قال رئيس مؤسسة آنا ليند للحوار بين الثقافات، ومستشار جلالة الملك٬ أندريه أزولاي٬ إن المؤسسة٬ "بتعبئتها لممثلي 1200 منظمة غير حكومية في مرسيليا، قدموا من 43 بلدا وبعقدها هذا المنتدى تزامنا مع انعقاد قمة رؤساء برلمانات الفضاء الأورو متوسطي ورؤساء الجهات والحكومات المحلية٬ تكون خلقت الشروط الضرورية لخطوة تاريخية لفضاء متوسطي مواطن". وأكد أزولاي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "هذا التزامن غير المسبوق يعطي معنى لشعار (مواطنون من أجل المتوسط)، الذي اختارته مؤسسة آنا ليند شعارا لمنتداها٬" مشيدا بحرارة بمارتين شولتز٬ رئيس البرلمان الأوروبي، وميشيل فوزيل٬ رئيس إقليم بروفانس ألب كوت دازور٬ وجون كلود كودين٬ عمدة مارسيليا٬ الشركاء في تنظيم هذا المنتدى الضخم. وشدد أزولاي على أن هذه "الخطوة هي ما يعطي معنى لمنتدانا، بدفعنا إلى التطرق٬ دون مزاجية أو هواجس كاذبة٬ إلى جميع جوانب التعقيد في الفضاء الأورو– متوسطي الحافل بالوعود، والذي تدعو مؤسسة آنا ليند إلى طرحه على "طاولة النقاش المواطن" في مارسيليا. ويرى أزولاي أن ثمة حاجة ماسة لهذا النقاش٬ ليس فقط في المنطقة المتوسطية، التي تحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى٬ لكنه يوجد في قلب انشغالات وانتظارات الدول٬ بالنظر إلى التحولات "غير المسبوقة" التي تعرفها ضفة جنوب المتوسط٬ في الوقت الذي تواجه أوروبا أزمة اقتصادية واجتماعية أدى اتساع رقعتها وارتفاع حدتها إلى تعريض ينابيع النمو للخطر وتقويضها في بعض الأحيان. وأكد أنه "في ظل هذا السياق الذي تطغى فيه العصبية والشكوك على اليقينيات٬ قررت مؤسستنا إعطاء موعد جديد طموح٬ قد يكون متناقضا بالنسبة للبعض٬ لمتوسط يظل في أعيننا مسرحا لكل الأشياء الممكنة". في هذا الصدد٬ أعرب أزولاي عن يقينه بأن "تاريخ منطقتنا سيكتب من الآن فصاعدا انطلاقا من أساس متوسطي استطاع منذ أزيد من سنتين الاستقرار في دينامية لقيم الكرامة والديمقراطية٬ سيكون بإمكانها مستقبلا، بمرور الوقت ومن منظور تاريخي٬ تحديد الأساس الأكثر صلابة وشرعية والذي يعد بشراكة أورو- متوسطية تسود فيها قيم الحرية والتنوع وحب الآخر للمرة الأولى منذ مدة طويلة٬ بضفتي المتوسط على حد سواء. وأضاف أن "هذه القيم العالمية التي طال انتظارها٬ والتي ترسم معالمها اليوم أو كانت موجودة في السابق٬ أحدثت تغييرا جذريا على مستوى الخريطة المتوسطية". وأشار أزولاي إلى أنه "بالتأكيد فإن يوميات منطقتنا ماتزال في كثير من الأحيان تكتب بحروف من دم٬ كما هو الشأن في كثير من الأحيان بالنسبة للتراجعات والتخلف الدخيلين والمدمرين٬ لكن يجب ألا نخطئ٬ فنحن اليوم بصدد إعادة تأثيث المشهد الإديولوجي والمؤسساتي والسياسي بمنطقة المتوسط". وفي معرض جوابه على الذين يقولون بأن منطقة المتوسط ستظل رهينة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قال أزولاي "لا وجود لمتوسط دون فلسطين٬ فالمتوسط لم يتم إحداثه ليكون مطية لإقصاء أحد شعوبه٬ كما هو الحال بالنسبة للشعب الفلسطيني". وبالنسبة لأزولاي فإن "مستقبل المتوسط يقوم على التعايش العادل والأخلاقي لدولتين٬ حيث تسود قيم الحرية والكرامة والعدالة والسيادة لدى الجميع ويفي الجميع بالتزاماته". وخلص أزولاي إلى أنه "لا وجود لحرية بسرعتين٬ وليس هناك حرية إسرائيلية ليست مؤهلة لجميع الفلسطينيين"٬ مضيفا أن القراءة المتبصرة والهادئة لهذه الحقيقة ستكون الخيط الناظم للمنتدى الأورو- متوسطي لمؤسسة آنا ليند للحوار بين الثقافات بمارسيليا. ويلتئم خلال هذا المنتدى، الذي تنظمه مؤسسة آنا ليند للحوار بين الثقافات تحت شعار "مواطنون من أجل المتوسط"، أزيد من ألف منظمة ومؤسسة للمجتمع المدني تابعة للدول 42 للاتحاد من أجل المتوسط للتفكير في مواضيع الحوار بين الثقافات والتعاون، من أجل مجابهة التحديات التي تواجهها المنطقة في أعقاب الربيع العربي والأزمة الاقتصادية بأوروبا. وبحث المشاركون في المنتدى، الذي اختتمت أشغاله أول أمس الأحد، بقمة رؤساء برلمانات الاتحاد من أجل المتوسط٬ التوجهات والتوترات والتحولات بالمنطقة الأورو- متوسطية في سياق الربيع العربي، والأزمة الاقتصادية التي تؤثر على القيم الاجتماعية بأوروبا. كما بحث المنتدى مواضيع "المتوسط سنة 2020: المجتمع والقيم"٬ و"المجتمعات الأورو- متوسطية بين الأصالة والتخلف"٬ و"سيناريوهات من أجل شراكة أورو- متوسطية متجددة"، و"سبل تعزيز المواطنة بين الثقافات والتشاركية"، و"سبل تثمين التنوع وتقاسم القيم الكونية"، و"أي فرص بالنسبة للشباب٬ وأي مجتمعات للغد". وقد تم الإعداد للمنتدى على مدى ثمانية أشهر، من خلال سلسلة من اللقاءات الأورو- متوسطية التي تمحورت حول المواضيع ذات الأولوية٬ من بينها الشباب والنساء والوسائل الإعلامية والهجرة٬ بانخراط مجموعة للإشراف المؤسساتي تابعة للاتحاد من أجل المتوسط والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية.(و م ع)