تقدم الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب، أيام 13 و 15 و 16 أبريل الجاري، بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، أوبرا "لاترافياتا" "غادة الكاميليا" للموسيقار الإيطالي فيردي. تعد 'لاترافياتا' إحدى المعالجات الفنية ل'غادة الكاميليا' يندرج تنظيم هذا الحفل الفني، المنظم بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، في إطار أنشطة الأوركسترا الفيلارمونية للمغرب، التي تسعى، منذ تأسيسها سنة 1996، إلى ترسيخ الموسيقى الكلاسيكية في المغرب، وتعريف الجمهور بما يختزنه ريبيرتوارها من روائع. وسبق للأوركسترا أن قدمت في مثل هذه الأيام من السنة المنصرمة بالرباط، أوبرا "توسكا"، للموسيقار الإيطالي بوتشينى، الذي يعد، إلى جانب فيردي، من رواد الفن الأوبيرالي الأوروبي. وسيشهد الحفل الفني، الذي يعد من أبرز أعمال المؤلف الموسيقار الإيطالي، جوزيبي فيردي (1813 - 1901)، مشاركة أزيد من 60 عازفا، بقيادة المايسترو برونو مومبيري. ويخرج أوبرا "لاترافياتا" المقتبسة من مسرحية "غادة الكاميليا" لألكسندر دوماس ، المخرج الفرنسي، جان مارك بيسكاب، الذي اشتهر بإخراج عدد مهم من عروض الأوبرا العالمية. وتروي "لاترافياتا"، بشكل إيجابي وشديد التعاطف قصة غانية تقع في الحب وتضحي بحياتها وحبها، من أجل مستقبل حبيبها. واشتهرت بعد عرضها الأول سنة 1853، لتكسيرها طابوهات اجتماعية رجعية كانت سائدة في أوروبا، ودفاعها عن بنات الهوى، مقدمة إياهن كنماذج إنسانية وضحايا أكثر منهن فاسقات وفاجرات. وتعد "لاترافياتا" إحدى المعالجات الفنية للمسرحية الشهيرة ل"غادة الكاميليا"، التي تدور أحداثها أواخر عام 1840 في مدينة باريس وضواحيها، حول السيدة الجميلة فيوليتا فاليرى، التي تعيش حياة ماجنة لشعورها بعبثية الحياة، حتى تلتقي ب "الفريدو" العاشق المتيم الذي منحها اهتماما لم تره من قبل، لكن القدر يتدخل في صورة رغبة جيورجيو جيرمونت والد "الفريدو" في إنهاء تلك العلاقة التي تسيء لأسم عائلته. وتضحي فيوليتا من أجل حبيبها، الذي يظن أنها تركته من أجل رجل آخر، ويرتفع إيقاع الأحداث عندما يلقي أمواله في وجهها ثائرا لكرامته، ويشتد عليها المرض ويهجرها كل رفاقها باستثناء خادمتها "أنينا". ويبقى حبها عزاءها الوحيد، ثم يعود إليها حبيبها بعدما يكتشف حيلة أبيه، وأثناء احتضارها تعتقد "فيوليتا" أنها عادت للحياة منتشية بأنشودة حبها لألفريدو، لكنها تفارق الحياة بين يديه. عاشت "فيوليتا" بطلة الأوبرا، في فقر مدقع، وكان والدها صارما للغاية، ما دفعها إلى مغادرة بيت العائلة وهي في الثالثة عشرة من عمرها بحثا عن حياة أفضل، لكنها تضل طريقها لتصبح بائعة هوى. وتعني كلمة "لاترافياتا" باللغة الإيطالية الشخص الذي ضل عن طريقه، لذلك أطلق فيردي اسم "لاترافياتا" على الأوبرا، لأن فيوليتا ستجد من يحبها حبا حقيقيا، لكن دون تغيير نهاية قصتها التي كتبها القدر مسبقا. تبدأ أحداث أوبرا "لاترافياتا" في صالون فيوليتا فاليري ذي الفخامة والأبهة ففي قصرها بباريس تقيم فيوليتا الغنية المرحة الطروب حفلة استقبال من حفلاتها المتألقة لمجموعة من المدعوين، وقد التفت حولها صديقاتها وأصدقاؤها المقربون، وبينهم فلورا بيرفوا، والدكتور غرينفيل طبيبها الخاص، والبارون دوفيل أحد الطامعين بالاقتران بها. وتنقسم الأوبرا إلى ثلاثة فصول أو مشاهد تتوافق كلها بشكل مذهل مع حركة الضوء وغفلة العتمة في جو تتناسب ألوانه مع كل انفعال وحدث تعيشه البطلة في قصتها الخرافية، ليسدل الستار على فيوليتا وقد أفاقت من صحوة الموت تبلغهم أن الحياة عادت إليها، وأنها لم تعد تحس بأي ألم أو إعياء، ويعبر عن هذا الألم الواهن لحن حبها لألفريدو تؤديه آلة واحدة من آلات الكمان، وفجأة تسقط فيوليتا مفارقة الحياة. إضافة إلى فيوليتا بطلة القصة تضم الأوبرا شخصيات عديدة، منها ألفريدو جيرمون، وجورجيو جيرمون، وفلورا بيرفوا، وغاستون البارون، والماركيز دوبتي، ودكتور غرينفل، والخادمة أنينا، وعدد كبير من شخصيات الضيوف والخدم وجماعات الرقص والكورس خلف المسرح. حظيت الأوبرا بعدد من الأصوات المتنوعة الرجالية والنسائية فأدت دور فيوليتا مطربتان بصوت "سوبرانو" وهو صوت خفيف مرتفع قادر على أداء الألحان العاطفية، ويمتاز بقدرته على التعبير عن ألوان الانفعالات والعواطف، بينما تقوم بدور فلورابيرفوا مطربة ذات صوت "ميتسو سوبرانو" متوسط الحدة. أما أصوات الرجال المشاركين في "لاترافياتا" فهناك أصوات "التينور" وهو الدرجة الصوتية العالية، ويكون معبرا عن إظهار العواطف والقوة، وهناك طبقة تمتاز بالاعتدال والتناسب في أداء الأدوار البطولية. وفي "لاترافياتا" هناك صوتان من طبقة "التينور" يؤديان دوري ألفريدو وجيرمان وجاستون، ومن طبقة "الباريتون" وهو صوت عريض يمتاز بإمكانيات واسعة في تأدية الأدوار العميقة، وأخيرا كان هناك صوت "الباص" أو المنخفض والعميق وقدم في دورين الأول لماركيز دوبتي، والثاني للدكتور غرينفل.