سلاسل الإنتاج بمعدل يتراوح بين 6 في المائة بالنسبة للحوامض، و65 في المائة بالنسبة للحبوب. هذا إلى جانب ارتفاع قيمة المنتجات المصنعة المصدرة بحوالي 8 في المائة، وتحسن نصيب الفرد من المتوفرات الغذائية بحوالي 14 في المائة، واستقرار نسبي لمؤشر أسعار المواد الفلاحية، الذي لم يتجاوز 13 في المائة، مقابل 33 في المائة على الصعيد العالمي، حسب مؤشر المنظمة العالمية للأغذية والزراعة. وبالفعل، مكن مخطط المغرب الأخضر من تطوير قدرة الفلاحين على رفع التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي، والمساهمة في الرفع من أداء القطاع الفلاحي، وتأتى هذا المكسب من خلال اعتماد مقاربتين أساسيتين، أولهما الفلاحة للجميع، من خلال نظام اقتصادي واجتماعي مندمج لا يميز بين الفلاحة الكبرى والصغرى، والفلاحة البورية والمسقية، والفلاحية التسويقية والمعاشية، مع الاعتماد على نظام التجميع، الذي يضمن أحسن النتائج بفضل التأطير المباشر للفلاحين الصغار ونقل التكنولوجيات والتزود بأحسن المدخلات، والولوج إلى للأسواق، مع تجاوز الإشكالية المتعلقة بتجزؤ وصغر الاستغلاليات الفلاحية. أما المقاربة الثانية فتمحورت حول الفلاحة مسؤولية الجميع، من خلال الإشراك الدائم لمختلف الفاعلين في مسلسل اتخاذ القرارات المتعلقة بالقطاع، وتقاسم المسؤوليات معهم، في إطار مقاربة تعاقدية، وهكذا أصبحت تنمية القطاع الفلاحي مسؤولية مشتركة، في إطار ديموقراطية مهنية بين الدولة وممثلي الفلاحين والمهنيين، تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الخاصة للفلاحين، وتوج هذا المسار بإنشاء 17 هيئة بيمهنية، وبإحداث 16 غرفة فلاحية جهوية، كما جرى خلق 426 تعاونية فلاحية. وكان أخنوش أكد أن التجارب الناجحة للمشاريع التضامنية لمخطط المغرب الأخضر، إمكانية تحديث الفلاحة الصغرى العائلية، وإدماجها الكامل في اقتصاد السوق وتحويل العديد من الاستغلاليات الصغرى العائلية إلى مقاولات حقيقية ضمن هياكل مهنية، وهو من شأنه أن يشكل النواة الأولى لنظام زراعي جديد.