يرى حسن شواوطة، رئيس الجمعية المغربية لخبراء إدارة النفايات والبيئة، أن الجماعات المحلية غير قادرة على معالجة النفايات دون دعم الدولة موضحا أن عدد المطارح المراقبة في المغرب ارتفع، منذ سنة 2008 إلى حوالي 12 مطرحا مراقبا، وأن الدولة بذلت جهدا كبيرا في مجال إدارة النفايات، مع استمرار تحديات أخرى كبيرة، تتمثل في التزايد المضطرد للنفايات، والمطارح المحدثة تبقى مجرد طمر للنفايات مراقب صحيا. وتحدث شواوطة، في حوار مع "المغربية" على هامش الملتقى العلمي الأول لمجموعة العمل المتوسطية للنفايات بأكادير، عن بعض الحلول لتطوير تدبير النفايات بالمغرب، وعن كيفية التخلص من النفايات وخفض تكلفتها. كيف ترون التجربة المغربية في مجال تدبير النفايات؟ - إن تجربة إدارة النفايات في المغرب مرت عبر مراحل، فهناك مرحلة ما قبل القانون المنظم لتدبير النفايات ومعالجتها سنة 2006، والمرحلة بين 2006-2008، ومرحلة 2008 حتى الآن. للأسف، في مرحلة ما قبل 2006 لم تكن هناك ترسانة قانونية تنظم تدبير النفايات، وبالتالي، كانت الجماعات المحلية تشتغل كل واحدة حسب الحل، الذي تراه مناسبا لها لمعالجة النفايات. بعد ذلك، جاء قانون 2006، الذي وضع أسس تدبير النفايات على أسس قانونية، فبدأت الجماعات المحلية والدولة تنخرط في دينامية جديدة. ولابد من التأكيد على أنه بدون دعم الدولة، فإن الجماعات المحلية غير قادرة بتاتا، بخصوص معالجة النفايات، على الاستثمار في المطارح المراقبة للتخلص من النفايات. وإلى جانب ذلك، جاء البرنامج الوطني لتدبير النفايات الذي يمتد لمدة 15سنة (2008-2023)، الذي خصصت له الدولة 40 مليار درهم، لدعم الجماعات المحلية، التي تريد الاستثمار في هذا القطاع، خاصة ما يتعلق بخلق مطارح مراقبة. إذن، ما الذي تغير بعد سنة 2008؟ - منذ سنة 2008 إلى الآن، ارتفع عدد المطارح المراقبة بشكل كبير، فإلى غاية سنة 2013، أحدثت حوالي 12 مطرحا مراقبا للنفايات على الصعيد الوطني، ما قد يُمكّن، في متم سنة 2013، من التخلص من حوالي 60 في المائة من النفايات في المجال الحضري. ويجب الاعتراف أن الدولة بذلت جهودا في هذا المجال، لكن تبين، خلال العشر سنوات الأخيرة (2002-2012) أننا أمام تحديات أخرى كبيرة، تتمثل في التزايد المضطرد والمتسارع للنفايات، كما أن المطارح التي أحدثت هي عبارة عن طمر للنفايات مراقب صحيا، وهنا تتوقف العملية، بينما هناك مشكل أخر، يتعلق بالتلوث الهوائي، من خلال الغازات المنبعثة من المطارح بمدينة أكادير، فحين تكون الرياح متوجهة صوب المدينة، فإن هذه الروائح تنتقل إليها، وهذا الأمر ينطبق على مدن أخرى. هناك كذلك إشكالية تتعلق بوجود كميات كبيرة من الماء في النفايات المنزلية، تصل إلى 70 في المائة، وللأسف فإن المواطن المغربي، حين يتخلص من هذه النفايات، لا يزيل منها المياه، ما يزيد من كمية العصارة. كما أن 80 في المائة من المغاربة لا يتساءلون أين تذهب هذه النفايات، وكم تكلف الجماعات المحلية. وهناك تحد آخر، إذ أن كل المطارح عبارة عن طمر صحي للنفايات، ما يستدعي منا التفكير، على غرار الدول المتقدمة التي سبقتنا في هذا المجال، سواء في أوروبا أو في حوض البحر الأبيض المتوسط، في كيفية وضع مطارح بشكل جديد، نعالج فيها النفايات معالجة أولية قبل طمرها، وإذا أنجزنا هذه العملية، سننقص من الكمية التي سنطمرها، وسنتمكن من خفض كمية عصارة النفايات، وهذا سيؤدي بدوره إلى خفض كلفة تدبير النفايات. في ما يتعلق بالتكلفة التي تخصصها الجماعات لتدبير النفايات، فهي موجهة للطمر الصحي، ولا تدخل فيها معالجة النفايات، خاصة عصارة النفايات. هل هناك تجارب في المغرب بالنسبة للمطارح المراقبة؟ - أكيد هناك تجارب أنجزت على مستوى بعض المطارح، لكنها تبقى مجرد مبادرات انفرادية للشركات، التي يفوض إليها تدبير هذه المطارح، طبقا لدفتر التحملات. واليوم، حان الوقت لأخذ المسألة بجدية على المستوى السياسي والقانوني. فإذا أخذنا المطارح على غرار دول أوروبا، فقد صدرت دورية سنة 2002 تحث على ضرورة المعالجة الأولية للنفايات قبل طمرها، وهذه المسألة غير موجودة عندنا في المغرب. اليوم، هناك فرص مهمة، فهناك البرنامج الوطني لإدارة النفايات، الذي يمكن استغلاله من خلال إنجاز تجربة أو أكثر في بعض المطارح. وإذا قمنا بالمعالجة الميكانيكية أو المعالجة البيولوجية الميكانيكية، فستكون الميزانية مكلفة بطبيعة الحال، لكننا سنتفادى مجموعة من الآثار السلبية على البيئة، بما فيها الهواء والعصارة. لابد من الإشارة إلى أن مجموعة من المدن المغربية يصعب فيها إيجاد أرض لطرح النفايات، لأن المغرب يسير بسرعتين، هناك سرعة التنمية، وقاطرة التنمية، والمشاريع الاستثمارية، ومشاريع الهيكلة وإعادة الهيكلة للاقتصاد المغربي. لكن، موازاة مع ذلك، لا نواكب هذه السرعة ببرامج نحد من خلالها من الآثار السلبية للنفايات وبالتالي، يجب على جميع المتدخلين التعاون لوضع خارطة طريق، والتفكير بطريقة جدية لمعالجة عصارة النفايات بالمغرب. هل مطرح واحد مراقب في مدينة كبيرة مثل أكادير يعتبر كافيا؟ - هناك ربح على مستوى المطارح وتركيز على مستوى المراقبة، والتوجه اليوم، هو أحداث مطرح واحد على الأقل على مستوى كل إقليم. وإذا قارنا المطرح القديم مع الجديد، فلا وجه للمقارنة، إذ لا يمكن، بتخصيص 80 درهما للطن من النفايات، أن نذهب إلى أبعد مدى في معالجة النفايات، وبالتالي، فإن المعالجة الميكانيكية أو البيولوجية الميكانيكية كانت تجربة ناجعة في أوروبا وجنوب إفريقيا.