يطبع افتتاح الدورة التشريعية الربيعية للبرلمان انطلاق جدل حاد على المستويين الاقتصادي والسياسي بين فرق مكونات أحزاب الأغلبية الحكومية نفسها وذلك لعدم تطابق وجهات نظر زعماء الأغلبية في العديد من الملفات والقضايا، ومع فرق المعارضة، من جهة أخرى، التي تستعد لمواجهة ساخنة مع الحكومة، بعد إقدامها على تجميد 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار برسم السنة المالية الحالية. كما سيفتح في الدورة الربيعية نقاش حول المخطط التشريعي للحكومة، ومدى تنفيذ مقتضيات الدستور، لكن المتبعين يرون أن نقاش التسريع بإجراء إصلاحات اقتصادية سيكون له الحظ الأوفر من أشغال الدورة الربيعية، من أجل تجاوز الصعوبات المالية، المترتبة عن الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية. ومن المنتظر أن تطفو خلافات الحكومة على سطح النقاش داخل قبة البرلمان، نتيجة عدم اتفاق مكوناتها على عدد من القضايا والملفات، إذ مازال حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي يعد الحليف الأول لعبد الإله بنكيران، متمسكا بضرورة إدخال تعديل على الحكومة من أجل "تسريع وتيرة عملها"، وإقرار مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية لتفادي الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية، دون اللجوء إلى تجميد 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار، الذي تبرأ منه شباط صراحة في أول خرجة إعلامية له بعد توقيع رئيس الحكومة على قرار التجميد. كما عبر امحند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، والحليف الثاني لرئيس الحكومة، عما اعتبره تسرعا من رئيس الحكومة في التوقيع على القرار، إضافة إلى تذمر نواب الحركة الشعبية في البرلمان من "التهجمات التي يشنها نواب العدالة والتنمية على وزراء الحركة". وعلى نقاشات الأزمة الاقتصادية، يتطلع فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب إلى أن تكون الدورة الربيعية مناسبة لإخراج القوانين التنظيمية الواردة في الدستور إلى حيز الوجود، إذ قال عبد اللطيف أوعمو، برلماني من الفريق، إن "البرلمان مطالب ببذل جهد استثنائي لاستدراك التشريع في القوانين التي مازالت تنتظر الدخول إلى البرلمان"، مطالبا الحكومة بتصفية جميع المشاريع القانونية في الدورة الربيعية. واعتبر أوعمو، في تصريح ل "المغربية"، أن على فرق الأغلبية بالبرلمان أن تشتغل في تنسيق تام مع الحكومة ومع المخطط التشريعي لها، إلا أنه أعطى الأولوية للمصادقة على مشروع القانون التنظيمي للبرلمان، "حتى يصبح البرلمان هو المصدر الأول في التشريع وليس الحكومة". وينتظر أن تنطلق الدورة الربيعية بمناقشة البرلمان وضع الاقتصاد الوطني، ومدى صحة دور صندوق النقد الدولي القاضي بتخفيض ميزانيات الاستثمار بحوالي 15 مليار درهم في حال عدم تحقيق الاقتصاد الوطني نسبة نمو تبلغ 5 في المائة، ومناقشة الإصلاحات التي يجب أن تتخذها الحكومة، والتحديات المطروحة أمامها. وعلى رأس التحديات المطروحة، هناك الظرفية الاقتصادية الصعبة وتحدي الخفض من نسبة العجز الاقتصادي الذي يتجاوز 7 في المائة، ومناقشة الميثاق الوطني للبيئة، والقانون التنظيمي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وإصلاح أنظمة التقاعد، والقانون التنظيمي لمجلس النواب. وبخصوص قرار رئيس الحكومة القاضي بتجميع 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمار، قال عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، في تصريح ل "المغربية"، "ناقشنا الأمر مع نزار بركة، وزير الاقتصاد والمالية، ونجيب بوليف، ووزير الشؤون العامة والحكامة، وبعد أن وضحوا لنا المعطيات، أعتقد أننا نتوفر على إجراءات من شأنها أن تنهض بالاقتصاد الوطني، وأعتبر أن ما جاء في البرنامج الحكومي كاف ليخرج المغرب من الوضعية الاقتصادية الصعبة، وبالتالي، يجب التسريع من وتيرة العمل بصفة إرادية، والتسريع بإنجاز الإصلاحات والأوراش الكبرى".